بعد مرور 17 يوما على قيام كتائب القسام، التابعة لحركة حماس في غزة، بعملية «طوفان الأقصى»، وبدء جيش الاحتلال الإسرائيلي لهجومه العسكري الذي أسماه عملية «السيوف الحديدية»، أضحت غزة تعيش كارثة إنسانية غير مسبوقة، في ظل الغارات الإسرائيلية المتواصلة في مناطق متفرقة من قطاع غزة، والتي تستهدف منازل ومنشآت سكنية كاملة، وسط استعدادات لهجوم بري محتمل على القطاع. وفي المقابل، بدأت إسرائيل تشهد حركة نزوح داخلي غير مسبوقة.
إعداد: سهيلة التاور
شن الطيران الحربي للاحتلال الإسرائيلي، فجر أمس الاثنين، عددا من غاراته على قطاع غزة، حيث طالت الغارات مناطق مأهولة في القطاع، ما خلف عشرات الشهداء ومئات الجرحى.
وتأتي هذه الغارات الإسرائيلية غير المسبوقة والتي تم خلالها استهداف أكثر من 320 موقعا في القطاع خلال الـ 24 ساعة الأخيرة، في وقت يواصل الاحتلال التحضير وحشد قواته لشن عملية برية في قطاع غزة.
وارتفعت حصيلة العدوان على غزة إلى 4741 شهيدا، بينهم أكثر من 1873 طفلا و1023 امرأة، بالإضافة إلى أكثر من 14 ألف جريح.
وفي المقابل، قتل أكثر من 1400 إسرائيلي في عملية طوفان الأقصى بينهم 308 من العسكريين إلى جانب أكثر من 200 أسير تحتفظ بهم المقاومة الفلسطينية داخل قطاع غزة.
كما اقتحمت قوات الاحتلال فجر أمس الاثنين مدن طولكرم ونابلس والخليل وقرية بيت ريما شمال رام الله ومخيم عقبة جبر في أريحا بالضفة الغربية، في حين شهدت مدن عدة في الضفة مسيرات ليلية تنديدا بمجازر قوات الاحتلال في قطاع غزة.
ووقعت اشتباكات محلية بين مقاومين وقوات الجيش الإسرائيلي في طولكرم استهدفت خلالها القوات الإسرائيلية بعبوة محلية الصنع.
وقال بيان صادر عن «كتيبة طولكرم- الرد السريع» إن «مقاتلينا يتمكنون من استهداف قوات الاحتلال في محاور عدة بمدينة طولكرم برشقات كثيفة من الرصاص ضمن معركة طوفان الأقصى».
نزوح المستوطنين
تتجه الجبهة الداخلية لكيان الاحتلال الإسرائيلي إلى حالة ارتباكٍ وفوضى، مع استمرار المقاومة الفلسطينية في ملحمتها البطولية «طوفان الأقصى».
وبعد النزوح الداخلي لعددٍ كبير من المستوطنين، سواء من الشمال أو من الجنوب المحتل، تدرس سلطة طوارئ الاحتلال وضع المستوطنين في منشآت عامة، مثل المدارس، في حال اكتظت الفنادق، حسب ما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية.
وفي هذا السياق، أكدت وسائل إعلام إسرائيلية أن «إسرائيل» غير مستعدة لهذا الحجم من إخلاء المستوطنين من الشمال والجنوب، ولفتت «القناة 13» الإسرائيلية إلى وجود 5 آلاف مستوطن من «كريات شمونة» والمستوطنات المحيطة، لم يتم إخلاؤهم، ومصيرهم مجهول.
وأوضحت القناة أن المستوطنين في الشمال «يعتمدون على السلطات التي قررت إخلاءهم، ولكن هم لا يعرفون ما الذي يحصل»، مؤكدةً أنهم يعانون من صدمة مما حصل في الجنوب ولا يريدون تكرار ذلك.
وعند الجبهة الجنوبية، حيث يعتقد أكثر من 10 آلاف مستوطن من «غلاف غزة» أن جيش إسرائيل تخلى عنهم، ويتوسلون المساعدة، فإن حكومة الاحتلال تتطلع إلى خطة لإقامة مستوطنة من «الخيام» قرب «إيلات» لاستيعابهم، وفق الإعلام الإسرائيلي.
تسلح عشوائي
حالة الفوضى الداخلية تنسحب إلى ظاهرة تسلح عشوائي للمستوطنين الذين رأوا «إفلاس الخدمات العامة أمام تحدي الترميم» منذ «طوفان الأقصى»، وفق موقع «واينت» الإسرائيلي.
وأكد الموقع تشكيل نحو 600 مجموعة مسلحة في المدن والمستوطنات. وفي هذا السياق، يقول أحد المستوطنين «سنفعل كل شيء كي لا تتكرر المشاهد من الغلاف».
ولفت الموقع إلى أن شرطة الاحتلال وزعت إلى غاية الآن نحو 5000 قطعة سلاح، مشيراً إلى أن هذه التشكيلات المسلحة ستنتشر في: «الجليل الأعلى، الجليل السفلي، وفي لاخيش، ماروم هاغاليل، مسغاف، رامات نيغف، وشاعر هانيغف».
كذلك ستتواجد في بئر السبع، عكا، الرملة، نهاريا، و»بني براك، إلعاد، معالوت ترشيحا، نوف هاغاليل، ساجور، كرمييل، كريات موتسكين وكسرى سميع».
وبدأت بعض المجموعات بالتدرب في حقول الرماية. وأوضح الموقع أن الخطة تتضمن خطوات توسيع، لتُوزع المجموعات المسلحة في مستوطنات إضافية تباعاً، منها في العفولة، «ريشون لتسيون، بيت شيمش، كفارسابا ورحوفوت».
استهداف المستشفيات والمخابز
قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي، فجر أمس الاثنين، محيط مجمع الشفاء الطبي وسط مدينة غزة، والذي يحوي أكبر عدد من الجرحى والطواقم الطبية، وكذلك محيط مستشفى القدس غرب غزة للمرة الثانية.
ويهدف الاحتلال إلى إحداث إرباك في المنظومة الصحية، عبر التهديد المباشر للمستشفيات بالإخلاء والقصف، أو من خلال قصف مناطق قريبة.
وأعلن الهلال الأحمر الفلسطيني تلقي تهديد إسرائيلي جديد مساء أول أمس الأحد، بإخلاء مستشفى القدس في قطاع غزة، الذي يأوي 400 مريض، و12 ألف مدني نازح على الأقل.
وقال مدير الهلال الأحمر الفلسطيني أحمد جبريل، في تصريح صحفي: «إن المستشفى يتلقى تهديدات متكررة بالإخلاء، لكنه أكد البقاء داخل المستشفى ورفض الإخلاء».
وتقول منظمة الصحة العالمية إن نفاد الوقود يعد أحد أكبر المخاطر التي تواجه سكان غزة، وإن وضعه يتجاوز «حافة الهاوية» كونه يشغل المستشفيات ومحطات المياه والمخابز وغيرها من المرافق الأساسية.
وبحسب لجنة الطوارئ الحكومية في غزة، فإن كمية محدودة جدا من الوقود لا تزال في المستشفيات وبعض المرافق الحيوية التي تعمل بطاقتها القصوى لتأمين سبل الحياة الأساسية لنحو 2.2 مليون نسمة يقطنون هذه البقعة الجغرافية الصغيرة بكثافتها السكانية العالية.
وتوقفت عجلة الحياة في عدد من المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية، وخرجت سيارات إسعاف عن الخدمة، واضطرت مخابز إلى إغلاق أبوابها، ودب الشلل في مرافق حيوية كثيرة جراء انقطاع الكهرباء ونفاد مخزون الوقود.
وهذا الواقع المتردي اضطر وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع إلى توجيه نداء استغاثة لكل أصحاب محطات الوقود، «وكل من يتوفر لديه أي لتر من السولار»، للتواصل الفوري معها لإنقاذ حياة الجرحى والمرضى.
وأكد المتحدث باسم الوزارة أشرف القدرة أن «المستشفيات دخلت مرحلة الانهيار الفعلي بسبب انقطاع الكهرباء وشح الوقود».
بات الحصول على ربطة خبز واحدة أمرا بعيد المنال لأهالي مخيم النصيرات في قطاع غزة وذلك بعد استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي المخابز.
ويشهد المخبز الوحيد الذي لا يزال يقدم خدماته للمواطنين في مخيم النصيرات ازدحاما شديدا حيث يقضي الأهالي ساعات طويلة أملا في الحصول على رغيف خبز يسد رمقهم في ظل الحصار الخانق المفروض على القطاع وشح المواد الأساسية.
وكان المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة قد اتهم الاحتلال الإسرائيلي بتعمد قصف محيط المخابز أثناء اصطفاف عشرات المواطنين على أبوابها لشراء حاجتهم من الخبز، ما أوقع عشرات الشهداء ومئات الجرحى.
وذكر المكتب -في بيانه الخميس الماضي- أنه تم توثيق استهداف أكثر من 5 مخابز خلال عملها بمناطق مختلفة في شمال وجنوب قطاع غزة، إما بشكل مباشر أو محيطها، مثل مخابز: اليازجي في تل الهوا، عجور في الغزالي، اليازجي بالأمن العام، عجور في السدرة، البنا بالنصيرات.
كوريا الشمالية تحمل أمريكا المسؤولية
اتهمت كوريا الشمالية، أمس الاثنين، الولايات المتحدة بالوقوف وراء الحرب الحالية بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس، وحملتها المسؤولية الكاملة عن الحرب التي وصفتها بالمأساة.
وقالت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية الرسمية إن «أمريكا هي التي تقود الوضع في الشرق الأوسط، وإن عمليات القتل الكثيرة في الشرق الأوسط تزداد حدة بسبب التحريض المتحيز والمتعمد من قبل الولايات المتحدة».
وكانت بيونغ يانغ انتقدت استخدام واشنطن حق النقض «الفيتو» ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي يدعو إلى هدنة إنسانية بين المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
ورأت بيونغ يانغ أن إجهاض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مشروع القرار قضى على فرصة لمنع تدهور الوضع في الشرق الأوسط، كما رأت في دعم الاتحاد الأوروبي الموقف الأمريكي بهذا الشأن دليلا على تبعيته لواشنطن في الفكر والمبادئ.