شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسيةملف التاريخ

هذه قصة عدم وجود اليهود في مدينة مولاي إدريس

يونس جنوحي

شمال مكناس تماما، تقع واحدة من أجمل المدن وأحسنها في شمال إفريقيا. لا يُسمح لأي يهودي أو أوروبي بالعيش هناك، وتوجد مستعمرة فرنسية تتكون من أربعة أشخاص، زُرعت خارج أسوار المدينة. ورغم أن الأوروبيين مسموح لهم بزيارة المكان نهارا، إلا أنه يتوجب عليهم المغادرة قبل حلول الظلام.

إنها مكان مقدس عند المسلمين جميعا، وموسمها السنوي يُعد عرضا مذهلا، بحضور عشرات الآلاف الذين يُخيمون في مجموعات من الخيام بجانب الجبال. ومع ذلك، فإن شوارع المدينة عادية جدا ولا شيء مميز فيها، ومساجدها متواضعة جدا وعادية.

السمة الدرامية لمدينة مولاي إدريس، بغض النظر عن سمعة القداسة التي تسبقها، تتمثل في موقعها الجغرافيا. إذ تتزاحم المدينة على صخرتين تكونان أحد الجبال. ليس من المفاجئ معرفة أن المدينة بُنيت بشكل غير نظامي، كما لو أنه لم يكن هناك أي تصميم لها عند إنشائها. ومن المدهش، في ما يتعلق بهذا الموقع، أنه لا يجدر أو لا يمكن أن تُبنى فيه مدينة على الإطلاق.

أسست المدينة على يد والد الرجل الذي أسس مدينة فاس، وهو أحد أحفاد النبي محمد. ترك مولاي إدريس مكة على عجل، وهرب من الاضطهاد الممنهج الذي خطط له هارون الرشيد، خليفة بغداد.

استقر مولاي إدريس بين الأمازيغ المغاربة، وبهيبته العائلية، وشخصيته وسيفه جعل نفسه زعيما محليا وواصل توسيع نطاق نفوذه باستمرار.

لكن هارون الرشيد، الذي لم يكن رومانسيا كما تقول عنه الأساطير، لم يكن ليخدع فريسته ببساطة. أرسل جاسوسا يهوديا، وهذا الرجل ادعى أنه تواق إلى اعتناق الدين الإسلامي، وهكذا حصل على ثقة الرجل المنفي. ثم، عند أول فرصة، قام اليهودي بتسميمه. كان هذا قبل سنة 800 ميلادية، لكن اليهود لا يزالون لا يحظون بأي شعبية في المدينة. جدير بالذكر أن أحد معاني اسم هارون الرشيد أنه هارون العادل.

عند لحظة احتضاره، لم يكن لمولاي إدريس أي وريث، لكن رغم ذلك، وبعد شهرين على وفاته، أنجبت أرملته الأمازيغية ولدا. لقد جاء في الوقت المناسب لتأسيس السلالة العائلية. ورغم أنه نقل مقر حكمه إلى فاس، إلا أن ضريح والده في مولاي إدريس يبقى مشهورا وغنيا عن التعريف.

ما يعزز طابع القداسة للمدينة وجود أزيد من ألف «شريف» فيها، ما بين شريف أو حفيد للنبي محمد.

اليوم كان أول يوم في رمضان، وسائقي محمد أراد أن يصلي عند الضريح، وأن يشتري بعض الشموع المُزينة والمقدسة التي يُعتبر صنعها النشاط الصناعي الأول في المدينة. تمشينا عبر الأزقة العشوائية التي تقود بين الفينة والأخرى إلى أعتاب من الأدراج، والمحاطة بمنازل مصبوغة باللونين الرمادي والأبيض، والمبنية في أماكن ومواضع مُستحيلة.

بدأ محمد يحس بتأثير الأعراض الأولى للصوم، ليس لمجرد أنه لا يجب أن يأكل الطعام من طلوع الشمس إلى غروبها، ولكن لأن عليه ألا يُدخن! قال لي إن التدخين يخفف من آلام معدته. لكن عندما عرضت عليه قرص دواء «البيسموث» بديلا عن التدخين لتخفيف ألم معدته، شرح لي أنه حتى هذا الدواء غير المُؤذي لا يمكن تناوله إلا بعد غروب الشمس.

رغم ذلك، نسي محمد وعكته الصحية عند أول استراحة، والتي كان يزورها لأول مرة. الاحتلال الروماني للمغرب كان طفيفا، لكن الرومان بنوا في الشمال بعض المدن التي كان الهدف منها توفير حماية عسكرية. بعض هذه المدن اختفت، ونُهبت الحجارة التي استُعملت في بنائها.

كان هذا مصير مدينة وليلي، المدينة الرئيسية، لكن آثارها وأطلالها تدل على مدى توسعها في السابق وأهميتها أيضا.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى