شوف تشوف

الافتتاحية

هزيمة في ثوب انتصار

حينما يتابع المرء «الفيشطة» التي أقامها حزب العدالة والتنمية بعد استعادته لمنصب رئيس جماعة المحمدية، يشعر بحجم المآسي والإحباطات التي أصبحت تحيط بالحزب الحاكم من كل حدب وصوب، إلى الحد الذي يجعله يقيم من اللاحدث إنجازا تاريخيا وانتصارا سياسيا لتخطي الشعور بالانهزامية قدر الإمكان.
لنعِد تركيب قصة «الانتصار» الانتخابي الوهمي من جديد، لندرك حجم «البروباغندا» المتجاوزة التي حاول تسويقها الحزب الحاكم للظهور بمظهر الحزب الذي مازال ماسكا بزمام الأمور. فخلال الانتخابات الجماعية لسنة 2015 سيحصل حزب العدالة والتنمية على أغلبية مقاعد مجلس المحمدية بـ22 مستشارا من أصل 47، ليشكل أغلبية مكونة من 39 عضوا نجم عنها انتخاب الممرض حسن عنترة الذي اقترحه الحزب، والذي كان يتباهى به بنكيران، قبل أن ينقلب عليه حزبه منتصف ولايته، ويتجه إلى تحريك مسطرة عزله من منصبه عن طريق القضاء، دون أن يتابعه عن الأخطاء الجسيمة التي ارتكبها. بعد ذلك، ستجري، بداية الأسبوع، انتخابات وستفوز مرشحة حزب العدالة والتنمية بالرئاسة، بـ22 صوتا مقابل 39، كان يتوفر عليها خلال المجلس السابق، وبطريقة اجتماع بمن حضر بعدما تغيب 25 عضوا. وسيفقد الحزب الحاكم 6 مستشارين سيلجأ «البيجيدي» لطردهم وثلاثة من فريق الاتحاد الاشتراكي وسبعة من الأحرار، ليعلن عبر أبواقه أنه حقق انتصارا بالضربة القاضية على أذرع التحكم، وهزم الفساد في معاقله وحمى قلاع الديمقراطية.
مثل هذا الانتصار الوهمي في جماعة ترابية، هو ما يظل يسوقه الحزب الحاكم خلال العديد من السياسات والقرارات على المستوى الوطني، عبر خطاب مخادع يعمل على تحويل الفشل إلى نجاح والسذاجة إلى ذكاء سياسي، واللاشيء إلى حدث سياسي.
وبدون شك، فالحزب الحاكم يدرك أنه دخل منعطف الإفلاس السياسي والعجز المهول في الشرعية، بسبب السنوات السبع العجاف التي قضاها على رأس الحكومة والبرلمان. لذلك فهو في أشد الحاجة إلى لحظات ولو مصطنعة يمكنها أن تداري خيباته وتشعره بانتصارات وهمية، تعيد له جزءا من الشرعية المفتقدة حتى داخل مريديه وزبنائه المترددين.
فحزب الإسلاميين أصبح يبحث عن أي قشة سياسية يتمسك بها لإنقاذ ماء وجهه، وترميم معنوياته المنهارة وتحسين صورته المتضررة، والتخفيف من وطأة الشكوك التي طالته في الآونة الأخيرة، بعد أن كشفت الأيام أننا نمنا واستفقنا على المشاكل نفسها التي صاحبت الحكومات السابقة، بدون أن تتوفر لهم الإمكانيات الدستورية والسياسية الممنوحة لحكومتي «البيجيدي»، الذي أضاع جميع وعوده بالتغيير والإصلاح في قاع ذلك «الصندوق» الذي جمع فيه أكثر عدد ممكن من الأصوات دون أن يحقق أي شيء يذكر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى