هذا ما يجب فعله لنصرة الرسول
ما حدث في باريس جريمة نكراء لا يمكن لكل من في قلبه ذرة من الإنسانية إلا أن يدينها ويستنكرها بكل قوة. فقطع رأس أستاذ بسبب عرضه في حصة درس حول حرية التعبير رسوم شارلي إيبدو المسيئة للرسول عمل إرهابي جبان وجرم لا يغتفر ومرتكبه يستحق العقاب الذي يليق بمثل هذه الجريمة. فلا الله ولا الرسول ولا المسلمون طلبوا من هذا المعتوه أن ينوب عنهم أو يرتكب ما ارتكب باسمهم.
ولهذا فالله ورسوله والمسلمون بريئون منه ومما فعل، حتى ولو ادعى المتطرفون العنصريون أن ما قام به كان باسم الإاسلام وأن المسلمين مسؤولون عما حدث.
الجريمة التي وصفها الرئيس الفرنسي بالعمل الإرهابي الإسلامي جاءت في سياق خاص، تركز فيه الاهتمام على مشروع القانون الذي يروج له ماكرون حول الانفصاليين الإسلاميين، ولذلك فمثلما هناك حوادث متطرفة تحصل في فرنسا فبعض التصريحات التي أطلقها أقطاب اليمين جاءت متطرفة أيضا وتصب الزيت على النار عوض البحث عن أصل الداء الذي ينخر المجتمع الفرنسي والذي أنتج من قلب بلاد الأنوار كل هذا التطرف وكل هذا العنف وكل هذه الهمجية.
ما أثارني شخصيًا هو تصريح روبير مينار عمدة مدينة ورئيس سابق لمنظمة مراسلون بلا حدود والذي غرد قائلا “بينما يقطعون رؤوس أساتذتنا سنقوم نحن بتدريس اللغة العربية”.
هذا الأمي المدعو مينار يجهل أن هناك ملايين العرب الذين ليسوا مسلمين، منهم كثير من المسيحيين الذين يتكلمون بالعربية. ولفرط تعصبه وتطرفه فاته أن يعرف أن تعداد المسلمين في العالم يصل إلى مليار ونصف ليس بينهم سوى 300 عربي.
أما مانويل فالس الصهيوني المتطرف رئيس الوزراء السابق على عهد الرئيس فرانسوا هولاند فقد دعا جميع وسائل الإعلام الفرنسية إلى إعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول كرد على الجريمة التي ذهب ضحيتها أستاذ على يد لاجئ شيشاني.
هكذا يتم الرد على التطرف بتطرف مضاد والنتيجة يعرفها الجميع مسبقًا، فما تعيشه فرنسا يحتاج إلى نقاش عميق دون نوايا سيئة مع ذوي الاختصاص للبحث عن جذور هذا التوحش الذي بدأ ينهش المجتمع، وليس بتأجيج المشاعر العدائية ضد اللغة العربية أو نبي الإسلام من طرف متعصبين عنصريين كزيمور ومينار وفالس سيتم حل المشكل.
على المسلمين أن يتخلصوا من عقدة الذنب، والمسارعة في كل مرة ارتكب مجرم أو أحمق أو إرهابي موتور جريمة نكراء إلى الدفاع عن براءتهم وبراءة الإسلام مما اقترفته أيادي هؤلاء الإرهابيين باسمه، ببساطة شديدة لأن 98 بالمائة من المسلمين ليسوا مسؤولين عما يقوم به 2 بالمائة منهم.
هناك قوانين في فرنسا وكل مواطن سواء كان مسلما أو مسيحيًا أو يهوديًا أو لا دينيًا ارتكب جرمًا على أرضها فعليه دفع الثمن، دون أن يكون بقية المسلمين أو اليهود أو المسيحيين أو الملحدين مجبرين على التناوب على الميكروفونات لكي يستصدروا شهادة البراءة لأنفسهم ولدينهم ومعتقداتهم.
وهناك عادة يجب أن يتخلص منها المسلمون نهائيًا وهي أنهم كلما اتخذ أحدهم الرسول صلى الله عليه وسلم موضوعا للسخرية أو التندر أو الشتم إلا وانبروا له نصرة للرسول مطالبين بشنق هؤلاء الزنادقة وضرب رقابهم ليكونوا عبرة لغيرهم.
ومن كثرة ما سمعنا ورأينا وقرأنا حول ما يقوله البعض في حق الرسول من سفاهات وما يرد به عليهم البعض الآخر من شتائم وتهديدات كان لا بد أن نتوقف لحظة لكي نوضح نقطة مهمة وهي أن الإسلام كدين والنبي محمد صلى الله عليه وسلم كرسول تعرضا منذ بداية الدعوة ونزول الوحي لما لا حصر له من المؤامرات والدسائس والمكائد، ومع ذلك لم يزد ذلك الدعوة إلا توهجا وانتشارًا، ومن يقرأ كتاب الله سيجد الجواب الشافي في الآية التي يقول فيها عز وجل :
“يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون”.
لذلك لا تهتم أخي المسلم أختي المسلمة لمستقبل هذا النور الذي هو الدين، فالله وعد بأن يتمه رغم أنف الكارهين له.
أنت فقط احرص على أن ينعكس تدينك على سلوكك ومعاملاتك، وستكون قد أسديت لهذا الدين أكبر معروف دون حاجة إلى خوض أية معركة لأجله مع أي أحد.
وإذا كنت فعلا تحب الرسول اتخذه قدوة في حياتك اليومية ومعاملاتك وسلوكاتك مع الناس.
إذا كنت تعتقد أن غيرتك على الرسول ومحبتك له يمكن أن تكون بغير هذه الطريقة فأنت واهم.
الرسول ليس بحاجة لأن تدافع عنه لأن الله تعالى تولى بنفسه هذا الأمر وقال له “والله يعصمك من الناس”.
هل تعرف ما معنى أن يعصم الله رسوله من الناس؟
قالت عائشة رضي الله عنها “سهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فقلت: يا رسول الله ما شأنك؟ قال: ألا رجل صالح يحرسنا الليلة؟ فقالت: بينما نحن في ذلك سمعت صوت السلاح، فقال: من هذا؟ قال: سعد وحذيفة، جئنا نحرسك”.
فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعت غطيطه، ونزلت هذه الآية، فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من قبة آدم، وقال: انصرفوا يا أيها الناس فقد عصمني الله”.
ولهذا يمكننا أن نقول لكل من يرغي ويزبد سبًا وشتما وتهديدا في وجه كل من تجرأ على رسول الله، اطمئن أيها الأخ الكريم فلن تكون أشد ولا أقوى ولا أحرس من الله الذي عصم الرسول من الناس، ولتنصرف لحال سبيلك فالرسول استودع نفسه الله الذي لا تضيع ودائعه.
إذا كنت تحب الرسول الكريم اتبع سنته، كن صدوقًا مثله، كن حليمًا كريمًا مثله، كن أمينًا مثله، كن صبورًا على تحمل الأذى مثله، فقد قذف بالحجارة حتى أدمت قدماه الشريفتان، ولم يحقد على أحد، وسد باب بيته بالشوك ودس له السم في الطعام ورمى جاره القمامة أمام بيته، ومع ذلك عامل الجميع باحترام وتعفف ورد على الإساءة بالإحسان، وعلى الأذى بالمسامحة، وظل يوصي عن الجار حتى ظن الناس أنه سيورثه.
فهل أوقف ذلك كله رسالة الرسول؟ هل نال منه ذلك شيئًا؟ هل ضعف وهج النبوة؟
إذن عوض أن تضيع وقتك في المعارك الفارغة انظر هل تستطيع أن تفعل مثل ما كان يفعل الرسول، فإذا نجحت في أن تصيب شيئًا مما كان يفعل فأنت تحبه، وإذا لم تستطع لذلك سبيلًا وغلبتك شقوتك وحميتك وجاهليتك فاعلم أن محبتك للرسول مجرد نفاق وادعاء تسعى من ورائها لإثارة الانتباه لورع زائف، أما إذا استطعت أن تنال نصيبًا ولو يسيرا من خصال الرسول وسنته فاعلم أنك لست فقط تحب الرسول بل إنه أيضا يحبك، وإذا أحبك الرسول فكيف بك ألا يحبك الله، وإذا أحبك الله فقد نجوت بنفسك.
“قُل إِن كُنتُمْ تُحِبونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رحِيمٌ”.
فانج بنفسك بالإعراض عن الجاهلين واتباع سنة سيد الخلق وإمام العارفين.