شوف تشوف

سري للغاية

هكذا ساهم صحافي فلسطيني في اختطاف الخطابي من باخرة “كاتومبا”

حسن البصري

في تونس والجزائر والمغرب والأردن وفلسطين يحضر اسم محمد علي الطاهر، الإعلامي العصامي الذي لم يدخل المدارس لكنه تحول إلى اسم مؤثر في القضايا العربية سواء في الشرق الأوسط أو دول المغرب العربي. وبرز بشكل ملفت من خلال كتاباته الجريئة التي أغضبت الاستعمار الأوربي ومن أجل مواقفه اعتقل مرات عديدة. عاش الرجل بين فلسطين ومصر والأردن ثم بيروت التي توفي فيها عام 1974.
حل «أبو الحسن»، وهذا هو اسمه الحركي، بالمغرب بناء على دعوة من الملك محمد الخامس في يوليوز 1960، وقدم محاضرة حول زعيم الريف عبد الكريم الخطابي، وفي نهاية زيارته كان له لقاء مع الملك وشح إثره بوسام العرش ونال ثناء خاصا من ملك البلاد بسبب مواقفه المؤيدة للقضية المغربية، خاصة وأن مقالاته في جريدة “الشورى” وغيرها من الصحف كانت تصله إلى منفاه في مدغشقر.
أسس الطاهر جريدة “الشورى” عام 1924، وكانت تصدر أسبوعيا في القاهرة، وتعتبر من أشهر الصحف العربية التي كانت تصدر في بداية القرن العشرين، وهي صحيفة سياسية، وبسبب الخط التحريري للجريدة، تم منعها من النشر في الدول العربية، وبعدها سحبت السلطات المصرية ترخيص الجريدة عام 1931.
كان أبو الحسن من الأوائل الذين كشفوا قصة تهريب عبد الكريم الخطابي، التي نشرتها جريدتان تصدران في لندن وهما “الحياة” و”الشرق الأوسط”، استنادا إلى كتاب لمحمد علي الطاهر تحت عنوان «ظلام السجن» وكتاب «خمسون عاما في القضايا العربية».
كان محمد علي الطاهر، وهو في القاهرة، على علاقة متينة بالحركة الوطنية في المغرب العربي، أي في كل من ليبيا وتونس والجزائر والمغرب منذ العشرينات، وربطته بزعماء حركات التحرير في تلك البلدان صداقة متينة، ومن بينهم عبد الكريم الخطابي، حيث كان أبو الحسن ينشر أخبار انتفاضة الريف في وجه الاستعمار الإسباني والفرنسي، وأخبار الحركة الوطنية المغربية بصفة عامة في جريدته ثم في الكتب التي قام بنشرها.
لعب محمد الطاهر دورا كبيرا في تغيير مجرى التاريخ، حين علم أن عبد الكريم وأسرته في طريقهم إلى فرنسا بحرا بعد انتهاء فترة نفيهم في جزيرة لارينيون، إذ كان المستعمر الفرنسي قد هيأ منفى آخر في جزيرة فرنسية أخرى.
كان الخطابي وعائلته على متن الباخرة «كاتومبا»، التي توقفت في ميناء دجيبوتي ثم ميناء عدن اليمنية، يوم 22 ماي 1947، حينها توصل أبو الحسن ببرقية من أحد أصدقائه يقول فيها: «الأمير عبد الكريم الخطابي غادر عدن على الباخرة التي ستتوقف في السويس». ما أن توصل الصحافي بالخبر حتى راسل الملك فاروق في الموضوع طالبا منه العمل على تخليص الزعيم المغربي من الفرنسيين من خلال ملتمس اللجوء السياسي، كلف فاروق مستشاره الصحافي بالموضوع، بينما نسق محمد علي مع مكتب المغرب العربي في القاهرة لبحث سيناريو اختطاف عبد الكريم من ميناء السويس، حيث تم تكوين لجنة للقاء الخطابي ومناقشته بأمر اللجوء، وفريق آخر توجه إلى بورسعيد لقيادة المرحلة الثانية، بعد أن منح الملك فاروق الضوء الأخضر للعملية.
“عند وصول الباخرة إلى السويس، كان هناك محمد الحسين حلمي الباي، الذي كلف من قبل الملك فاروق للحديث مع الخطابي، بالصعود إلى ظهر الباخرة وبلغ الخطابي بالرغبة الملكية بالنزول والإقامة بمصر، وقد تفاجأ الخطابي بالخبر فوافق مبدئيا على عدم استكمال الرحلة أمام استغراب الفرنسيين، فتوجه رفقة أعضاء مكتب المغرب العربي ومحمد علي الطاهر، إلى مكتب حكومي ببورسعيد، لمباشرة إجراءات تقديم طلب اللجوء وغادروا المنطقة إلى القاهرة، وقبل حلول الليل كان الخطابي وعائلته قد أصبحوا ضيوفا رسميين للحكومة المصرية، وكانوا من الناجين من قبضة الفرنسيين”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى