محمد اليوبي
كشف وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أمام لجنة العدل والتشريع، أن وزارة العدل بصدد إخراج مشروع قانون يتعلق بإحداث الوكالة الوطنية لتدبير وتحصيل الأموال والممتلكات المحجوزة والمصادرة والغرامات. ويأتي هذا القرار في ظل ارتفاع أحكام مصادرة وحجز ممتلكات وأموال متابعين في ملفات الفساد من طرف الأقسام المتخصصة في جرائم غسل الأموال المحدثة بالمحاكم الابتدائية بكل من الرباط وفاس والدار البيضاء ومراكش.
وأوضح وهبي، أثناء تقديم الميزانية الفرعية لوزارة العدل، أنه وعيا من المملكة المغربية بخطورة الجريمة المنظمة التي تجاوزت الحدود الوطنية واتخذت صورا متنوعة باستغلالها للثورة الرقمية والمعلوماتية ومواصلة مسلسل التحول الديمقراطي وبناء دولة المؤسسات اللذين أطلقهما الملك محمد السادس، قامت الوزارة بإعداد مشروع قانون إحداث الوكالة الوطنية لتدبير وتحصيل الأموال والممتلكات المحجوزة والمصادرة والغرامات، الذي يندرج في إطار تطوير آليات العدالة الجنائية، ويهدف إلى توفير البنية المؤسساتية الكفيلة بتحقيق النجاعة والفعالية في تدبير وتحصيل المحجوز والمصادر وتجاوز النواقص التي تعتري الممارسة العملية الحالية على مستوى رصد وتتبع العائدات الإجرامية والأموال والممتلكات التي استخدمت أو أعدت للاستخدام في أفعال جرمية وحجزها وتدبيرها ومصادرتها، وتحقيق النجاعة القضائية عن طريق تخفيف العبء على السلطات القضائية.
وأفاد الوزير بأنه تم إعداد صيغة جديدة للمشروع تضمنت مجموعة من التعديلات على ضوء الملاحظات المتوصل بها من مختلف القطاعات المعنية، وتمت إضافة اختصاصات جديدة إلى الوكالة من قبيل تحصيل الغرامات، وتمت إحالة مشروع هذا القانون على وزارة المالية للحصول على تأشيرتها في الموضوع، كما قدمت الهيئة الوطنية للمعلومات المالية مجموعة من المقترحات لتضمينها في المشروع، خاصة تلك المتعلقة بجرائم غسل الأموال.
وكانت وزارة الاقتصاد والمالية تقدمت بمقترح لإخراج مشروع القانون المتعلق بإحداث الوكالة الوطنية لتدبير وتحصيل الأموال والممتلكات المحجوزة والمصادرة إلى حيز الوجود وهي مؤسسة سيناط بها تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في جرائم الاختلاس والتبديد كما ستتولى حفظ وتدبير الممتلكات المحجوزة والمصادرة. ودعت الوزارة، كذلك، إلى تهيئ مشروع قانون لإعادة هيكلة وتنظيم وظيفة الوكالة القضائية للمملكة وتوسيع اختصاصاتها لمسايرة التحديات الراهنة المتعلقة بحماية المال العام وتقوية دورها في الدفاع عن الدولة وإدارتها في قضايا الاختلاس والتبديد بالنظر إلى التجربة التي راكمتها في معالجة هذا النوع من القضايا وتقديم الدعم القانوني والتنسيق مع مختلف الإدارات العمومية وذلك من منطلق موقعها كعضو باللجنة المركزية واللجان الجهوية لاسترداد الأموال.
هذا، وتقدمت الوكالة القضائية للمملكة التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية بطلبات إلى الجهات القضائية المختصة من أجل الحجز على أموال وممتلكات أشخاص محكومين في ملفات جرائم الأموال، ضمنهم برلمانيون ورؤساء جماعات وموظفون كانوا يتحملون مسؤوليات التسيير بإدارات عمومية والجماعات الترابية.
وحسب وثيقة صادرة عن وزارة الاقتصاد والمالية، بلغ عدد الحجوزات التي طلبتها الوكالة القضائية أكثر من 240 حجزا، تخص 119 ملفا في طور التنفيذ بمحاكم جرائم الأموال، حيث قامت الوكالة بأكثر من 100 حجز تحفظي على رسوم عقارية تخص 35 ملفا بمحكمة جرائم الأموال بالدار البيضاء، وأكثر من 70 حجزا تحفظيا على رسوم عقارية تخص 34 ملفا بمحكمة جرائم الأموال بالرباط، وأكثر من 50 حجزا تحفظيا على رسوم عقارية وأسهم تجارية تخص 22 ملفا بمحكمة جرائم الأموال بمراكش، وأكثر من 18 حجزا تحفظيا على رسوم عقارية تخص 28 ملفا بمحكمة جرائم الأموال بفاس.
وأكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، في جواب عن سؤال بالبرلمان، أن مسألة استرجاع الأموال العمومية المختلسة والمبددة ومكافحة الجرائم المالية تشكل إحدى أهم أولويات الحكومة، باعتبارها قضية حيوية تساهم بشكل مباشر في بناء الثقة بين المواطن والمؤسسات وتوطيد دعائم الأمن المالي والاجتماعي وعدم الإفلات من العقاب.
وتم إحداث لجنة مركزية على مستوى رئاسة النيابة العامة، يترأسها رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، ولجان جهوية على مستوى محاكم الاستئناف يشرف عليها الوكلاء العامون للملك بهذه المحاكم، وذلك بهدف تسهيل مأمورية استرجاع الأموال العمومية المختلسة. وتعتبر وزارة الاقتصاد والمالية عضوا رئيسيا بهذه اللجنة، من خلال الوكالة القضائية للمملكة والمديرية العامة لإدارة الجمارك والخزينة العامة للمملكة والمديرية العامة للضرائب ومديرية أملاك الدولة إلى جانب القطاعات المعنية باسترداد الأموال العامة والتي تفيد في البحث عن الممتلكات المنقولة والعقارية. وتهدف هذه اللجان إلى تذليل الصعاب إلى جانب البحث عن السبل الكفيلة بتنفيذ الأحكام الصادرة لفائدة الدولة.
وتتولى الوكالة القضائية مراقبة المسطرة وتنتصب في الوقت المناسب مطالبة بالحق المدني نيابة عن الجهة المعنية، كما تقوم بمساطر احترازية موازية من قبيل البحث عن الذمة المالية للمتابعين بالاختلاس أو التبديد سواء كانت منقولات أو عقارات أو أسهما أو نقودا بالاستعانة بجميع المرافق الإدارية التي بإمكانها ضبط هذه الممتلكات، بدءا بالمحافظات العقارية والسلطات المحلية وانتهاء بالأبناك والسجلات التجارية المحلية وأيضا السجل التجاري المركزي، وإن أثمر البحث يتم الحجـز على تلك الممتلكات حجزا تحفظيا أو حجز ما للمدين لدى الغير حسب الأحوال ضمانا لاسترجاع المبالغ المختلسة التي قد يحكم بها والحيلولة دون تفويتها من طرف المالك المختلس، ويتوخى في ذلك عنصر المباغتة والمفاجأة، وبعدما يصبح الحكم مكتسبا لقوة الشيء المقضي به تباشر الوكالة القضائية للمملكة مسطرة التنفيذ في الشق المدني من الحكم، فإن كانت هناك حجوزات تحفظية تحول إلى حجوزات تنفيذية تمهيدا لبيعها بالمزاد العلني واسترداد الأموال المختلسة والمبددة.