الفوبيا الجنسية أو رهاب الجنس هو مرض نفسي من أنواع الفوبيا التي تصيب الإنسان، وهو من الأمراض النفسية التي تصيب النساء والرجال على حد سواء وتفقدهم الرغبة في الممارسة الحميمية. وتظهر أعراض المرض المذكور على شكل تعرق شديد وفقدان الرغبة في الممارسة الحميمية، مع الإصابة بالمشاكل الجنسية الأخرى كالتشنج المهبلي أو فقدان القدرة على الانتصاب، مع ارتفاع معدل ضربات القلب والإصابة بالإعياء الشديد.
إن الإصابة بفوبيا الجنس لا يأتي بمحض الصدفة، فالجنس هو إحدى الرغبات الغريزية التي يتمتع الإنسان وكل الكائنات الحية عند القيام بها، لكن في حالة المصابين برهاب الجنس، فإنهم في غالب الأمر تعرضوا لمشاكل عند الصغر كالمرور بتجربة صعبة أثناء الطفولة، أو التعرض لاعتداء جنسي، وقد يكون السبب هو التربية الصارمة التي تلقاها الشخص، أو عدم تربية الابن أو الفتاة تربية صحيحة، وإعطائهم أفكارا مغلوطة عن الجنس أو عن الطرف الآخر، وهي من الحالات الكثيرة والمنتشرة بشكل أكبر في صفوف النساء وفي المجتمعات التي تعتمد على التربية التقليدية والصارمة. وفي العادة فإن الأشخاص المصابين بهذا النوع من الفوبيا لا يطلبون المساعدة الطبية، وفي العادة فهم لا يعترفون بما أصابهم.
وفوبيا الجنس أو رهاب الجنس هو إحدى حالات الخوف أو الرهاب غير المبررة، فعوض القيام بالفعل بكل سلاسة، يقوم الجسد في هذه الحالة، أي عند ظهور أي مؤثر خارجي، بتنبيه الجهاز العصبي الذي يجعل الجسم في حالة تأهب للدفاع عن الجسد والنفس، وبالتالي تحدث ردة فعل الجسد المعروفة والتي تكون على شكل تشنجات أو شد عضلي وتسارع النبض وضيق التنفس، أو عدم القدرة على الحصول على الانتصاب. وهي حالة من حالات الهلع التي يفقد فيها الإنسان الشعور بالمتعة، وتضاف إليها ضغوطات نفسية وحالة شديدة من الخوف.
أعراض الخوف
إن الأعراض التي تظهر على الشخص المعني بالأمر هي نفسها أعراض الإصابة بالخوف الشديد، الذي يصيب الإنسان عندما يجد نفسه أمام الشيء الذي يخاف منه الأكثر في العالم. في حالة المصابين برهاب الجنس، فهؤلاء الأشخاص يخافون بشدة من الممارسة الجنسية وبكل ما يتعلق بها، وبالتالي تظهر عليهم أعراض معينة تدل على أنهم مصابون بهذا النوع من الرهاب. ومن بين أكثر الأعراض المصاحبة للإصابة بفوبيا الجنس، أعراض الخوف الشديد، كالتوتر الشديد مع ارتفاع في دقات القلب، التعرق مع الإصابة بالرعشة وعدم القدرة على التحكم في النفس، وفي بعض الحالات قد يتطور الأمر حد الإغماء، وفي هذه الحالة فعادة ما يجد الشخص نفسه تحت تأثير جهازه العصبي اللاإرادي، ويفقد القدرة على التحكم في تصرفاته وأفعاله، حتى إذا أراد السيطرة على نفسه فهو لا يستطيع ذلك، وبالتالي تسيطر عليه الحالة التي تم ذكرها.
أنواع الإصابة بالفوبيا
أول هذه الأنواع هو الفوبيا السببية، أي الفوبيا التي تحدث نتيجة لمجموعة من الأسباب كما ذكرنا سابقا، إما تعرض الشخص في الماضي للاعتداء الجنسي أو التحرش الجنسي، أو مشاهدته لعلاقة جنسية بين والديه جعلته يأخذ فكرة مغلوطة عن العلاقة الجنسية على أنها إيذاء للطرف الآخر، بحيث يربط الطفل العلاقة الجنسية بالتعرض للأذى، وقد يكون السبب أيضا هو التربية التي تلقاها الطفل وتحذيره المستمر من الأمور الجنسية، وعدم وعيه بالموضوع بشكل سليم.
كما قد لا يكون أي سبب محدد للإصابة بهذا النوع من الفوبيا، وحدثت فقط كما تحدث بعض المخاوف الأخرى دون أن يكون هناك سبب واضح للإصابة بها، حيث توجد أنواع كثيرة من الفوبيا ليس لها سبب محدد للإصابة بها، وتحدث فقط من تلقاء نفسها.
وقد يكون السبب أيضا هو عدم الوعي الكافي للشخص منذ صغره بتكوين جهازه التناسلي، وتكوين أفكار مغلوطة عن الجنس والعلاقات الجنسية، وتعرضه للتخويف الدائم من الجنس، بحيث هذا التخويف لا يتركز على أمور واقعية، ولكن فقط من أجل تخويف الشخص أو الطفل من العلاقات الجنسية، وبالتالي تتكون لديه صورة وأفكار افتراضية مغلوطة عن العلاقة الجنسية، وهي في العادة أفكار سلبية، وبالتالي ينشأ الشخص وهو يرفض كل أنواع العلاقات الجنسية.
وهذا النوع من الفوبيا الجنسية الافتراضية، أي الأشخاص الذين يعتقدون أن هناك أفكارا سلبية تتعلق بالجنس هم في الواقع أشخاص يملكون شخصية انطوائية وانعزالية، لأن أصحاب الشخصية الانطوائية والانعزالية هم أكثر الذين يعانون من الخوف الداخلي.
كما قد يكون السبب أيضا هو النشوء في مجتمعات محافظة بصورة كبيرة، تحظر على الفتيات الاختلاط مع الذكور، وعادة ما تكون الأعراض والتقاليد هي الحاكمة وبصورة كبيرة، الشيء الذي يجعل هؤلاء الأشخاص يكونون أفكارا مغلوطة
عن الجنس.
أما في ما يخص الرجال الذين يعانون من ضعف الانتصاب أو اضطرابات تتعلق مثلا بسرعة القذف، فقد يعانون أيضا من فوبيا الجنس بسبب فقدانهم للثقة في أنفسهم ومعرفتهم المسبقة أنهم غير قادرين على إنجاح الممارسة الجنسية، الشيء الذي يؤثر على حالتهم النفسية وقدرتهم، أما في ما يخص النساء فقد يكون البرود الجنسي الذي تعاني منه النساء هو أحد مظاهر الإصابة بفوبيا الجنس، حتى وإن اختلف البرود الجنسي عن هذا النوع من الرهاب، بحيث إن البرود الجنسي هو فقدان للرغبة بسبب أسباب معينة، والفوبيا عادة ما تتعلق بالخوف من الممارسة.
وجدير بالذكر أن هذا النوع من الفوبيا عادة ما يصيب الأشخاص الذين يعانون من الخجل أو الرهاب الاجتماعي، إذ دائما ما تتعلق اضطرابات الرهاب الاجتماعي بالخوف وتجنب التعامل مع الأشخاص الآخرين أو الانخراط في المجتمع، ولأن العلاقة الحميمية تعتمد على التقارب الشديد من الشخص، فإنها بالتالي أكثر العلاقات المرفوضة من قبل هؤلاء الأشخاص، كما أن لديها ارتباط وطيد بالإصابة بـأمراض كالاكتئاب والفصام وغيرها من الأمراض الذهانية ولا علاقة لها بأسباب هرمونية.
وعكس ما يشاع وبحسب الدراسات، فإن الرجال أكثر عرضة للإصابة بهذا النوع من الفوبيا، فمقابل ثلاثة رجال مصابين بالفوبيا هناك امرأة واحدة فقط مصابة بهذا النوع من الفوبيا، ويرجع السبب الرئيسي أن الرجل هو الذي يلعب الدور الكبير في العملية الجنسية، وهو من يتحمل الضغط الأكبر في إنجاح وإتمام العملية الجنسية، بينما المرأة هي مستقبلة فقط للعملية.
كما أنه من المهم جدا الإشارة إلى أن أداء الرجل يتوقف بدرجة كبيرة على كيفية تعامل زوجته مع الموضوع، ورضاها من عدمه على العلاقة الجنسية، فكلما كانت المرأة راضية عن الأداء الجنسي لزوجها، كلما زادت ثقته في نفسه، بينما المرأة التي لا تظهر الامتنان لزوجها، أو لا تعترف بأدائه الجيد عادة ما تفقده الثقة في نفسه، وبالتالي يحدث أن تتراجع قدرته على العطاء أكثر أو فقدان الرغبة. وفي حالات عديدة يلجأ الرجال لممارسة العادة السرية، لتجنب النظرة التي تلي العملية التي يتلقاها من زوجته كنظرات التوبيخ مثلا.
وسائل العلاج
إن العلاج في حالة الإصابة بهذا النوع من الفوبيا أمر ممكن جدا، ومن المهم جدا الوقوف على السبب الرئيسي في الإصابة بهذا النوع من الفوبيا أيضا، فالطبيب المعالج يدرس حالة الزوجين معا وعادة ما يتم تصحيح الأفكار المغلوطة المتعلقة بالعلاقة الجنسية، خصوصا إذا كان السبب وراء الإصابة بهذه الفوبيا هو الأفكار المسبقة التي تلقاها الشخص في حياته، والتي لطالما اعتبرت العلاقة الجنسية أمرا شنيعا ويجب تفاديه، فيقوم الطبيب المعالج بتصحيح تلك الأفكار عن طريق ملء خزان الذاكرة بمعلومات جديدة وصحيحة عن العلاقات الجنسية، كما يتم تقديم مجموعة من النصائح للزوجين، خصوصا لمن يعانون من جهل لأوضاع الممارسة الجنسية، أو من يفقدون القدرة على التعامل مع الأمر، ومن المهم بالنسبة غلى الطبيب المعالج تصحيح الأفكار التي تدور في خلد الزوجين معا، ومن المهم للمرأة أن تدرك أن العلاقة الحميمية هي إحدى طرق التواصل مع الزوج، والتي قد تزيد الحب والود بينهما. وعادة فالعلاج دائما ما يرتبط بالسبب الحقيقي وراء الإصابة بهذا النوع من الرهاب.