شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسية

أسبوع الأشباح

في بحر أسبوع واحد خرج مسؤولون وطنيون ومحليون ليشتكوا من ألاعيب أشباح الإدارات والمرافق العمومية. نقطة البداية كانت مع الخرجة الإعلامية المثيرة لأسماء أغلالو عمدة مدينة الرباط على «القناة الثانية» والتي أكدت من خلالها أن جماعة العاصمة «يا حسرة» تتوفر على 3700 موظف، 200 منهم سيحالون على التقاعد، و1000 موظف يحضرون إلى العمل، في حين أن 2400 موظف عبارة عن موظفين أشباح يتقاضون رواتبهم دون عمل. تلاها تصريح لمصطفى بايتاس، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة، المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، الذي أعلن أن الحكومة عازمة على مواجهة الموظفين الأشباح في الإدارات العمومية.

للأسف نحن في العقد الثالث من القرن الواحد والعشرين، ومازال البلد يعاني تفشي ظاهرة الموظفين الأشباح الذين يتقاضون رواتب شهرية مدفوعة من جيوب دافعي الضرائب من دون عمل أو بذل مجهود. والطامة الكبرى أن ظاهرة الموظفين الأشباح تتسبب في إهدار الميزانية العامة للدولة، حيث تصل بسببها الخسائر إلى أكثر من 10 مليارات درهم، بينما تشير تقارير وتصريحات رسمية لوزراء الوظيفة العمومية السابقين إلى وجود حوالي 80 ألف موظف شبح في الإدارات العمومية ينتمون إلى القطاع العام.

كل الحكومات وعدت بالقضاء على الأشباح الذين لا يحضرون بشكل يومي إلى مقار عملهم، دون تقديم مبررات لهذه التغيبات ودون أن تتخذ الإدارات إجراءات قانونية في حقهم، لكن لا أحد استطاع القضاء على وجودهم ونفوذهم وحصانتهم، كل ما استطاعت الحكومتان السابقتان تحقيقه هو الاقتطاع من أجور الموظفين الذين يمارسون حقهم الدستوري في الإضراب، بينما آلاف الموظفين مضربون بشكل دائم عن العمل وبدون عذر مشروع دون أن تطبق عليهم أحكام القانون بشأن الاقتطاع من رواتب موظفي وأعوان الدولة والجماعات المحلية المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة. 

الجميع يدرك أن أشباح الوظيفة العمومية والجماعات الترابية ليسوا مواطنين عاديين، هم أشخاص محميون من أحزابهم السياسية ونقاباتهم المهنية، لذلك لا يستطيع أي وزير أن يعرض عضو مكتب سياسي على التدابير التأديبية، ولن يستطيع رئيس جماعة يقود تحالفا هشا أن يعاقب مستخدما ينتمي لحزبه أو لأغلبيته، بل هناك من المسؤولين من يقترح على الموظفين البقاء في بيوتهم طيلة ولايتهم تجنبا لصداع رأسهم، وما دام الأمر كذلك فلن نستطيع مكافحة الأشباح بل إن دائرتهم ستتسع. 

اليوم مسؤولية كبيرة أمام غيثة مزور، الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة مكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، لمكافحة الأشباح وإلا ستتحول بدورها إلى شبح حكومي وجودها كعدمه. 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى