ويستمر الأمل..
عندما تم الإعلان عن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في بداية سنة 2005، تم طردي من النقابة الوطنية للصحافة المغربية ظلما، بعد ست سنوات من العمل بدون تصريح في مكتب الشغل وبدون ضمان اجتماعي.. اشتغلت لعدة سنوات مع النقابيين والسياسيين والحقوقيين، أفنيت شبابي في خدمتهم وخدمة نضالهم الزائف وأنا أمني النفس بتسوية وضعيتي المهنية. سنوات وأنا أكد وأجتهد بصبر وتفان في ظروف غير سليمة، واجهت فيها المشاكل والابتزازات القذرة بالصبر والتحدي، وحاولت جاهدة التغلب على الضغوطات والتحرش النفسي المستمر، محاولات انتهت بالفشل وبالطرد التعسفي وبالتوقيف والتهميش.. سنوات وأنا أسير خلف مدعي النضال من أجل حقي في الشغل، مللت فيها الوعود الكاذبة والتسويفات المخدرة لبعض السياسيين؛ مرورا بنقابة الصحافة وبنادي الصحافة ثم بحزب الاستقلال قضيت سنوات من الانتظارية نسيت فيها أن أعتني بنفسي وأهلكت فيها صحتي في سبيل وضعية مهنية قارة أو إدماج في الوظيفة العمومية ولو بأجرة هزيلة ومعاش تافه يقيني رغم هزالته مهانة الاتكال على الغير..
هأنذا بعد 17 عاما من العمل أقف على الحقيقة المرة، أدور في حلقة مفرغة، بدون وضعية مهنية قانونية وحتى الاجرة الشهرية التي كانت عبارة عن تعويض قدره 1500 درهم تم توقيفها، في عهد مناضل القرب، النقابي المثير للجدل حميد شباط، منذ أن خرج الحزب من الحكومة ضاعت حقوقي المؤقتة التي استفدت منها لمدة كموظفة بديوان الوزير نزار بركة، بعدها لم أعد أتوفر لا على ضمان اجتماعي ولا ترقية ولا حتى أبسط حقوقي المتمثلة في شهادة العمل، طلبتها من أجل تجديد جواز سفري، لمدة سنة والمدير المركزي للحزب الذي أشتغل به يرفض إمدادي بها، ويحيلني على مدير ديوان رئيس الحزب الذي رفض بدوره إمدادي بالشهادة ناصحا إياي بلكنة تهكمية تطبعها السخرية: أنه من الأفضل لي أن أضع في خانة العمل: «بدون»، هكذا أنتهي من موضوع شهادة العمل وصداع الرأس..
لا يمكن لي إلا أن أغضب وأنا أرى رئيس الحكومة يتبادل القفشات مع مناضلي حزبه وعلى المنابر الخطابية، يتكلم عن الصاحبة التي تُفرغ جيب الرجل وعن الزوجة التي تحافظ على مال الزوج، وأنا لم يكن لي الوقت لا للصحبة ولا للزواج.. لا يمكن لي إلا أن أغضب وأنا أرى بعض السياسيين يستغنون، على نفس منوال الأغنياء الجدد ينافسون ويجارون علية القوم في رغد العيش.. يسبحون في الترف ويتمنون الغوص فيه.. ينعمون بالحياة الهانئة، يتباهون بالسيارات الفاخرة وبلباسهم «السينيي» وبالرحلات حول العالم، والإقامات في الفنادق المصنفة.. يتباهون بنجاحات أبنائهم المدللين في الدراسة، وبكثرة مستخدميهم ومريديهم، وبنضالهم المشبوه، ووظائفهم المتعددة التي تُدر عليهم الأموال التي طالما غذت أحلامهم الصغيرة مذ وطأت أقدامهم الطموحة في بداية التسعينيات الرباط العاصمة: مدينتي، مدينة الأحلام المنكسرة والأحلام الممكنة التي تحققت بقدرة قادر لبعض انتهازيي العهد الجديد، الذين لا يرف لهم جفن وهم يدعون الحلال والنضال حبا في الله، وفي الوطن والملك.. يدعون النزاهة والشجاعة في محاربة الفساد والمفسدين والدفاع عن الفقراء والمقهورين والمظلومين، في حين هم أكبر المتواطئين مع الفساد وأحط المستفيدين منه مع المُفسدين، قناعتهم واحدة: مراكمة الأموال والاستمتاع، ومبدؤهم واحد: أنا وجيبي وبعدنا الطوفان. وأثناء هذا الوقت، يتسامح بنكيران «البكاي» مع شباط «الشتام» دنيا وآخرة، وأنا لا أسمح لا للأول ولا للثاني لاستخفافهما بحقي كعاملة، الأول أعفاني وزيره في المالية من مهامي ككاتبة بديوانه، والثاني نصب علي بادعاءاته النضالية قبل أن يُوقف أجرتي الشهرية..