محمد اليوبي
أكدت وزارة الصحة ما نشرته «الأخبار» حول انعدام وجود الأدوية المستعملة في علاج مرض التهاب الكبد الفيروسي من نوع «س» بالمستشفيات العمومية، وذلك منذ ثلاث سنوات، بسبب ضغوطات تمارسها لوبيات نافذة داخل وزارة الصحة من أجل تأجيل إعلان صفقة لتزويد المرافق الصحية العمومية بهذه الأدوية، في انتظار حصول شركة أمريكية على الترخيص بالإذن بتسويق نوع من الدواء تصنعه هذه الشركة، رغم وجود ثلاث شركات وطنية تصنع الدواء نفسه.
وقالت الوزارة، في بلاغ لها، إن «التصنیع المحلي وتسویق الجزیئات الدوائیة الجدیدة المضادة للفیروسات لعلاج مرض التھاب الكبد الفیروسي من نوع (س) بالمغرب، منھا سوفوسبیفیر منذ سنة 2015، وداكلاطاسفیر منذ سنة 2016، یترجمان الالتزام القاطع لوزارة الصحة بضمان توفر الأدویة العلاجیة الأكثر أمانا وفعالیة وبثمن ملائم، وذلك في إطار رؤیة القضاء على التھاب الكبد الفیروسي من نوع (س) في أفق سنة 2030». وأضاف المصدر ذاته أن وصف العلاج المزدوج بـ«سوفوسبیفیر» و«داكلاطاسفیر» يتم في جمیع أنواع التھاب الكبد الفیروسي من نوع «س»، حیث یناھز سعر التداوي لمدة ثلاثة أشھر (السعر العمومي للبیع) 13500 درھم أو 13647 درھما، وذلك حسب الشركات الصیدلانیة المسوقة للأدویة، وأشار إلى أن التركیبة الجدیدة، التي تجمع بین «سوفوسبیفیر» و«فیلباطاسفیر» حازت على الترخیص بالتسویق ابتداء من مارس 2019، حيث إنها تتمیز بفعالیة التركیبة الأولى نفسها، مبرزا أن الوزارة في طور دراسة السومة التي سیعرض بھا في الأسواق.
لكن مصادر مطلعة أكدت أن العلاجات التي أوصت بها أكبر المنظمات الصحية العالمية، والتي صنعتها ثلاثة مختبرات مغربية، كانت متوفرة في المغرب منذ ثلاث سنوات، ومازال المغاربة المحتاجون، خاصة المستفيدين من بطاقة التغطية الصحية «راميد»، غير قادرين على الوصول إليها، ويتركون دون علاج طيلة هذه المدة، بسبب تأخر الوزارة في الإعلان عن صفقة تزويد المستشفيات العمومية بالأدوية، في انتظار حصول شركة أمريكية على ترخيص من طرف مديرية الأدوية بوزارة الصحة، من أجل بيع الدواء الذي تصنعه في السوق المغربية، وهو ما حصل أخيرا، حيث تمكنت الشركة من الحصول على الترخيص في بداية شهر مارس الماضي، حسب ما أكده بلاغ الوزارة، أي في ظرف أقل من أربعة أشهر، في حين تنتظر شركات مغربية لأزيد من سنة للحصول على الترخيص.
وأوضحت المصادر أنه في شهر نونبر 2018، عقدت اللجنة التقنیة للخبراء في مجال مكافحة التھاب الكبد الفیروسي من نوع «س»، اجتماعا بمديرية علم الأوبئة ومحاربة الأمراض التابعة لوزارة الصحة، ولأول مرة تم تداول تركيبة الدواء المكونة من «سوفوسبیفیر» و«فیلباطاسفیر»، وفي شهر مارس الماضي، وفي فترة زمنية قياسية مدتها 4 أشهر، تم إخبار اللجنة نفسها أن التركيبة الجديدة حصلت على الترخيص، ما يثير الكثير من التساؤلات، بينما تعاني المختبرات المغربية من التأخير في الحصول على التراخيص.
وكشفت المصادر أن هذه التركيبة تم تطويرها من طرف مختبر أمريكي وتم إسنادها عن طريق ترخيص خاص لهذا المختبر الشبح لاستغلالها بالمغرب بهدف فرض التبعية والاحتكار داخل السوق، فضلا عن أن هذا المختبر لا يتوفر على مصنع بالمغرب، ولا يتوفر على مختبر لمراقبة الجودة، ولا يشغل يدا عاملة مغربية ولا يخلق وظائف خلافًا لما هو مطلوب بموجب القانون المغربي، خاصة وأن المادة 74 من مدونة الأدوية والصيدلة تنص على أن الترخيص لأي مختبر لاستيراد الأدوية يجب أن يتوفر على وحدة صناعية وأن يعمل على التصنيع المحلي بكميات وازنة من الأدوية التي يعرضها في السوق.
وكشفت المصادر أنه منذ الشروع في تسويق الدواء الجنيس لـ«سوفوسبوفير»، المضاد لمرض التهاب الكبد الفيروسي «س»، والذي تصنعه ثلاثة مختبرات وطنية بعد حصولها على ترخيص من وزارة الصحة، ويباع بالمغرب بسعر 3 آلاف درهم، تحركت اللوبيات أخيرا لشن حملة «مغرضة» ضد الدواء الذي كانت تحتكره شركة أمريكية عملاقة، وكانت تبيعه للمرضى المغاربة بسعر 80 مليون سنتيم، وتستهدف شريحة واسعة من المرضى تقدر بنحو 600 ألف مريض، ما كان يوفر لهذه الشركة أرباحا خيالية. وتمارس شركات الدواء العالمية ضغوطات عن طريق لوبيات لها امتداد داخل الحكومة ووزارة الصحة بالخصوص، حتى لا يضع المغرب استراتجية تفاوضية مع المختبرات الدولية والشركات المصنعة للدواء من أجل وضع حد للاحتكار والسماح بتصنيع وتسويق الأدوية الجنيسة في المغرب.