تقدمت ألمانيا بسرعة في قائمة الدول التي تزداد فيها معدلات الإصابة بفيروس كورونا بشكل كبير، ما جعلها الدولة السادسة بعد الصين، وإيطاليا، وإيران، وإسبانيا، وكوريا، حيث شهدت 16 ألف إصابة معروفة وفقاً لمعهد روبرت كوخ، المؤسسة المرجعية المسؤولة عن تقييم مخاطر وباء فيروس كورونا في ألمانيا.
وتقول مجلة Forbes الأمريكية، أنه قد يكون هذا الارتفاع في معدل الإصابات بألمانيا هو الذروة التي تسبق تسطيح منحنى الإصابات، الذي كانت المستشارة أنجيلا ميركل تروج له في مؤتمرها الصحفي يوم 12 مارس، بعبارة أخرى، فإن الرهان كالتالي: مع أن منحنى الإصابات لم يستو بعد، فإنه قد تنخفض مع اتخاذ التدابير اللازمة للسيطرة على الوباء وإن كانت هذه التدابير تؤدي الغرض منها.
وهناك فارق أساسي بين ديموغرافية كوفيد-19 في ألمانيا، وفي البؤرة الأوروبية المتمثلة في إيطاليا. فقد بدأت هجمة كوفيد-19 في موسم التزلج بأوروبا، ولهذا، فإن كثيراً من الألمان الذين أصيبوا بالفيروس في بادئ الأمر أُصيبوا به في إيطاليا، وهذا هو السبب في أن 70% من الحالات في ألمانيا في الوقت الحالي لشباب، أو بصورة أعم، لأشخاص تتراواح أعمارهم من 20 إلى 50 عاماً، وليسوا كبار السن.
والنتيجة الطبيعية لهذا الاستنتاج هو أن معظم (وليس كل) الأشخاص الذين يمارسون التزلج يتمتعون بلياقة بدنية متوسطة أو فوق متوسطة، بغض النظر عن أعمارهم. فتتطلب الممارسة الآمنة للتزلج التمتع بحدٍّ أدنى من اللياقة الطبيعية لا يتوفر كلما تقدم العمر. فمن ناحية صحة العضلات والعظام، ليس من الممكن لكل شخص يتراوح عمره من 70 إلى 90 عاماً ممارسة التزلج. بعبارة أخرى، فإن المجموعة الأولى للمصابين في ألمانيا كانوا لائقين بدنيّاً إلى حدٍّ ما وبصحة جيدة بشكل عام، وقد نجوا بشكل كبير من الإصابة بكوفيد-19.
وهذا يقودنا إلى الاختلاف الأساسي والأكثر تأثيراً بين المرضى الألمان وبين المرضى في الأجزاء الأخرى من العالم: معدل الوفيات. فمن بين 16 ألف إصابة حتى هذا التاريخ، توفي 47 ألمانيّاً فقط. وبلغ معدل وفيات كوفيد-19 في ألمانيا 0.2٪، أي حوالي 40 مرة أقل من معدل الوفيات في إيطاليا. إنه فارق كبير ومعدل تُحسد عليه ألمانيا.
وفقاً لخبراء الصحة الألمان وحديث متخصص الإحصاء الطبي لوتار فيلير، رئيس معهد روبرت كوخ صباح يوم الجمعة، 20 مارس، فإنه من حسن حظ ألمانيا أن العدوى بدأت بين الشباب. وهو يتوقع أن يرتفع معدل الإصابات بالبلاد بشكل كبير، وكذلك معدل الوفيات، قبل أن تستطيع ألمانيا السيطرة عليه. فقال صباح الجمعة في برلين: “إننا في بداية الوباء. جميعنا في أزمة لم أتخيل حجمها قط. سنحتاج أكبر عدد ممكن من أسرّة الرعاية المركزة. وأتوقع أن تكون المستشفيات مستعدة”.
وما كان فيلير يشير إليه هو التالي: المستشفيات الألمانية مستعدة بطريقة جيدة ومثيرة للاهتمام. إذ إخلاء الفنادق وتجهيزها لتكون مستشفيات بديلة للمرضى ذوي الحالات غير الحرجة الذين لا يعانون من كوفيد-19، ما يوفر أسرة المستشفيات لمرضى كوفيد-19. وقد أعلنت ألمانيا عن جاهزية 20 ألف سرير في الرعايات المركزة، وهو عدد كبير، ولكنه قد لا يكون كافيّاً في أثناء ذروة الوباء، مثلما هو الحال في كل البلدان.