هدر الزمن السياسي
لا شك أن أكبر تحد أمام هاته الحكومة المدججة بأصوات الناخبين هو عدم هدر الزمن السياسي. فهاته الولاية الحكومية بالانتظارات المعلقة عليها، وبالسياق الوطني والدولي الذي جاءت فيه، وبما أطلقه خلالها الملك محمد السادس من برامج وأوراش بالإضافة إلى ما خلفته جائحة كوفيد 19 من تداعيات اقتصادية واجتماعية ليست أبدًا كسابقاتها. لذلك فكل الأفكار والوعود والمشاريع والمبادرات التشريعية والإصلاحات التي حملت التحالف الثلاثي إلى ممارسة السلطة يجب أن تنجز كليا أو على الأقل معظمها على امتداد هذه الولاية.
وما ينبغي أن يستوعبه جيدا بعض أعضاء الحكومة هو أن ولايتهم إذا قدر لهم أن يستمروا على رأس قطاعاتهم، تحتوي على حوالي 1800 يوم، وعليهم كل يوم أن يفكروا وينفذوا التدابير والإجراءات والسياسات القطاعية والمراسيم والقوانين والقرارات والتعيينات، ويخططوا كم من مشروع أو بنية تحتية أو مدرسة أو مستشفى أو إدارة عمومية سيسعون لإنجازها في 72 إقليما و1570 جماعة، وكم من ملايين المواطنين الذين سيستفيدون من تلك القرارات والمشاريع؟ وقبل ذلك كيف سيحصلون على الموارد المالية المطلوبة؟.
لذلك فكل يوم يمر على أي وزير دون أن يتخذ القرارات الضرورية اللازمة ويساعد المغاربة في تحسين أوضاعهم، ويكتفي فقط ببروتوكولات عرض الأزياء وبالتقاط الصور ورميها بمواقع التواصل الاجتماعي، والقيام بالزيارات التفقدية الفارغة والأنشطة والتنقلات والاستقبالات التي لا تعود بشيء على القطاعات التي يسيرون، فهو يضيع على المغاربة زمنا سياسيا لا يقدر بثمن سيدفعون فاتورته في ما بعد من تعليمهم وتشغيلهم وصحتهم وإدارتهم واستقرارهم الاجتماعي.
لقد سئم المغاربة من وزراء الشعبوية والفلكلور وأكل «البيصارة» الذين يبحثون فقط عن تلميع صورهم فيما قطاعاتهم الوزارية تغرق كل دقيقة في الأزمات المتتالية، وهم يراهنون على وزراء هاته الحكومة للعمل بجد ودون بهرجة وضجيج وبحث عن البوز الفيسبوكي والانشغال بدراسة الملفات الحارقة والعاجلة عوض تبديد الزمن الوزاري في الفرفطة والتنقلات الفارغة. نقول هذا الكلام قبل فوات الأوان لأنه عادة نصف السنة الأولى من الولاية الحكومية هي فترة ذروة الشرعية الانتخابية التي تمنح لكل مسؤول حكومي هوامش كبرى تسمح له بإعلان أكثر الإصلاحات جرأة، وهي فترة يجد فيها كل الآذان صاغية لأفكاره الجديدة التي يتشرب كل مواطن إلى معرفتها، وإذا لم يتم استثمار هاته الفترة بكل الجدية الممكنة فليعد الوزراء أنفسهم لجلسات المحاسبة والجلد الإعلامي والسياسي من طرف الرأي العام والكتلة الناخبة.