أبناء المملكة يحكمون مغاربة تقلدوا مناصب بالحكومة الفرنسية
وفقًا لتقرير صادر عن منظمة العمل الدولية، فإن نسبة الهجرة من المغرب بلغت 10.5 في المائة من إجمالي عدد السكان، أي ما يعادل حوالي 3 ملايين شخص. وتشير الإحصائيات إلى أن الكفاءات المهاجرة تشمل الأطباء والمهندسين والعلماء والباحثين والخبراء في مختلف المجالات.هذه الكفاءات سيتم استقطاب كثير منها لعالم السياسة، ومنها كان العبور إلى ضفة السلطة، كان لأوروبا النصيب الأوفر من هذه المعطيات الإحصائية.
لكن ليس كلهم هاجروا بحثا عن مصدر رزق، فكثير منهم درسوا في فرنسا بعد أن حملوا جنسيتها دون التنكر للأصول المغربية طبعا.
حين اقترح رئيس الوزراء الفرنسي ميشال بارنييه على إيمانويل ماكرون 38 اسما في تشكيلة الحكومة المنقحة، بحث الإعلام العربي عن الوزراء الذين تمتد جذورهم لدول عربية، وبات الاعتزاز بالانتماء لحكومة فرنسا مكسبا سياسيا لهذه الدول.
بقدر ما انتشى المغاربة بالحضور المغربي في الحكومة الفرنسية بالقدر الذي عاشت فيه دول عربية أخرى نفس الشعور، فقد سلط الإعلام الجزائري الضوء على وزيرتين من أصول جزائرية في حكومة ماكرون وهما: صبرينة أغريستي روباش الوزيرة المكلفة بالمدينة وفضيلة خطابي، وهي الوزيرة المنتدبة لدى وزارة التضامن والعائلات والمكلفة بالأشخاص ذوي الإعاقة. بنفس الاعتزاز تحدث الإعلام التونسي حين عين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزير التعليم السابق غابرييل عطال وهو ذو أصل يهودي تونسي، في منصب قيادي بالحكومة الفرنسية لم يعمر فيه طويلا.
الحضور المغربي في الحكومات الأوربية يتجسد أيضا في دول تعرف تدفقا للعرب والأفارقة على غرار بلجيكا وهولندا ودول أخرى.
الوجود العربي والمغاربي في الحكومات الأوربية يستند إلى طبيعة الحزب، إذ يحسب لحزب العمال أنه أول من فتح الباب أمام تقبل المشهد السياسي البريطاني لتقلد سياسيين بريطانيين من أصول عربية لمناصب وزارية، مثل الوزير شهيد رفيق مالك وسعيدة وارسي وآخرين.
حسن البصري
ولد الصباغ يصبح المسؤول الأول عن الرقمنة بفرنسا
هو شاب فرنسي من أصول مغربية، عرف بنبوغه في عالم الإنترنت منذ صغره، فأصبح مسؤولا حكوميا على الجانب الرقمي للرئيس الفرنسي مانويل ماكرون خلال ترشحه للرئاسيات الفرنسية 2017، وعينه بعد فوزه في منصب كاتب الدولة المكلف بالرقمنة في حكومة إدوارد فيليب.
اكتشف الفرنسيون خلال الحملة الانتخابية الفرنسية، وجها جديدا في فريق إيمانويل ماكرون، وهو الشاب منير محجوبي الذي أطلق عليه معارضو الرئيس الفرنسي لقب «مزين ماكرون».
ولد منير محجوبي في فاتح مارس 1984 في باريس، من عائلة متواضعة هاجرت من المغرب إلى فرنسا في سبعينات القرن الماضي. وكان والده يعمل في طلاء البيوت، أما والدته فكانت عاملة منزلية.
ظل منير يتردد على المغرب رفقة أسرته، وحين أصبح فتى يافعا انشغل بالمجال الرقمي الذي كان يستهويه، حيث التحق بشركة «كلوب إنترنت» التي كانت من أولى شركات تزويد خدمة الإنترنت في فرنسا.
بعد حصوله على شهادة الباكلوريا، التحق الشاب منير بجامعة السوربون لدراسة الحقوق، ليلتحق بعدها بكلية العلوم السياسية، حيث حصل على شهادة الماجستير في المالية، وكذلك بالجامعة البريطانية كامبريدج، حيث استكمل دروس العلوم السياسية. توجه محجوبي للولايات المتحدة باحثا زائرا لمدة عام واحد في مجال العلوم السياسية والاتصال بجامعة كولومبيا بمدينة نيويورك، لكنه لم يتوقف عند هذا الحد فقد عرف في وسطه الأسري بولعه بعالم الطبخ أيضا، وهو الحاصل على شهادة تأهيل في الطبخ.
انخرط في مجال إنشاء المقاولات الصغرى، حيث شارك في بعث عدد من هذه المؤسسات كشركة «فاير سانس» وموقع تجاري على الإنترنت لبيع الملصقات، وشركة «المكتب الباريسي» وهي شركة تساعد المجموعات الصناعية على الابتكار الرقمي.
على المستوى السياسي، انضم منير محجوبي إلى اليسار حيث التحق بالحزب الاشتراكي الفرنسي منذ سنوات شبابه الأولى، وفي 2006 شارك في الحملة الرقمية للمرشحة الاشتراكية سيغولان رويال خلال الحملة الانتخابية الرئاسية رفقة ابنها توماس هولاند.
كما ساند المرشح فرانسوا هولاند ليشارك في حملته رقميا، وفي 2016 عينه هولاند رئيسا للمجلس الوطني للرقمنة، وهو هيكل استشاري يعنى بالتأطير الرقمي، لكنه سيستقيل من هذا المنصب في يناير 2017 ليلتحق بحركة إيمانويل ماكرون السياسية الناشئة حينها «إلى الأمام».
لثقته الكبيرة في هذا الشاب المغربي سيفوض ماكرون تدبير حساب الرئيس على «تويتر» لمنير، وكذلك الموقع الرسمي على الإنترنت. وبعد فوز ماكرون ظهر اسم منير محجوبي في لائحة الحركة الجديدة «الجمهورية إلى الأمام» التي رشحته لخوض الانتخابات التشريعية.
منير محجوبي تنتظره تحديات كبرى على رأس منصبه الجديد على رأس القطاع الرقمي في فرنسا، ومن بينها تطوير هذا القطاع ومرافقة التحول الرقمي للشركات المتوسطة والصغرى الفرنسية وكذلك ترقيم خدمات الدولة.
نصرو.. فتى بيضاوي دخل السياسة من الهوامش الباريسية
ولد عثمان نصرو سنة 1987 بمدينة الدار البيضاء، ووضع نصب عينيه مجال التدبير وإدارة الأعمال وهو طالب في العاصمة الاقتصادية.
ما أن أتم نصرو حياته العلمية بالدار البيضاء، حتى انتقل في المرحلة الثانوية للدراسة في فرنسا، ليلتحق بمدرسة سانت جينفييف بفيرساي، ثم التحق بجامعة إتش إي سي باريس عام 2007، وتخرج منها عام 2012، وحصل على الجنسية الفرنسية في يونيو من نفس العام.
وفي باريس، انخرط في السياسة في سن مبكرة جدًا، لم يكن في حاجة لتجربة طويلة وسند قواعد حزبية ليصبح عنصرا أساسيا في تشكيلة ماكرون، إذ عين عثمان نصرو، وزيرا مكلفا بالمواطنة ومحاربة التمييز.
في عام 2015، تم انتخاب وزير الدولة الجديد لشؤون المواطنة مستشارًا إقليميا، قبل تعيينه نائبًا لرئيس منطقة إيل دو فرانس (منطقة باريس)، مكلفًا بالسياحة والشؤون الدولية، وبعد عامين تولى عثمان نصرو منصب رئيس مجموعة الأغلبية في المنطقة، ثم بعد ذلك بعامين، أصبح نائب رئيس سان كوينتان أون إيفلين المكلف بالتنمية الاقتصادية. وفي عام 2020، تم انتخابه نائبًا لرئيس منطقة إيل دو فرانس، مكلفًا بالشؤون الأوروبية والدولية، وهو المنصب الذي قضى فيه عاما واحدا ليتم تعيينه نائبا لرئيس منطقة إيل دو فرانس مكلفا بالشباب والوعد الجمهوري والتوجيه والإدماج المهني والتعليم العالي والبحث، وبهذه الصفة دخل الانتخابات مدعوما بشباب الهوامش.
ويقول عثمان نصرو إنه «فخور دائما بأصوله المغربية، حيث يجسد جيلا ناشئا من القادة السياسيين المتحمسين العازمين على الدفاع عن قيم التنوع والاندماج داخل المجتمع الفرنسي».
رشيدة داتي بنت سباتة.. من العدل إلى الثقافة
أثار تعيين رشيدة داتي المقربة من ساركوزي وزيرة للثقافة في حكومة ماكرون الجدل، بعد التعديلات التي قام بها الرئيس الفرنسي في حكومته، بعدما أعلن عن تعيين السياسية اليمينية المخضرمة، رشيدة داتي خلفا لريما عبد الملك، ذات الأصول اللبنانية، على رأس وزارة الثقافة، إذ تعيش داتي منذ سنة 2021 ما وصفه البعض «بأصعب فترة في مسيرتها السياسية»، بعدما وجهت لها تهم أخلاقية.
رفض العديد من الفرنسيين تربع شخص متابع قضائيا على رأس وزارة ما، حيث وجهت سنة 2021 لرشيدة داتي تهم «الفساد» و«التستر على استغلال السلطة» على خلفية تحقيق بشأن تقديمها خدمات استشارية لمدير مجموعة «رينو- نيسان» السابق كارلوس غصن عندما كانت نائبة في البرلمان الأوروبي، وذلك بعد أن حاولت تجنب الملاحقة القضائية لأشهر عديدة. لكن رشيدة ليست هي الوحيدة والوقوف أمام القضاء لا يعني الإدانة، إذ سبق أن عين إريك دوبوند موريتي وزيرا للعدل حين كان متابعا قضائيا.
تنتمي رشيدة لحزب الجمهوريين اليميني، شغلت منصب وزيرة العدل في حكومة نيكولا ساركوزي، كانت محل نقاش كبير، لكن الرئيس إيمانيول ماكرون تشبث بتعينها، خاصة وأن رئيس حزبها قال لوسائل إعلام فرنسية «داتي وضعت نفسها خارج عائلتنا السياسية»، وأضاف«نحن في المعارضة، لذلك نأسف لعواقب اختيارها».
تمكنت رشيدة داتي، المولودة عام 1967، من أن تفرض نفسها، منذ التسعينات من القرن الماضي، في المشهد السياسي الفرنسي، وحين شغلت منصب وزيرة العدل في حكومة الرئيس ساركوزي، كانت أول مهاجرة تصل إلى هذا المنصب الرفيع.
ترتبط رشيدة بالمغرب وجدانيا وتحرص على زيارة مسكن والدها في حي سباتة وزيارة قبر والدتها في مقبرة الحي، كما تحرص على قضاء جزء كبير من عطلتها الصيفية في منطقة دكالة معقل أسرتها، ومتابعة المهرجانات الصيفية التي تقام بالمناسبة كما شاركت في أكثر من مناسبة في مراسيم افتتاح موسم مولاي عبد الله أمغار، الذي يعد من أهم مواعد عشاق الفروسية على الصعيد الوطني، وذلك بالجماعة القروية لمولاي عبد الله.
وشوهدت رشيدة وهي تقدم شروحات مستفيضة لابنتها زهرة، والتي كانت ترتدي زيا مغربيا، حول العادات والتقاليد المغربية، والمغزى من المواسم وأهمية «الفانتازيا» في حياة المغاربة.
للإشارة فإن عائلة رشيدة ذاتي تعيش في الدار البيضاء، وتحديدا في حي سباتة الشعبي، «جميلة 5»، قبل أن ينتقل عدد من أفرادها تباعا إلى فرنسا للإقامة هناك، دون أن يخلفوا الوعد مع المغرب الذي يترددون على زيارته سنويا.
أودري أزولاي.. مغربية الجذور حملت حقيبة الثقافة واليونسكو
من مواليد عام 1972 في باريس، وهي تنحدر من عائلة مغربية يهودية من مدينة الصويرة، ووالدها هو أندري أزولاي مستشار ملك المغرب محمد السادس ومن قبله مستشار والده الحسن الثاني. حاصلة على درجة الماجستير في إدارة الأعمال في المملكة المتحدة، ومتخرجة في المدرسة الوطنية للإدارة، فوج 2000 والذي أطلق عليه فوج « ابن رشد».
اشتغلت قاضية في محكمة مراجعي الحسابات، وكانت رئيسة مكتب قطاع الإذاعة العامة في هيئة تنمية وسائل الإعلام في الفترة ما بين 2000 إلى 2003. وانضمت في 2003 إلى المركز الوطني للسينما، تم تقلدت مسؤوليات المندوبة العامة للقطاع السمعي البصري والرقمي.
وفي يونيو 2014، عينت عضوا بالمجلس الأعلى للثقافة والاتصال في قصر الإليزي، قبل أن يتم تعيين ابنة المستشار الملكي أندري أزولاي، في منصب وزيرة الثقافة والاتصال، في إطار تعديل وزاري لحكومة مانويل فالس.
أجمعت الصحافة الفرنسية على أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ظل يدعم وصول أول يهودية مغربية إلى منصب مدير عام اليونسكو. خاصة وأن أزولاي تتمتع بكاريزما مميزة، بل تملك قدرة هائلة على الإقناع، لذا تفوقت في اقتراع اليونسكو على منافسها القطري حمد بن عبد العزيز الكواري، وأصرت على أن تخلف امرأة إمراة أخرى، فتأتى لها الجلوس على كرسي المسؤولية خلفا للبلغارية إيرينا بوكوفا التي تولت المنصب عام 2009.
تنحدر أزولاي من عائلة مثقفة جعلت من مدينة الصويرة قلعتها، والثقافة الإنسانية مشتلها حيث عاشت عن قرب إصرار والدها على إقامة قداس ثقافي سنوي في الصويرة، أما والدتها وعمتها فكانتا كاتبتين وعملتا في قطاع الصحافة، وتتحدث أزولاي الفرنسية والإسبانية والإنجليزية والعربية والعبرية.
مريم الخمري.. وزيرة للتشغيل في العاصمة باريس
نشأت مريم الخمري في العاصمة الرباط وانتهى بها المطاف وزيرة للتشغيل في العاصمة الفرنسية باريس، بعد المرور عبر مجموعة من المحطات من طنجة إلى لي دو سيفر ثم بوردو. في 18 فبراير 1978 ولدت مريم في الرباط وسط أسرة ميسورة نسبيا حيث كان والدها يمارس التجارة ويتطلع إلى البحث عن أسواق جديدة في أوربا، وعاشت في وسط يؤمن بالدراسة والتعلم لأن والدتها كانت فرنسية الجنسية لكنها تدرس اللغة الإنجليزية، فقد ساد البيت جو التعلم، في ما كانت مريم تقضي وقتها في القراءة وممارسة هواية ركوب الدراجة.
انتقلت الأسرة الصغيرة المكونة من الأب والأم وثلاثة أبناء أوسطهم مريم إلى مدينة طنجة، للضرورة المهنية. أمضت مريم كامل طفولتها بالمغرب، ثم سافرت وعمرها تسع سنوات مع والديها إلى فرنسا، بعد أن قررت الأم العودة إلى بلادها، ورافقها زوجها والأبناء، هناك تابعت البنت تعليمها الثانوي، ثم أتمت تعليمها العالي بجامعة «السوربون» في اختصاص القانون العام.
واصلت مريم مشوارها بعد نهاية دراستها الجامعية، حيث التحقت ببلدية في الدائرة الـ 18 بالعاصمة الفرنسية لتصبح عضوا في «الحزب الاشتراكي». بعد ذلك، التحقت ببلدية باريس حيث أسندت لها مهمة الأمن والوقاية من المخاطر الأمنية من قبل العمدة السابق، برتران دو لانوي، قبل أن تتقلد منصب المتحدثة الرسمية باسم العمدة آن هيدالغو خلال حملتها الانتخابية سنة 2014.
قال عنها زوجها إنها «امرأة براغماتية وفاعلة ومتفائلة، وهي ناجحة ترسم أهدافا وتسعى لتحقيقها، ثم إنها شخصيّة بشوشة ونزيهة وتجيد التعامل مع كل العاملين معها، وهي لا تظهر طموحا كبيرا أو لهفة على السلطة».
حين التحقت الخمري بالحكومة في شهر غشت 2014 في منصب كاتبة دولة مكلفة بسياسة المدينة، أو عندما تم تعيينها وزيرة للعمل في حكومة مانويل فالس بدل فرانسوا رابسمان، ظل الزوج متمسكا بحق الاختفاء عن الأنظار والابتعاد عن الأضواء، بل إنه رفض حضور أكثر من لقاء إعلامي يراد به تسليط الضوء على هذا «الكوبل».
سارة الحيري.. الوزيرة المتحررة الأكثر عرضة للجدل
ولدت سارة الحيري سنة 1989 ذات الأصول المغربية في الدار البيضاء حصلت على شهادة البكالوريا في نفس المدينة ثم انتقلت إلى فرنسا هناك ستحصل على الجنسية الفرنسية بعد أن شرعت في استكمال دراستها الجامعية، هناك ظهرت عليها أعراض القيادة لتصبح قيادية طلابية وتدخل نفق السياسة من خلال «الحركة الديمقراطية» التي تمثل جزءا من تحالف «معا» بقيادة ماكرون.
سيفاجأ مكتب الإليزيه الرأي العام الفرنسي، في بيان صحفي له، يبشر المغاربة والفرنسيين بتعيين الفرنسية من أصل مغربي سارة الحيري، ابنة الدكتور عبد الإله الحيري، القاطن بمدينة الدار البيضاء، في منصب كاتبة الدولة لدى وزارة الشباب الفرنسية.
كما اختار ماكرون لوزارة الدولة الجديدة للتنوع البيولوجي سارة الحيري، ذات الأصول المغربية، والتي استطاعت التدرج في مسؤوليات مماثلة فقد شغلت في يوليو العام 2022 منصب وزيرة الدولة المسؤولة عن الشباب والخدمة الوطنية الشاملة في حكومة إليزابيث بورن.
وتعد الحيري مدافعة قوية عن العلمانية في فرنسا. وكانت في مقدمة المنتقدين للحملة الأوروبية التي تعتبر الحجاب جزءا من حرية المرأة، وارتدائه يدخل ضمن الحريات المكفولة قانونا في الدول الأوروبية.
وتعد وزيرة الدولة للشباب سابقا، والقيادية في حزب «الحركة الديمقراطية» وأصغر وزيرة في الخدمة، من أكثر الوزيرات تعرضا للانتقادات، التي لا تسلم منها القيادات المهاجرة خاصة إذا اقتربت من دائرة القرار السياسي.
في الزيارة الأخيرة لماكرون إلى المغرب، كانت الحيري ضمن لائحة مرافقي الرئيس الفرنسي.
نجاة بلقاسم.. بنت بني شيكر تدخل قصر الإيليزي
من شدة ارتباطها بالمغرب قامت نجاة فالو بلقاسم، وزيرة حقوق المرأة ووزيرة التعليم في فرنسا سابقا، بتهنئة ثلاث نساء مغربيات تمكن من الفوز بعمودية ثلاث مدن مغربية كبرى، قبل أن تنشغل بالبحث الأكاديمي بعيدا عن السياسة.
توقف القصف الذي استهدفها منذ سنة 2014، حين شنت وسائل الإعلام اليمينية الفرنسية، حملة عنصرية ضد مغربية الأصل نجاة بلقاسم، مباشرة بعد تعيينها على رأس وزارة التعليم في الحكومة الفرنسية. تقول نجاة إن العنصرية تتربص بالناس ولا تتصدى لهم إلا إذا جلسوا على كراسي الشهرة.
شبهت مجلة «القيم الحالية» نجاة بـ»آية الله»، فقط لأصولها الإسلامية، واعتبرت تعيينها على رأس قطاع التعليم مخاطرة واستفزازا لمشاعر الفرنسيين. لكن الهجمات ضدها بدأت سنة 2012، حين تم تعيين نجاة وزيرة لحقوق المرأة وناطقة رسمية باسم الحكومة الفرنسية عقب فوز فرانسوا هولاند في الانتخابات الرئاسية.
كان لزوج بلقاسم بدوره نصيب من المناصب التابعة للحكومة الجديدة حيث تم تعيينه مديرا لديوان وزير التقويم الإنتاجي. بعد ذلك انتقلت الأسرة الصغيرة إلى شقة خاصة وضعت رهن إشارة الوزيرة الجديدة، التي وبالرغم من حرصها الشديد على الفصل بين عملها ووظيفتها كربة أسرة وأم، إلا أنها لم تسلم من صحافة اليمين الفرنسي.
ولأنها وزيرة عربية فقد تعرضت لهجمات عنصرية وصلت حد ترويج خبر انفصالها عن زوجها بوريس فالو، بمبرر أن اسمها في «تويتر» لا يتضمن «فالو»، وهو اسم الزوج الذي سقط سهوا من حسابها على «تويتر» ففجر جدلا في مواقع التواصل الاجتماعي، لكنها ردت تلفزيونيا، حين قالت: «حسابي على موقع التواصل الاجتماعي يعود إلى 6 سنوات، في الوقت الذي أنشأت الحساب لم تكن المساحة كافية لوضع اسمي الثلاثي بالكامل فاكتفيت بـ«نجاة بلقاسم»، لتختم بأنها لم تنفصل عن زوجها.
ورغم أن نجاة هاجرت من قرية بني شيكر بالناظور في الريف المغربي، إلى فرنسا سنة 1982 وعمرها لا يتعدى الخمس سنوات، إلا أن هذه المدة لم تمكنها من المناعة التامة ضد الميز العنصري. حصلت نجاة سنة 1995، على شهادة الإجازة في علم الاجتماع الاقتصادي، لكنها قررت استكمال المشوار، حيث التحقت بمعهد الدراسات السياسية في أميان، وحصلت سنة 2000 على شهادة في القانون الدولي، مما جعلها تعبر صوب المحاماة ضدا على رغباتها وميولاتها، إذ كانت تمني النفس بمنصب حكومي لكنها فشلت مرتين في ولوج المدرسة الوطنية الإدارية.
صدر لها كتاب سنة 2010 عن التعددية وتكافؤ الفرص، ويبقى كتابها «دليل أيضا» من أكثر الكتب مبيعا.
ستراوس.. قصة طفل نجا من زلزال أكادير فدخل القصر الفرنسي
يعرف في الأوساط السياسية باسم «ديسكا»، وهو اختصار لاسمه الكامل دومينيك ستراوس كان. وهو واحد من الشخصيات النافذة في عالم المال والأعمال والاقتصاد والسياسة، وصاحب شعبية كبيرة وواسعة لدى الفرنسيين.
ولد في نويي سور سين، القريبة من باريس سنة 1949، من عائلة يهودية ترجع أصولها إلى مدينة تونس، لكنه عاش سنوات طفولته في المغرب، وبالضبط في مدينة أكادير، التي غادرها مباشرة بعد الزلزال الذي ضربها سنة 1960، متوجها نحو موناكو، حيث تلقى تعليمه الثانوي، قبل أن يغادرها نحو باريس، حيث درس في معهد «كارنو» الشهير، ليلتحق بمعهد الدراسات السياسية ويتخرج منه سنة 1972، وهو يتأبط الدكتوراه في العلوم الاقتصادية من جامعة غرب باريس.
دخل ستراوس كان السياسة من باب الحزب الاشتراكي الفرنسي، وتقلد العديد من المناصب والوزارات، من بينها وزارة الصناعة والتجارة الخارجية، وعمودية مدينة سارسيل وحقيبة الاقتصاد والمالية والصناعة، قبل أن يقرر الترشح لرئاسة الجمهورية الفرنسية، ثم ينسحب ليترأس البنك الدولي، أقوى منظمة اقتصادية عالمية.
صحيح أن اسمه ورد بفضيحة فندق «كارلتون»، بعدما اتهمته عاملة فندق في الولايات المتحدة الأمريكية باغتصابها، وهي الفضيحة التي أطاحت بمستقبله السياسي، بعدما تم اعتقاله والحكم عليه بدفع تعويض للضحية.
ورغم أنه عاش طفولته في سوس، إلا أن دومينيك كان على امتداد حياته عاشقا لمدينة مراكش، التي اختارها لقضاء فترات استراحته، كما سبق أن زار المغرب بشكل رسمي، خلال منتدى التنمية البشرية في نونبر 2010 بأكادير، ورفض أن ينعت بصديق المغرب، بل أصر على كونه مغربيا.
ونقلت صحيفة «لو باريزيان» الفرنسية، عن أحد أقارب كان، تأكيده الزواج للمرة الثالثة من سيدة لها أصول مغربية.
ميشال جوبير.. المكناسي الذي حكم فرنسا
في مدينة مكناس يمكنك أن تجد لهذا الرجل فضاء يخلد اسمه ويحفر ذكراه في نفوس المغاربة، إنه المركز الثقافي ميشال جوبير الذي يجمع بين الفينة والأخرى المثقفين في لقاءات تطرد الكساد الفكري عن مدينة أفلست فيها الثقافة والرياضة.
ولد جوبير عام 1921 بمكناس، وكان والده مهندسا زراعيا شارك في الحرب العالمية الأولى، فتعرض لإصابة بالغة. لم يكن الطفل ميشال يعرف فرنسا إلا من خلال ما يرويه والده ووالدته من ذكريات، لكنه، مع مرور الأيام، بدأ يكتشف تدريجيا سر وجوده في بلد آخر، حيث عاش عن قرب معاناة المغاربة وفقرهم تحت الاستعمار الفرنسي، فأحب هذا الشعب العربي وأحسن عشرة الثقافة العربية ما طبع سلوكه ومواقفه حين تحمل المسؤوليات الكبيرة في بلاده، وإلى آخر لحظه في حياته.
قضى طفولته وشبابه في المغرب، ودرس في مؤسسات تعليمية بفاس مخصصة لأبناء الأعيان، وحين حصل على شهادة الباكالوريا سافر بقرار من أسرته إلى فرنسا ليتابع دراسته الجامعية في المدرسة الحرة للعلوم السياسية في باريس حيث اختار مهنة المحاماة، وخلال العطل الدراسية كان يعود مسرعا إلى مكناس.
تقلد جوبير عدة مناصب في فرنسا، ومن عجائب القدر أن جوبير فارق الحياة في مستشفى باريسي يحمل اسم جورج بومبيدو، وهو الرئيس الذي كان بمثابة ظله لسنوات طويلة، حيث شغل منصب مدير مكتب جورج، عندما كان هذا الأخير رئيسا للحكومة الفرنسية، في عهد الجنرال شارل ديغول. وبعد انتخاب بومبيدو رئيسا للجمهورية، أصبح جوبير أمينا عاما للرئاسة، وهو منصب استراتيجي من الطراز الأول لأنه يتيح لصاحبه الاطلاع على كل الملفات الداخلية والخارجية، بما في ذلك الملفات الحساسة. ومن هذا المنصب، انتقل ابن مكناس إلى وزارة الخارجية حيث أظهر براعة دبلوماسية نادرة ورؤية لدور فرنسا ولقدرتها على لعب دور دبلوماسي آخر.
عاد لممارسة المحاماة إلى أن اختاره فرانسوا ميتيران وزيرا للتجارة الخارجية، وكان له شرف المشاركة في تعديل دستور الجمهورية الفرنسية، وكلما غادر بوابة الحكومة توجه إلى مكتبه وارتدى بذلة المحاماة.
تختزل شهادة وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، هنري كيسنجر، شخصية جوبير، فقد قال عنه إنه الوحيد الذي يشبهه من بين وزراء الخارجية الذين يعرفهم، رغم أن ميشال وجه انتقاداته للولايات المتحدة ولسياستها في العالم، وكرس أحد كتبه، وهو بعنوان «الأمريكيون»، لنقد منهجي لا يرحم للتوجهات السياسية الأمريكية.
مرة سأل الرئيس ريتشارد نيكسون وزيره في الخارجية هنري كيسنجر وقال له بغضب: «من هو هذا الرجل الفرنسي قصير القامة الذي يقف كالشوكة في حلقي..؟»، فرد عليه كيسنجر: «إنه ميشيل جوبير وهو مولود بمدينة مكناس بالمغرب. وأنا أرتاب في أمره، فلعله عربي متنكر في زي فرنسي».
توفي ميشال جوبير في 25 ماي 2002، بسبب نزيف في الدماغ عن سن يناهز الواحد والثمانين عاما. وفي تأبينه حضر المغرب بعد الإجماع على كونه من أعز أصدقاء الحسن الثاني، بل إنه كتب الكثير عن المغرب وله مؤلف بعنوان: «المغرب في ظل يديه».