شوف تشوف

الرأي

وسام من درجة فارغ

حسن البصري
لا أجد تفسيرا للتغريدة الأخيرة للاعب الدولي المغربي السابق عبد السلام وادو، كانت فعلا تغريدة خارج سرب المنطق، وقصفا عشوائيا بالرصاص المطاطي، حين نصب نفسه محاميا ليرافع، في إطار المساعدة القضائية، لفائدة موكله خير الدين زطشي رئيس اتحاد كرة القدم الجزائري ويدعمه ضد فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم.
قال وادو، واسمه الحقيقي «واعدو» إنه مدين للجزائر بالفضل وإن رئيس اتحاد الكرة في البلد الجار رجل يفهم الكرة أو بلغة الجزائريين «فاهم بالون»، وقال في خير الدين ما لم يقله مالك في النبيذ.
من حق عبد السلام أن يناصر خير الدين أو شر الدين أو سراج الدين، لأن شهادته لا تسمن ولا تغني من جوع، فهو لا يملك الصفة التي تخول له ترجيح كفة زطشي على لقجع أو أبوريدة، كل ما يملكه نقرات تستفز المشاعر وتسمم العلاقات بين جارين وتجهز على ما تبقى من آمال الوئام، وتنهي العمل بقولة التآزر «إلى ما طاب عشانا يطيب عشا جيراننا».
الجزائريون قبل المغاربة يعرفون أنك ترمي رئيس الكرة في الجزائر بالورود أملا في منصب مدرب مساعد للمنتخب الجزائري جنبا إلى جنب بلماضي، لكن للحاضر كلام آخر. لقد سبق للعربي بن مبارك أن درب اتحاد بلعباس الجزائري وعرض عليه تدريب منتخب الجارة الشرقية، لكنه رفض، كما سبق لمحيي الدين خالف أن أشرف على تدريب أندية مغربية عديدة دون أن يتحول إلى صباغ يهوى طلاء الأفعال وتبييض الأقوال.
أعرف شهامة ووطنية أبناء الرشيدية مسقط رأسك، وأعرف أن التربة التي أنجبت رمز الوطنية وشيخ الإسلام محمد العربي العلوي لا يمكن أن تنبت شوك السدرة، لهذا سيكون ثناؤك على الخصم الجزائري استثناء لا يقاس عليه، كما يقول الفقهاء.
كان والد عبد السلام، المهاجم المنجمي الجسور، يوصيه خيرا بالمغرب ويدعوه لحمل قميص الفريق الوطني، ويعلمه القرآن والنشيد الوطني، ويحكي له عن الرشيدية مهد الدولة العلوية، لكن ما أن كبر الولد واشتد ساعده حتى نسي الوصية وأعلن نفسه مدربا برتبة مؤثر.
أشعر بالحيرة حين أتذكر حواراته الصحافية حين كان لاعبا للمنتخب، لطالما حذر من التدجين ومن الجحود، لكنه وقع في ما حذر منه وابتلع كل أفضال الوطن بسبب فورة غضب ضد سياسي يركب صهوة الكرة.
ساندك المغاربة في معاركك الصغيرة والكبيرة، وقفت فصائل الإلتراس خلفك تردد «وادو ولا بد ولا العصيان يبدا غدا»، حين منعك سائق حافلة الفريق من ركوبها. وقف في صفك الحقوقيون والرياضيون وأشهروا في وجه السائق كلمة «ارحل»، وعندما تعرضت لعبارات عنصرية في «ميتز»، أكل لاعبونا الموز دعما لك. وغفرت لك جامعة الجنرال حسني بن سليمان مشاحناتك في معسكرات المنتخب الوطني ضد بصير وروسي وكماتشو، واكتفت بترحيلك مع توصية بالحجر قبل ظهور كورونا بسنوات.
لقد اعتقد وادو أن صفة عميد المنتخب المغربي لكرة القدم تمنحه شارة وطني، وتبيح له المزايدة وممارسة خطة الشرود وعرقلة كل من اخترق خط الدفاع، بل إن الرجل ظل يؤمن بأن الهجوم خير وسيلة للدفاع وأن نصرة الخصم مرادف لأعلى درجات الروح الرياضية.
أحيلك يا عبد السلام على نصيحة من الكاتب المصري جلال عامر: «لا تقف مع «ميليشيا» ضد وطنك حتى لو كان الوطن مجرد مكان ننام على رصيفه ليلا». اشرب هذه النصيحة مرتين في اليوم حين تصحو وقبل أن تنام، لأني ألمس فيك أعراض الانفصال وضعف صبيب الوطنية عندما أعلنت الولاء لخصم يزرع كل يوم لغما في ملاعبنا.
في دوامة الحيرة لم نعد نعرف ما إذا كان عبد السلام «معانا ولا مع غانا».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى