هدية من العثماني للنقابات قيمتها مليار و500 مليون
محمد اليوبي
تزامنا مع إعلان المركزيات النقابية عن مقاطعة جلسات الحوار الاجتماعي، خصص رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، إعانة مالية للنقابات ضمن ميزانية رئاسة الحكومة، التي تمت دراستها، أمس الأربعاء، أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، ستنضاف إلى الدعم السنوي الذي تصرفه الدولة للمنظمات النقابية.
وحسب وثائق ميزانية رئاسة الحكومة، فإن مبلغ هذه الإعانة محدد في مليار و500 مليون سنتيم، سيتم توزيعه طبقا للمعايير المحددة في المادة الأولى من المرسوم التطبيقي لمدونة الشغل، إذ تحدد هذه المادة العناصر التي تمنح على أساسها الإعانات التي تقدمها الدولة لاتحاد النقابات المهنية أو لأي تنظيم مماثل، وذلك حسب عدد مندوبي الأجراء المنتخبين في القطاعين العام والخاص خلال آخر انتخابات مهنية مجراة على الصعيد الوطني.
وحسب نتائج الانتخابات المهنية الأخيرة، فإن النقابات التي تصنف ضمن المركزيات الأكثر تمثيلية، والتي ستستفيد من «كعكة» الدعم، هي الاتحاد المغربي للشغل، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الذراع النقابية لحزب الاستقلال، والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، الذراع النقابية لحزب العدالة والتنمية، ونقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل.
وأفادت مصادر نقابية، بأن الدعم الذي يمنحه العثماني للنقابات، يتم صرفه من الصناديق السوداء التي توجد تحت إمرته، ويخصصه فقط للنقابات التي تصنف ضمن النقابات الأكثر تمثيلية ولا تستفيد منه كل النقابات، وذلك في ظل غياب نص قانوني ينظم عملية توزيع الدعم على النقابات الأكثر تمثيلية، حيث هناك المادة 495 من مدونة الشغل، التي تتحدث عن مفهوم النقابات الأكثر تمثيلية، لكن مدونة الشغل تهم القطاع الخاص، ولا تنطبق مقتضياتها على الوظيفة العمومية وموظفي الجماعات المحلية. واعتبرت المصادر أن هذا الدعم هو بمثابة «ريع» يخصص للنقابات دون مراقبة المجلس الأعلى للحسابات، في غياب القانون التنظيمي للنقابات الذي يمكن أن يتضمن مقتضيات واضحة حول طرق الاستفادة من الدعم وتحديد أوجه صرفه، على غرار قانون الأحزاب السياسية.
ولم تستبعد المصادر وجود صفقة «خفية» بين الحكومة والنقابات تقضي بعدم إخراج القانون التنظيمي للمنظمات النقابية خلال الولاية الحالية، وعدم إدراج هذه النقطة ضمن جدول أعمال الحوار الاجتماعي الذي دشنه رئيس الحكومة، مقابل المصادقة على القانون التنظيمي للإضراب الذي يطالب الاتحاد العام لمقاولات المغرب «الباطرونا» بإخراجه في أسرع وقت. وأكدت المصادر، أن الحكومة سارعت إلى إخراج القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب والمصادقة عليه بالمجلس الحكومي، وهو الآن معروض على المسطرة التشريعية بمجلس النواب، في حين تجاهلت إخراج القانون المتعلق بالنقابات، رغم وجود ارتباط وثيق بين هذين القانونين.
ولم تكشف الحكومة عن الأسباب الحقيقية لعدم إخراج القانون الثاني الذي يهم تنظيم الحياة النقابية وتعزيز الحكامة التنظيمية داخل الجسم النقابي المغربي، وكذلك تعزيز الرقابة المالية من خلال فتح المجال أمام آليات الافتحاص المالي للمركزيات النقابية من طرف قضاة المجلس الأعلى للحسابات، على غرار الأحزاب السياسية التي تقدم حساباتها السنوية إلى المجلس، في حين أخرجت الحكومة القانون الأول تحت ضغط أرباب العمل «الباطرونا» أمام صمت رهيب للنقابات التي كان غرضها هو عدم إخراج القانون الثاني.
وأفادت المصادر ذاتها، بأن الفصل 8 من الدستور، ينص على وضع القانون المتعلق بالنقابات على غرار قانون الأحزاب، يحدد القواعد المتعلقة بتأسيس المنظمات النقابية وأنشطتها، وكذا معايير تخويلها الدعم المالي للدولة، وكيفيات مراقبة تمويلها. وأوضحت أن هذا الفصل، بالإضافة إلى تأسيسه للخطوط العريضة للحرية والمطابقة والدمقرطة، يحيل كذلك على القانون الذي سينظم القواعد المنظمة لتأسيس المنظمات النقابية ومعايير تحويل الدعم المالي للدولة ومراقبة هذه النقابات، وبالتالي فإن دستور 2011 حدد الخطوط العريضة لهذا القانون، والحكومة ملزمة بتسريع إخراج قانون النقابات إلى حيز الوجود. إضافة إلى ذلك، فإن الدستور تضمن مقتضيات ضمن الفصل 9، والتي تحدد الضمانات القضائية المتعلقة بالحل أو التوقيف، وهذا الفصل جاء لإعطاء ضمانات للمنظمات النقابية لممارسة أنشطتها بطريقة سليمة، كما أن الفصل 29 من الدستور أسس لمجموعة من المبادئ المرتبطة بالانتماء النقابي.