هدم مسجد عتيق بتارودانت يتجاوز عمره القرن
محمد سليماني
عبّرت فعاليات بتارودانت عن استيائها واستغرابها، بعد إقدام وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على هدم مسجد «الرحبة القديمة» العتيق، الذي يبلغ عمره ما يربو عن قرن من الزمن. قرار الهدم اتخذته الوزارة بناء على تقرير للمجلس العلمي المحلي الذي رأى عدم جدوى وعدم إمكانية ترميم هذا المسجد، مما دفع الوزارة إلى هدمه ليلا تحت جنح الظلام يوم الثلاثاء الماضي، بالرغم من أن هذا المسجد يشكل إرثا حضاريا وتاريخيا للمدينة. كما تم هدم مجموعة من الدكاكين القديمة، وهدم قاعة تاريخية كانت مخصصة لبيع الإدام (السمن والعسل..).
هذا واعتبرت الجمعية المحمدية لحوار الحضارات وصيانة التراث الحضاري لتارودانت، في بيان لها، أن عملية هدم هذه المآثر التاريخية «تخرق كل الأعراف، وتتم خارج سياقها القانوني الصحيح، وخارج أي تصور علمي واضح للترميم ورد الاعتبار، كما أنها لا تتوفر على تراخيص صريحة من لدن المجلس الجماعي، فضلا عن أنها تثير احتجاجات واسعة وسخطا عارما في أوساط فعاليات المجتمع المدني، وعموم مواطني ومواطنات مدينة تارودانت». وأدانت الجمعية، التي تضم مجموعة من المدافعين عن الآثار التاريخية والحضارية لتارودانت، عمليات الهدم، معلنة «استنكارها ورفضها للعبث بتراث وتاريخ ومعالم حاضرة سوس التاريخية وعاصمته العلمية تارودانت».
وطالبت الجمعية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية «بالتوقيف الفوري لكل أشغال الهدم بحومة الرحبة القديمة إلى حين إعداد مقاربة علمية واضحة، تروم إصلاح وترميم المعالم المعنية، وليس هدمها وطمس هويتها التاريخية ومميزاتها المعمارية والعمرانية».
من جانبه، قال الباحث في التراث والتاريخ بتارودانت نور الدين صادق، رئيس الجمعية المحمدية، «لسنا ضد إصلاح المسجد، وترميمه والعناية به، ولكن على شرط أن يتم الأمر على يد مكاتب دراسات مختصة، تأخذ برأي المؤرخ وعالم الآثار، قبل تدخل المهندس المعماري. فترميم المعالم العمرانية مهما كانت بساطتها له مختصوه وتقنياته وأساليبه الخاصة». وأضاف الباحث أن «علماء الدين، مهما كانت قيمتهم العلمية، ليس من حقهم الإفتاء في مجال العمران، وليس من تخصصهم تقييم المآثر التاريخية، ولا تحديد خصوصياتها الفنية والجمالية، ولا مميزاتها المعمارية والعمرانية».
من جهتها، أكدت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، في بلاغ لها، «أن حالة الخراب التي يوجد عليها مسجد «الرحبة القديمة» تستدعي، بناء على الخبرة التقنية في الموضوع، إعادة بنائه كاملا». وأضافت الوزارة أن «رخصة هدم وإعادة بناء هذا المسجد صدرت من طرف السلطات المحلية بتاريخ 22 نونبر 2018».