حقائق تجب معرفتها عن علاج القلق والاكتئاب وبناء الشخصية
من منا لا يستمع إلى الموسيقى، سواء في الحياة اليومية أو في الأفراح والمناسبات، فالموسيقى هي مرادف السعادة والحالة الجيدة، إذ تؤثر بشكل مباشر على الدماغ وتساعد على إفراز الهرمونات التي تحارب التوتر والمزاج السيئ. وتدخل الموسيقى كذلك في بعض أنواع العلاج النفسي. سوف نتطرق في عدد هذا الأسبوع من دليل الصحة النفسية إلى فوائد الاستماع إلى الموسيقى لتحسين الحالة النفسية.
إعداد: أميمة سليم
+++++++++++
الفوائد النفسية للموسيقى
ترتبط الموسيقى ارتباطًا وثيقا بتحسين الحالة المزاجية لدى معظم الناس، فجميع الثقافات من الأكثر بدائية إلى الأكثر تقدمًا تتأثر بالموسيقى، حيث إن جهازنا العصبي قادر على التمييز بين الموسيقى والضوضاء، ويستجيب للألحان والإيقاعات، حيث تؤكد الدراسات أن للموسيقى تأثيرات كبيرة على جوانب عديدة من الصحة، وفقًا لما ذكرته شبكة «تايمز نيوز» الهندية.
ونشرت كلية الطب بجامعة «هارفارد» الأمريكية، تقريرا يؤكد أن الموسيقى لها تأثير واضح على عدة جوانب من الصحة العقلية لدى الأشخاص، بدءا من تحسين الذاكرة والمزاج إلى وظيفة القلب والأوعية الدموية، حيث تعمل بعض أشكال الموسيقى لتكون بمثابة «تمرين» لخلايا الدماغ ما يزيد من قدرتها على معالجة المعلومات بشكل أكثر كفاءة.
في ما يلي، بعض الفوائد النفسية التي تقدمها الموسيقى:
-تساعد الموسيقى على تحسين الحالة المزاجية من خلال الاستماع إلى الموسيقى المريحة والمفضلة لديك.
-قد تساعد على تخفيف أعراض الاكتئاب، وذلك وفقًا لدراسة نُشرت في المجلة العالمية للطب النفسي وجدت أن الموسيقى يمكن أن تساعد في مقاومة أعراض الاكتئاب بالإضافة إلى مشاكل عصبية أخرى مثل مرض باركنسون والخرف.
-تحسين نوعية النوم، حيث أشار باحثون إلى أن مشكلة الأرق وقلة النوم يمكن تحسينها من خلال الاستماع للموسيقى.
-يمكن أن تحسن الوظيفة الإدراكية، عن طريق تقليل التوتر وتقوية الذاكرة.
-تساعد على تقليل تناول السعرات الحرارية، ففي بعض مطاعم تُعزف الموسيقى في الخلفية لتوفر الارتياح وتجعل الشخص يتناول الطعام ببطء ويتذوقه جيدا.
وبغض النظر عن الفوائد النفسية التي توفرها الموسيقى، فإن لديها القدرة على توفير فوائد أخرى للصحة العامة.
الموسيقى غذاء الروح والعقل والوجدان وهذه السعادة التي يمكن الحصول عليها عند الاستماع إلى موسيقى جيدة لا يضاهيها شيء، ولذلك لا تبخل على نفسك وعلى صحتك النفسية بقدر من الموسيقى والأنغام في اليوم، فتعرف على 5 فوائد للموسيقى لتأثيرها الجيد على الصحة النفسية:
1- علاج الاكتئاب:
عادة ما يستخدم أطباء النفس والأخصائيين النفسيين الموسيقى كوسيلة لعلاج الاكتئاب، في وقتنا الراهن، ينتشر الاكتئاب بشكل كبير، ويكون له تأثير سلبي على الصحة النفسية. ما جعل الكثير من العلماء والباحثين يبحثون عن وسائل مبتكرة لحماية الصحة النفسية من الاكتئاب ولم يجدوا خيرا من الموسيقى كوسيلة آمنة وليس لها أي آثار جانبية مثل أدوية الاكتئاب وعلاج فعال لتهدئة النفس والخروج من الاكتئاب.
2-التخلص من القلق:
ما نمر به في حياتنا اليومية من قلق وتوتر يتسبب في الكثير من الأضرار على الصحة النفسية لأن القلق يسبب الأرق ونفاذ الصبر وهنا يأتي دور الموسيقى كوسيلة رائعة للتخلص من القلق ومن أضراره وتأثيراته السلبية على الصحة النفسية لأن الموسيقى تساعد على النوم العميق وكذلك منح العقل قدر من الهدوء وبالتأكيد هذا يجعل الصحة النفسية في أفضل حال.
3-بناء الشخصية:
لا يتخيل أحد أن الموسيقى لها تأثير على الشخصية وعلى تكوينها وكثيرون أيضا لا يدركون علاقة امتلاك شخصية سوية بسلامة الصحة النفسية ولكن في الواقع أن ما يتم فعله بانتظام يؤثر على الشخصية. فعلى سيبل المثال عند الاعتياد على عمل الخير فإن الشخصية تصبح أفضل وهنا تظهر الموسيقى كوسيلة لبناء الشخصية السوية التي تسهم في سلامة الصحة النفسية، فعند سماع موسيقى جيدة وهادئة سوف يظهر ذلك بشكل واضح على الشخصية وكذلك عند الاستماع إلى موسيقى رديئة من الممكن أن تؤدى إلى تدهور المنظومة الاخلاقية وتسبب آثارا سلبية على الشخصية والصحة النفسية.
4-تحسين المزاج:
كل نوع من أنواع الموسيقى له تأثير على المزاج وعلى الصحة النفسية فمثلا عند الاستماع إلى موسيقى هادئة وأنت في مزاج متعكر وغاضب فهذا سوف يساعد على تهدئة النفس ومنح بعض الهدوء وكذلك عند السماع إلى موسيقى حزينة سوف يؤثر ذلك على الحالة المزاجية ولذلك فإن الموسيقى هي صانعة المزاج بكل تأثيراته الايجابية والسلبية على الصحة النفسية.
5-زيادة الإنتاجية
يتأثر التعلم والتفكير والمهارات بالإجهاد والإرهاق والتوتر والقلق وهذا كله له تأثير على الصحة النفسية وفى الواقع وجد أن عند العمل في وجود موسيقى فأن هذا يساعد على مكافحة الإجهاد والتعب ومنح أعلى درجات التركيز وسرعة التعلم والتفكير بشكل افضل مما يزيد من الانتاجية وهذا الأمر يعزز الشعور بالثقة في النفس ويؤثر بالإيجاب على الصحة النفسية.
العلاج بالموسيقى: حقيقة أم كذب؟
الموسيقى لها مكانتها في الصحة. وبالتالي، فإن العلاج بالموسيقى، الذي يشرف عليه معالج مدرب، يمكن أن يساعد المرضى الذين يعانون من اضطرابات نفسية أو أمراض خطيرة على الشعور بالتحسن. لكن مجرد الاستماع إلى الموسيقى في المنزل يمكن أن يكون له فوائد عديدة. في ما يلي فوائد صحية للموسيقى.
-الموسيقى محفزة ومصدر للمتعة
يمكن للموسيقى أن تنقل المشاعر الإيجابية. يوفر الشعور بالمتعة من خلال العمل على نظام المكافأة، وذلك بفضل الخلايا العصبية الدوبامينية التي تفرز الدوبامين في الدماغ. دليل على أن الموسيقى تلطف المزاج، أظهرت دراسة أن الاستماع إلى الموسيقى في السيارة له تأثير إيجابي على مزاج السائقين.
-تقلل من التوتر والقلق
يُعتقد أن الموسيقى تساعد في تقليل معدل ضربات القلب المرتفع الناتج عن الإجهاد وارتفاع ضغط الدم ومستويات الكورتيزول، وكلها علامات على الإجهاد. على سبيل المثال، في دراسة نُشرت في عام 2009، في اليوم التالي لعملية القلب، استمع المرضى إلى ثلاثين دقيقة من الموسيقى الهادئة والمريحة في السرير؛ استراح آخرون في أسرتهم خلال نفس الفترة الزمنية. كان هناك فرق كبير في مستوى الكورتيزول بين المجموعتين بعد هذه الثلاثين دقيقة. في دراسة أخرى، كانت الموسيقى أكثر فاعلية من الأدوية المضادة للقلق في تقليل القلق لدى المرضى بسبب الجراحة.
-تساعد على تخفيف الآلام
في دراسة صغيرة أجريت عام 2013، استمع مرضى الألم العضلي الليفي إلى الموسيقى مرة واحدة يوميًا لمدة أربعة أسابيع. مقارنة بمجموعة التحكم، أفاد أولئك الذين استمعوا إلى الموسيقى أنهم شعروا بألم أقل. في دراسة أخرى، استمع 60 مريضًا كانوا من المقرر أن يخضعوا لجراحة العمود الفقري للموسيقى من اليوم السابق للعملية وحتى يومين بعد الجراحة. الاستماع للموسيقى يخفف الألم وكذلك القلق قبل الجراحة وبعدها.
– تعزز الذاكرة والوظائف المعرفية
نظرًا لأن الموسيقى تعزز الدافع، فإنها يمكن أن تساعد أيضا في التعلم. في دراسة أجريت عام 2014، طُلب من الطلاب الذين كانوا يتعلمون لغة أجنبية، الهنغارية، التحدث أو غناء عبارات باللغة المجرية. تتذكر المجموعة الغنائية الجمل بشكل أفضل. نظرًا لأن الموسيقى والغناء لهما تأثيرات إيجابية على الحالة المزاجية والذاكرة، فقد تم تصميم برنامج العلاج بالموسيقى، الموسيقى والذاكرة، لمرضى الخرف مثل مرض الزهايمر.
أظهرت دراسة صغيرة شملت 56 طالبًا أن موسيقى الخلفية (في هذه الحالة الموسيقى الكلاسيكية) يمكن أن تحسن الأداء في الاختبار المعرفي. ومع ذلك، ربما يلعب نوع الموسيقى التي يتم الاستماع إليها دورًا.
– تساعد على ممارسة الرياضة
في دراسة بريطانية، طُلب من المشاركين الاستماع إلى الموسيقى أثناء المشي على بساط التدريب، حتى الإرهاق. بالمقارنة مع الأشخاص الذين لم يستمعوا إلى الموسيقى، فإن أولئك الذين مارسوا هذا التمرين بالموسيقى كانوا أكثر ديمومة. ربما تكون الموسيقى قد تصرفت بناءً على الدافع. فرضية أخرى هي أن الموسيقى تشتت انتباهنا وتمنعنا من التفكير في الجهد المبذول. هذا ما توحي به دراسة صغيرة أجريت على شباب يعانون من السمنة المفرطة على جهاز المشي: تشتيت انتباههم عن طريق الموسيقى سمح لهم بالجري لفترة أطول.
لكل شخص نوع خاص من الموسيقى المفضلة لديه، بعضها يثير لديه الذكريات السعيدة، والبعض الآخر يشبع إحساسه بالسعادة، ولطالما قام الجراحون بالاستماع إلى موسيقاهم المفضلة لتخفيف الضغط والتوتر أثناء العمل في غرفة العمليات.
اكتسب مجال العلاج بالموسيقى اعترافا رسميا بعد الحرب العالمية الثانية في المستشفيات التي عالجت الناجين من آثار هذه الحرب. واتسعت دائرة الفوائد، لتلعب الموسيقى دورا متزايدا في علاج أنواع مختلفة من الأمراض البدنية والنفسية، مثل الآلام المزمنة، والقلق والاكتئاب، من خلال تأثيراتها البيولوجية المباشرة، مثل خفض معدل ضربات القلب، وضغط الدم.
كما تحسن الموسيقى التواصل الاجتماعي والدعم الذي يحسن الصحة العقلية بدوره، لذلك يبدو الاستماع اليومي إلى الموسيقى خيارا مناسبا لما يمر به العالم من عزلة وشعور بالخوف والقلق بسبب انتشار فيروس كورونا.
الأعراض المرضية
تساعد الموسيقى الأشخاص الذين يتعافون من السكتة الدماغية، أو إصابات الدماغ المؤلمة، وأولئك الذين فقدوا القدرة على الكلام بسبب تلف المنطقة اليسرى من المخ، وهي المنطقة المسؤولة عن الكلام والتواصل.
وتساعد أيضا قبل الجراحات الكبرى، فقد وجد أن أولئك الذين استمعوا إلى الموسيقى أقل انزعاجا وقلقا، وأقل احتياجا للمهدئات، كما أنها تخفف آلام التهاب المفاصل، وتقلل من كمية المسكنات التي يتناولها المرضى، وتمنحهم شعورا بالتحكم بشكل أفضل في آلامهم.
وتحد الموسيقى من الآثار الجانبية لعلاج السرطان، ويقلل الاستماع إلى الموسيقى من القلق المرتبط بالعلاج الكيميائي والإشعاعي، كما يقي من الغثيان والقيء المرتبط بالعلاج الكيميائي.
وتعمل أيضا على إعادة تأهيل الوظائف الجسدية والنفسية والمعرفية، من خلال برامج إعادة التأهيل المختلفة.
كما تحسن نوعية الحياة لمن يعانون من الخرف، لأن القدرة على الانخراط في الموسيقى تبقى سليمة حتى مع التأخر المرضي، وهنا يمكن أن يساعد العلاج بالموسيقى في استحضار الذكريات، وتحسين القدرة على التواصل والتناسق العقلي البدني.
أساليب العلاج
عادة ما يكون الأشخاص الذين يمارسون العلاج بالموسيقى موسيقيين بارعين يتمتعون بمعرفة عميقة بجميع جوانب الموسيقى، وكيفية إثارتها لاستجابات عاطفية مختلفة تحفز الناس وتساعدهم على الشفاء.
ويجمع المتخصصون هذه المعرفة بالموسيقى، مع معرفتهم بأساليب مختلفة تناسب كل حالة مرضية، سواء كانت كلاسيكية أو أوبرالية، أو إلكتروبوب، وغيرها من الأنواع الموسيقية المختلفة.
ويصمم التدخل العلاجي الموسيقي وفقا لاحتياجات كل فرد، بشكل يساعده على تحقيق أهدافه العلاجية، سواء عن طريق العزف أو الاستماع إلى الموسيقى، أو حتى تأليفها.
يقول المعالج الموسيقي هولي شارتراند: «يجب أن تدرك أنك تستخدمها لدعم الآخرين، لترى مدى تأثيرها على الشخص المريض. ويضيف أن التكنولوجيا تتيح للمعالج الوصول إلى جميع أنواع الموسيقى دون جهد، الأمر الذي عزز تجريب العلاج الموسيقي ببساطة أكثر من ذي قبل».
موسيقى بتهوفن
عرف الموسيقار الألماني لودفيج فان بتهوفن بأنه عانى من فقدان السمع في سن 27، لكن لم يمنعه ذلك من تأليف الموسيقى لمدة 27 عاما أخرى وهو فاقد السمع تماما، كما أنه كان يعاني من اضطراب ثنائي القطب الذي يجعله يتأرجح بين نوبات الاكتئاب ونوبات الابتهاج.
تنعكس كل هذه المشاعر في موسيقاه، مما جعلها تستخدم بشكل مكثف في العلاج بالموسيقى، لأنها تدفع مجموعة من المشاعر المعقدة إلى الظهور. وترتبط هذه المشاعر بالذكريات التي تعمل على إطلاق هرمون الأوكستوسين الذي يقلل الشعور بالتوتر والقلق، ويزيد من القدرة على النوم الجيد.