شوف تشوف

الرأيالرئيسية

نظرية المقامرة

انتشر وسم يتهم رئيس الجامعة الملكية المغربية بالفساد، كالنار في الهشيم، وتبين أن المتحكمين في فصائل المشجعين باتوا خارج السيطرة، وأن الغضب الساطع القادم من المدرجات يحتاج لوقفة تأمل حتى لا تصبح مباريات الكرة بؤر احتقان بعد أن كانت لحظات للإمتاع والمؤانسة.

‎كان رئيس الرجاء الرياضي، عزيز البدراوي، عند وعده حين تعهد أمام الجمهور، في أول خروج إعلامي، بأنه سـ«يبلبلها»، فكان عند «الكلمة». استقال أثيريا من جهاز العصبة الاحترافية، وقال إن الرجاء لا مكاسب له من التواجد في هيئات الكرة، وهو يعلم أن أعضاء الجامعة لا يسقطون بالمظلات.

‎لم يكتف الرئيس بالاستقالة من العصبة الاحترافية، بل هدد بالاستقالة من تسيير نادي الرجاء، وفي جلسة مع المنخرطين قدم لهم إشارات على وجود «مؤامرة» تستهدف الرجاء، وقال إنه فكر في الابتعاد عن محيط الكرة بعد أن عجز عن تطهير محيطه، وهو الذي يشتغل في مجال النفايات المنزلية والصلبة.

‎رفعت لافتات في الملعب تدين رئيس الجامعة فوزي لقجع، وتلقت الصفحات الخضراء إشارة بنشر وسم يجعل الجامعة مرادفا للفساد، وحين كثر اللغط اختار رئيس الرجاء الصمت وقال إنه حكمة، رغم أنه وعد ببلبلة المشهد الكروي.

‎لست في حاجة لتقديم مرافعة في هذا الموضوع، لكن لا يمكن لقرار منفلت من حكم مباراة أو سوء تكييف لقضية في غرفة النزاعات أن يقصف رئيس الجامعة ويترك الفاعل حرا طليقا. لكن علينا، أيضا، أن نؤمن بأن الحكم بشر معرض للخطأ كاللاعب والمدرب والمسير، حتى تقنية «الفار» التي استنجدنا بها، سنكتشف، مع مرور الوقت، أن التكنولوجيا لم تعد حلا بل أضحت مشكلا أسبوعيا.

‎طالب ناشرو دعوة «الهاشتاغ» إلى استيراد رؤوس حكام من الخارج، إلى حين تسمين الحكام الحاليين، لكن الدول التي سبقتنا في استيراد قضاة الملاعب فشلت في تحسين نسل الحكام ورفع مستويات التحكيم. ثم ماذا سيفعل حكامنا المحليون حين نجلب حكاما من الخارج؟ هل نصدرهم لبطولة خارجية على سبيل الإعارة؟

‎من مضاعفات «هشتاغ» جمهور «الكورفا سود» أنه خلق جوا من الاحتقان بين أنصار الفرق المغربية، وباتت صفحات المشجعين بمثابة ساحة معركة استخدمت فيها كل أشكال القذف والشتم. وأخطر مضاعفات هذا الوسم تدويل القضية واستغلالها من طرف جارتنا الشرقية أبشع استغلال.

‎لا يمكن لصفارة منفلتة أن تعبث باستقرار أمة، ولا يمكن لبرمجة مختنقة أن تشغل الناس أكثر مما تشغلهم برمجة امتحانات أو مواقيت عمل أو سفر. ولا يمكن لباعة التذاكر في «مارشي نوار» الدوحة أن ينسفوا كل جهود الجامعة ويخدشوا صورة المنتخب، ويظلوا أحرارا.

‎رجاء كفى من استهلاك نظرية المؤامرة، فكلما تأخر هطول المطر قلنا إن مؤامرة من جهات خارجية وراء شح السماء، وحين اعتقل سعد لمجرد واتهم أشرف حكيمي بالتحرش، قيل إن مؤامرة تحاك ضد مشاهير المغرب في فرنسا، وكلما ضيع لاعب فرصة سانحة للتسجيل بحث المدرب، في ندوته الصحفية، عن دليل مؤامرة، بل إن إعلاميين «أفذاذا» أكدوا أن خسارة المنتخب المغربي في نصف نهائي كأس العالم بقطر كانت «مؤامرة» مدبرة من اللجنة التنظيمية ومن شركات العتاد الرياضي الداعمة للفيفا ومن مجلس الأمن الدولي.

حسن البصري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى