شوف تشوف

الرئيسية

أكاديمي جزائري كان صديقا لبنعبود فماتا معا في حادث جوي بكراتشي

حسن البصري
ولد علي الحمامي التيهرتي في مدينة تيارت بالغرب الجزائري سنة 1902، من أب ريفي وأم سوسية. هاجر مع والده إلى المشرق وهو صغير السن، حيث أقام فترة بمدينة الإسكندرية وتعلم في المدارس الفرنسية، وفي سن الشباب عاد مرة أخرى إلى الجزائر.
تؤكد المصادر المتوفرة أن الحمامي كان على قدر كبير من الثقافة والمعرفة من خلال دراسته بتيارت والإسكندرية، ومن خلال عمله الصحافي مع فكتور سبيلمان، وأنه كان يتقن اللغات الفرنسية والإسبانية والإيطالية.
انتقل الحمامي إلى المغرب سنة 1922، ليلتحق بثوار الجزائر في ضواحي وجدة وفي الريف، وقضى فترة قصيرة في مدينة فاس. والتحق بالأمير عبد الكريم الخطابي، حيث مكث معه حتى سنة 1924، وأرخ في ما بعد لنضاله وجهاده خلال هذه الفترة في أعماله الصحافية والأدبية.
زار علي بغداد وعدة بلدان ثم عاد إلى القاهرة. درس مادة التاريخ في بغداد لمدة عشر سنوات بين 1937 و1947. وفي تلك الفترة ألف أشهر كتبه وهو قصة «إدريس» باللغة الفرنسية، والكتاب فيه توعية بمكر الاستعمار، وتحفيز لمقاومته. حين أنهى كتابة المؤلف طلب من عبد الكريم الخطابي المغربي زعيم ثورة الريف، وضع تقديم للكتاب الذي طبع بمصر والجزائر.
زار الحمامي المغرب ونسج علاقات صداقة مع امحمد أحمد بنعبود، حيث تردد عليه في مدينة تطوان، وناقش معه مشروعا لطالما دغدغ وجدانه «القومية المغربية»، وهو مشروع مماثل لقومية الترك والعرب، ولعله كان شديد التأثر بقومية الشام العربية المتميزة بزعامة المسيحي أنطون سعادة، فالوطنية عنده تعلو على الأديان، لأن الوطنية خصوصية أمة، والديانة مشكلة من أمم. هذه بعض من الإشارات لفكر الرجل التي أبرزها في روايته «إدريس». ويقصد علي الحمامي بـ«القومية المغربية» قومية دول المغرب العربي، لذا شبه بطائر محلق جسمه الجزائر وجناحاه تونس والمغرب.
حضر علي مؤتمرا في كراتشي عاصمة باكستان في دجنبر 1949، وساهم بمداخلة قيمة في المؤتمر الاقتصادي الإسلامي، تحدث فيها عن سبل مواجهة التحديات العالمية في الاقتصاد، وخاصة الهيمنة الغربية، وكان ممثلا للجزائر فيه، لكن شاء قدر الله أن يستشهد هو وإخوانه ممثلو الدول العربية أثناء عودتهم من المؤتمر بنكبة طائرتهم في 12 دجنبر.
شاءت الصدف أن يتقاسم مصيره المفجع، وهو يجلس إلى جانب صديقيه المغربي محمد أحمد بنعبود، والتونسي الحبيب ثامر، ويموتوا في أرض باكستان خدمة للإسلام، ما يشير إلى رغبة إلهية في تلاحم المغرب الكبير كوحدة متميزة. ومن بين شهداء الفاجعة الجوية، أيضا، ممثلون عن مصر وسوريا ودول أخرى حضروا المؤتمر الاقتصادي.
وإذا كان علي الحمامي دفن في الجزائر وسط موكب جنائزي مهيب، ونال صفة «شهيد»، إلا أن صديقه المغربي بن عبود منع من الدفن في مسقط رأسه تطوان بقرار من القائم العام الإسباني، ولم تنفع محاولات العديد من الوجوه التطوانية في تليين موقفه، فتم دفن جثمانه في مقبرة سيدي بوعراقية في طنجة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى