بقلم: خالص جلبي
فجأة يحدث تحول كوني بارتفاع مستوى مياه المحيطات، غالبا من ذوبان جليدي كوني. قبل 7500 سنة بشكل صدمة، مما يحرك مستوى المياه وحركتها، بفعل تغير درجات الحرارة، لتتحرك أمواج عملاقة عاتية قادمة من البحر المتوسط إلى مضيق الهلسبونت «الدردنيل» فبحر مرمرة، لتضرب بكل عنف العتبة الصخرية حذاء البوسفور، ثم تحدث الكارثة ويتم خرق البوسفور، ليصبح مضيقا سوف تجلس عليه لاحقا بعد آلاف السنوات من طوفان نوح، أجمل عواصم الدنيا (القسطنطينية = إسطنبول أو إسلام بول، أي مركز الإسلام).
ومن هنا تبدأ قصة الطوفان التي طرحت للنقاش كسيناريو محتمل، الذي وصفه العالمان الأمريكيان، اللذان وصلا إلى تأكيده عن طريق عمل قامت به سفينة بحث روسية في البحر الأسود عام 1993م، كل ما فيه أنه يشبه طوفان نوح الموصوف، بفارق واحد أنه أسوأ بكثير مما جاء في الكتب المقدسة، فالماء حسب العهد القديم يرتفع 15 ذراعا، ولكنه في السيناريو الجديد ما يزيد على 150 مترا.
سيناريو الطوفان حسب الكشوفات الجديدة
مع مطلع العام الميلادي 1997 تم الإعلان عن كشف أركيولوجي مثير تقدم به فريق علمي جيولوجي أركيولوجي أمريكي، وقد قدم البحث في نهاية العام 1996 كل من العالمين الأمريكيين «ويليام راين WILLIAM RYAN» و«والتر بيتمانWALTER PITTMAN » أثار ضجة علمية في نقابة الأبحاث الأمريكية، لبقايا طوفان اجتاح منطقة القوقاز وأوكرانيا وبلغاريا والمنطقة المحيطة بالبحر الأسود الحالي واندفع بكل جبروت، عندما ارتفع مستوى المياه فجأة في المحيطات والبحار قبل 7500 سنة في نهاية العصر الحجري، أو ما يعرف بالعصر الحجري الحديث، وكانت منطقة البحر الأسود بحيرة داخلية مغلقة، تعيش على ضفافها قبائل شتى تنعم برغد العيش، طورت نظام الزراعة وشيئا من الأدوات البدائية. وأمام هذا الاجتياح المرعب لمنسوب المياه، صدمت الأمواج العاتية العتبة الحجرية في غرب تركيا لتخرقها وتشكل مضيق البوسفور، ولتتدفق كميات هائلة من المياه وكأنها تغلي في قدر، لتملأ البحيرة بقوة اندفاع وعنف يزيد على قوة تدفق شلالات نياغارا بـ400 مرة، ليتحول البحر الأسود إلى ما يشبه «البانيو» الذي امتلأ بالماء و«طفطف» من حوافه، بحيث إن المياه زحفت تفترس بغير رحمة حواف البحيرة بمعدل كيلومتر يوميا، لتصل إلى عمق مائة كيلومتر عندما هدأ الطوفان. مما جعل المناطق المحيطة بالبحيرة تتحول كلها إلى عالم سفلي تحت الماء، ولتغرق مستودعات غلال حبوب الجنس البشري في تلك الأيام، بالماء المنهمر من أبواب السماء، والمتفجر عيونا من الأرض، كما وصف القرآن، لتغمر مساحة مائة ألف كيلومتر مربع بارتفاع 150 مترا، في حوض مالح اقتلع كل أثر للحياة من المياه الحلوة، التي كانت عامرة تدب بالحياة في أعماقها بما فيها الديدان، كما دلت على ذلك أعمال الحفر وتحليل الرواسب البحرية، التي قام بها علماء المحيطات والأركيولوجيا والاختصاصيون بالأساطير والميثولوجيا الشعبية، من التي نقلتها سفينة روسية حفرت في عمق البحر الأسود. المنطقة الوحيدة التي شمخت ونجت من إعصار الطوفان كانت منطقة القرم، وأما الشعوب التي استوطنت هناك في منطقة غناء محيطة بالبحيرة القديمة الجميلة ذات الشواطئ اللازوردية الخضراء، فكانت بين خيار الغرق أو النجاة بالهرب من المنطقة كلها، وكانت هذه الحركة ذات أثر إيجابي كما ذهب إلى ذلك العالم الأركيولوجي البريطاني «دوغلاس بايلي DOUGLASS BAILEY»، الذي رأى أن هذا الإعصار الكوني بين الغرق والموت الجماعي، وبين الهجرة حذر الموت، قاد إلى انتشار تقنية زراعة الأرض، ونقلت بدايات الحضارة إلى مناطق متفرقة من الكرة الأرضية، وسارعت في بزوغ الحضارة. فهذا الطوفان المدمر كان زناد الاتقاد لمشعل الحضارة.
إعادة صناعة طوفان نوح بيد إسرائيلية وبقنبلة نووية
بقي أن نقول في آخر المطاف إن حرب الخليج الأخيرة جلبت معها أخبارا جهنمية عن أحبار اليهود العلماء، الذين يعيشون على عقلية التوراة قبل 7500 سنة، حيث تم إماطة اللثام عن أخبار سرية، من تفكير إسرائيلي مدروس بدقة، عندما ازداد وخز رشق إبر الصواريخ، والاندفاع إلى استخدام أسلحة الدمار الشامل، أن يفكروا جديا في اصطناع طوفان نوح جديد من حجم أفظع هولا وأشد نكرا، فاستنفرت إسرائيل سلاحها النووي، وخططت لضرب السد العراقي على دجلة، بحسابات دقيقة، لإنتاج طوفان نوح من مستوى عصري، فلو تم ضرب السد العراقي الواقع في المنطقة الشمالية من بغداد، فسوف تتدفق كمية من المياه تكفي لإحداث موت جماعي بالغرق لمليون ونصف المليون من السكان، بحيث تغرق الموصل وما حولها بالكامل، ليصل منسوب المياه في النهاية حذاء بغداد إلى حوالي المترين!
فأرسلنا عليهم السيل العرم
إن سد مأرب الذي يتحدث عنه القرآن بأن أهله كانوا يعيشون على جنبه، بين جنتين عن يمين وشمال، تحولت بعدها بفعل تدفق سيل عرم إلى بقايا من أعشاب جافة وشوك مؤذي، وأكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل، الذي انفجر عليهم عندما فجروا وحادوا عن الخطة الكونية، بضرب من الذنوب والأخطاء لا نعرفها على وجه التحديد، ما لم نشق الطريق إلى الدراسة المقارنة التي أشرنا إليها. فبأخطاء قليلة ينهار السد، ويندفع الماء المحتقن، يكفي أن يُخرق بمقدار أصبع، وينام الناس عن الخطر ليتدفق عليهم، ومعه انهيار حضارة بكاملها يمزقون شر ممزق تحت رحمة الطوفان.
سورة كاملة نزلت بسبب الكارثة وهي «سورة سبأ»، حيث نرى مظاهر شتى من حضارة ناعمة، ولكن «كفروا على نحو ما»، فأرسلنا عليهم السيل العرم وبدلناهم بجنتيهم، جنتين ذوات أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور.
نافذة:
أمام هذا الاجتياح المرعب لمنسوب المياه صدمت الأمواج العاتية العتبة الحجرية في غرب تركيا لتخرقها وتشكل مضيق البوسفور ولتتدفق كميات هائلة من المياه