يونس جنوحي
«كانت هناك قرية خاضت حربا طويلة ضد الأوروبيين، لأنهم كانوا متعصبين جدا، وكانت الجبال التي يسكنونها وعرة وشديدة الانحدار، ولا أحد كان يجرؤ على الاقتراب منهم. ولكن في النهاية، أرسل النصارى طائرات إليهم وألقت القنابل فوق قراهم. خاف رجال القبائل، وقالوا:
-هذه الأجسام الطائرة من الجن الكافر الذين اتخذهم الأجانب خدما لهم. إنهم يسكنون هذه الطيور الضخمة التي تلقي بيضا يسبب الموت.
لذلك اجتمع كل قادة القبائل للتشاور. ولأن مزارعهم دُمرت وأحرقت عن آخرها، قرروا أن يعقدوا الهدنة.
لكن أحد هؤلاء الزعماء كان شيخا مُسنا، ولم يكن يريد أن يقف أمام أي نصراني، لذلك خاطب ابنه:
-لا أستطيع تغيير طريقي، وحتى إذا فعلتُ، فإنني سأخسر احترام قومي لي. سيجلب هذا الأمر العار لقبيلتنا، لكن يجب أن نعقد الهدنة مع أعدائنا وإلا فإنهم سيقهروننا بسحرهم، وسينصبون ابن عمنا، الذي هو ألد أعدائنا، قائدا على رأس القبيلة.
كان الابن يشاطر أباه الرأي نفسه، لكنه قال:
-كيف يمكن ترتيب هذا الأمر؟
أجابه الشيخ:
-لن أتراجع عن وعدي، وسأقاتل النصارى إلى آخر يوم في حياتي. لكن اذهب، واعقد معهم الهدنة. اختر كلماتك بعناية، وكرد منهم على مساعدتك لهم، سيُعينونك قائدا. ثم قُدهم في اتجاهنا، وسأخرج على رأس القوات، وسيكون سهلا عليك أن تقتلني لأنني أفضل أن أموت على يد مسلم.
عندما أموتُ، سيهرب قومي عائدين إلى قمم التلال، وهكذا ستعقد اتفاقا مع النصارى وستصبح قائدا على القبيلة مكان ابن عمنا الذي سيكون موقفه سيئا.
تم تنفيذ المخطط، وعلم جميع رؤساء القبائل بالخطة ووافقوا عليها.
كيف يُمكن لأوروبي أن يفهم هذه الأمور؟
اشتكى ابن شيخ وادي موسى إلى سيلفستر، وقال له إن والده قُتل وقريته أحرقت، لأن جنودي لم يكونوا قادرين على جمع الضرائب التي طلبتُها. كان هذا صحيحا، لكنه لم يقل إن والده دعا جابي الضرائب إلى منزله وقدم له الطعام والشراب، وقال له:
-استرح قليلا هنا، وسأذهب لأقتاد الثور الذي أريد تقديمه هدية إلى الشريف.
عندما نام الرجل، جاء زعيم القبيلة بفأس يُستعمل لكسر الحجارة وضربه على رأسه. فقد كان هناك ثأر قديم بين عائلة الزعيم وعائلة جابي الضرائب الذي يعمل لصالحي. وهكذا مات خادمي على يد مُضيفه الذي انتقم لدم أحد أبناء عمومته، كان قد أريق عندما كان طفلا، لكن تم هذا الأمر بطريقة سيئة.
إذا جاء عدو إلى منزلك، فإنه يكون آمنا بموجب قانون “الضيافة”، وهكذا فإن شيخ وادي الراس ارتكب جريمتين”.
تكلم بدر الدين مُقترحا:
-هناك أيضا قصة موسى بن حامد.
أجابه الشريف:
-ليس هناك داع لها.
لكني سمعتُ القصة لاحقا من فم السكرتير البدين:
-وقع هذا عندما قررت قبيلة ما ألا تؤدي الضرائب لسيدي الشريف، واعتقلوا بعض جنوده وضربوهم وقطعوا ألسنتهم. مات الرجال في الجبال، وأقسم الشريف أن يأخذ رأسا من العائلة التي تسكن الرياض مقابل كل جندي أصيب. وبعد تلك الواقعة بقليل، أجبرت تلك القبيلة على أداء الضريبة لجنود المْخزْن. ثم بعد ذلك، قام موسى بن حامد، الذي كان رجلا ذكيا لكنه جبان، باختراق الحراس واحتمى لليلة في منزل سيدي الشريف. لم يكن مسموحا بحرمان الضيف من الطعام والشراب. وهكذا عاش معنا عدونا ثلاثة أيام وخدمناه. لكن الشريف لم يقبل أن يراه وخصصت له غرفة ليجلس فيها وحيدا. والله، لم تكن هناك أي طريقة للتخلص منه، لكن في الأخير عادت المْحْلّة برأسي أخويه وابنه. بينما كان نائما، دخل عليه أحد العبيد الغرفة ووضع أمامه أحد تلك الرؤوس. وكانت العينان محشوتين بالأعشاب، وهو ما كان يُعتبر إهانة وشتيمة. لم يقم موسى بن حامد بأي حركة، وبقي رأس ابنه موضوعا أمامه طوال الليلة الموالية، لكن الضيف لم ينبس بكلمة ولم يمتنع عن تناول طعامه.
نافذة: أحد الزعماء كان شيخا مُسنا ولم يكن يريد أن يقف أمام أي نصراني لذلك خاطب ابنه:
-لا أستطيع تغيير طريقي وحتى إذا فعلتُ فإنني سأخسر احترام قومي لي سيجلب هذا الأمر العار لقبيلتنا لكن يجب أن نعقد الهدنة مع أعدائنا