حسن البصري
كان لك شرف المشاركة في نهائي كأس العرش بالرغم من انشغالك بالامتحانات..
انتظرت إلى حين عودة عناصر الرجاء من مدينة إفران، حيث التحق الجميع بأحد فنادق الدار البيضاء استعدادا للمباراة النهائية لكأس العرش ضد المغرب الفاسي. وفي يوم الجمعة حملت حقيبتي وتوجهت إلى الفندق، رحب بي المدرب التيباري وقال لي: «جهز نفسك للنهائي». تصور أنني قضيت ليلتين مع الفريق داخل الفندق لأجد نفسي ضمن التشكيلة الأساسية في مباراة نهاية كأس العرش التي يحلم كل لاعب بالمشاركة فيها.
مستحيل اليوم أن تشرك لاعبا غاب عن التداريب أسبوعين كاملين في مباراة حاسمة، أليس كذلك؟
مستحيل لأن الكرة تغيرت وأصبحت تعتمد بشكل كبير على الجانب التكتيكي، أكثر من الموهبة والمهارة الفردية. أنا كمدرب لا يمكنني أن أشرك لاعبا غاب حصة واحدة، فما بالك بغياب دام أسبوعين قبل نهائي كأس العرش.
كيف كان مردودك؟
في نهائي كأس العرش لسنة 1974، انتظرت جماهير الرجاء البيضاوي طويلا لرؤية فريقها يتوّج بأول ألقابه، 25 سنة بعد التأسيس، لكن الخصم لم يكن سوى المغرب الفاسي بقيادة الحارس الدولي حميد الهزاز وألمع نجوم الفريق الذين كانوا يشكلون العمود الفقري للمنتخب الوطني. كنت مطالبا بالحد من تحركات أخطر جناح أيمن في «الماص» والفريق الوطني، وفي تلك المباراة سيغيب نجم الفريق بيتشو، لكن المدرب التيباري سينفخ فينا نحن الشباب روح الانتصار. الحمد لله نجحت في المهمة.
برز اسمك في مباراة «ديربي» شهيرة جمعت الرجاء والوداد، ما الأسباب الحقيقية للانسحاب من رقعة الملعب؟
هذه الواقعة ترجع لسنة 1978، كانت مباراة هامة برسم البطولة الوطنية واحتضنها ملعب الأب جيكو، كان فريقنا منهزما بهدف ضد الوداد، لكن في الوقت الذي كنا نبحث فيه عن التعادل في الجولة الثانية، قام الحكم رحمه الله وسامحه بالإعلان عن ضربة جزاء لفائدة الوداد في الوقت الذي كان من الأجدر الإعلان عن ضربة خطأ لفائدة حارس مرمانا نجيب مخلص.
كيف؟
تصدى مخلص لإحدى التسديدات وحاول تمريرها بيده لبدء عملية هجومية مضادة من الخلف، لأننا كنا نسارع للبحث عن هدف التعادل، لكن المهاجم الودادي حاول منع حارسنا من بدء الهجوم وشكل مضايقة حقيقة. هنا كان على الحكم إعلان ضربة خطأ لفائدة الحارس، لكن مع تكرار المحاولة وتكرار العرقلة حاول مخلص إزاحة اللاعب من طريقه، دون جدوى، ما دفعه إلى دفعه بساعده فسقط لاعب الوداد أرضا ليعلن الحكم عن ضربة جزاء أججت غضب الرجاويين، بل وطرد حارسنا الذي غادر على الفور وكان مدربنا قد استنفد التغييرات. كان يمكن للحكم أن يشهر البطاقة الصفراء في وجه الحارس والمهاجم مجيدو على ما أذكر، لكن طرد مخلص لم يكن قرارا صائبا.
من اتخذ قرار الانسحاب؟
حين توقفت المباراة توجهنا إلى كرسي البدلاء لدى الطاقم التقني، وكان حمان، رحمه الله، مدربا للرجاء، فانضم إلينا الحكم وكنا نبحث جميعا عن وسيلة لاستكمال المباراة، ونناقش مسألة الحارس بعد استنفاد التغييرات التي كانت تقتصر، آنذاك، على لاعبين فقط، بدا وكأن عبد المجيد ظلمي، رحمه الله، كان يستعد لحراسة المرمى، لأنه كان الأقدر بيننا على الحراسة، غير أن الحكم شرع في استعطاف المدرب وطلب منه حث اللاعبين على استكمال المباراة، بل وقال لنا بالحرف: «إذا توقفت المباراة سأحرم من إدارة مباراة في ليبيا الأسبوع الموالي، ادخلوا وسأعمل جاهدا على إصلاح الخطأ الذي ارتكبته».
كلامك يعني أن الحكم اعترف بالخطأ ووعدكم بالتعويض..
لا لقد قال إنه سيعوض الفريق في مباراة قادمة لأن «الديربي» كان يلفظ آخر أنفاسه، إلا أن هذا النقاش مع الحكم وصل بكل تفاصيله إلى المسيرين الذين كانوا يتابعون المباراة، وأنت تعلم أن صغر الملعب يجعل كلام المدرب واللاعبين يصل مباشرة لآذان المتفرجين الذين كان يسمح لهم بالجلوس في جنبات الملعب. هنا صدر قرار عن المسيرين بالمغادرة الفورية للملعب مادامت القضية فيها وعد بالتعويض، لأن تعويض خطأ بخطأ آخر سيخلق ضررا لجهة أخرى. إذن مضامين النقاش وصلت إلى مسؤولي الرجاء، الذين لم يكونوا بعيدين عن بؤرة التوتر بحكم أن ملعب الأب جيكو يتيح للمشجعين والمسؤولين فرصة متابعة المباريات عن قرب. ونحن كلاعبين نفذنا التعليمات وانتهت المباراة قبل وقتها القانوني.
الحكم قال، في تصريح سابق، إن حارس الرجاء لم يحتج على ضربة الجزاء..
الحكم أشهر بطاقة حمراء في وجه حارس الرجاء نجيب مخلص، لكن لم تكن ضربة الجزاء التي منحها للوداد هي سبب مشكل الانسحاب، السبب كما قلت لك هو قضية التعويض. صحيح حين قام حارس الرجاء مخلص بارتكاب خطأ بضربه للاعب الوداد مجیدو داخل مربع العمليات، بدون كرة، من حقه أن يعلن عن ضربة جزاء، إلا أن العملية تستحق من الحكم تدخلا قبليا لأن المهاجم مجيدو عرقل تحرك الحارس وهذا ما غض عنه الحكم النظر، أما طرد حارس مرمى الرجاء وكونه لم یحتج ولم يعترض، فهذا معناه أن الاحتجاج لن يجدي نفعا.