شوف تشوف

الرأي

نحن والسويد.. المحظور والمستور!

وفرة الأسباب لا تترك أمام المغرب مجالا لغير استنكار ورفض موقف حكومة السويد المقلق، ليس لأن من شأنه أن يقلب معادلة الصراع بين المبادئ والزيف، وبين الحقائق والمغالطات، فهذه مسألة حسمها المغاربة. ويخطئ من يتصور أن إضافة رقم إلى تقليعة الاعتراف بكيان هلامي، يمكن أن يؤثر في مسار القضية، وإلا لما تشكلت الحقائق التاريخية من تضحيات وإرادة الشعوب في دفاعها عن سيادتها ووحدتها.
مصدر القلق والسؤال المشروع أن مواقف بعض الأحزاب السويدية، مثل الاشتراكيين الديمقراطيين، تبنت مواقف معادية للمغرب إزاء الوحدة الترابية، ما جعلها تقحم فئات من الشعب السويدي الذي يصوت لفائدتها في قضية تخلق الهوة وعدم الثقة بين الشعبين المغربي والسويدي، خاصة وأن تلك المواقف لا تسندها مبادئ وقيم. وقد رأينا كيف أن الدول والشعوب الأوربية انتفضت ضد انفصال جزء من أوكرانيا، فيما قوبل إخفاق الاستفتاء البريطاني حول إيرلندا بارتياح أوربي عارم، والحال أن الجارة إسبانيا تواجه التيار الانفصالي في كتالونيا بقوة الدستور والقانون.
لا يستسيغ العقل السياسي مثل هذه الازدواجية، رفض أوربي قوي ومتشدد ضد النزعات الانفصالية التي تهدد دولا أوربية، فيما حكومة السويد تلوح بالاعتراف بكيان يرمز إلى الانفصال على الضفة الجنوبية للبحر المتوسط. ليس هذا فقط، فالحركة الانفصالية في مخيمات تيندوف تحظى بدعم ومساندة السلطات الجزائرية، ما يعني أن حكومة السويد تريد انفصالا في منطقة الشمال الإفريقي، على قدر أحلام الهيمنة التوسعية للجزائر. ولم يحدث منذ اندلاع التوتر الإقليمي المفتعل أن انحاز أي بلد أوربي لفائدة طرح ملغوم بهذه الخطورة والاستخفاف، عدا أن محور السياسات الخارجية لدول الاتحاد الأوربي، المفترض أنها تنطبع بالانسجام والوحدة، تُعرضه حكومة السويد إلى مأزق حقيقي.
بيد أن جهل من يقف وراء هذه التطورات السلبية بحقائق قضية الصحراء يعتبر إخفاقا سويديا، ولا يمكن التذرع بالبعد الجغرافي أو نوعية الانشغالات المركزية، لأن الدول التي تحترم مواقفها والتزاماتها لا تقدم على اتخاذ أي قرار، من دون الإلمام بالحقائق، خصوصا حين تكون من النوع الذي يهدد وحدة الدول وسيادتها. ولعل هذا الموقف ذا النزعة الاستعلائية يبرز النظرة العنصرية لما يتفاعل في منطقة الشمال الإفريقي من أحداث وتطورات. ولو كلفت بعض الأحزاب السويدية نفسها عناء تصفح كتاب الحقائق التاريخية والقانونية، لما سقطت في منحدر الهواية السياسية التي تحركها أهداف لا علاقة لها بالمبادئ وأخلاقيات السياسة.
لم تقم وفود حزبية سويدية بزيارة الأقاليم الجنوبية والاتصال بممثلي الساكنة، ولم تحاور الفعاليات المغربية بشأن خلفيات وتداعيات النزاع الإقليمي، علما أن ذلك يشكل أبسط طريقة للتعرف على الحقائق. ولو أنها تابعت مآل اعترافات بعض الدول في إفريقيا وأمريكا اللاتينية بذلك الكيان الوهمي، بعد اكتشاف الحقائق المغيبة وانطلاء الحيل السياسية والإغراءات المادية على الذين انساقوا وراء السراب، لما احتاج الأمر إلى توريط البرلمان السويدي في توصية ملغومة قيدت حرية المبادرة.
إنه لأمر مؤسف أن تصبح السويد بدورها شبه مقاطعة تابعة للسياسة الجزائرية، في وقت يدرك فيه الجميع أن الجزائر تحركها أهداف توسعية وعقدة مستحكمة إزاء كل ما هو مغربي، بينما السويد يفترض أن تكون بعيدة عن الانحياز إلى طروحات تثبت إفلاسها. والأدهى أن تخرق حتى مبادئ الحياد في التعاطي والنزاع الدائر، أقله أن الاعتراف لا يكون إلا من نصيب الدول، أي مقومات السيادة والشعب والأرض. ومادامت هذه المعطيات لا توجد إلا في خيال داعمي الحركة الانفصالية، تكون حكومة السويد قد سقطت في منزلق الوهم الذي لا يبرره منطق أو عقل.

غير أن هذا الموقف لا يعفي الدبلوماسية المغربية من مسؤولية التقصير الحاصل، سواء على صعيد الحوار الرسمي أو في نطاق الدبلوماسية الموازية التي تضطلع ضمنها المؤسسة التشريعية والأحزاب السياسية بدور أساسي، خصوصا وأن بوادر التحول في موقف السويد تعود إلى سنوات خلت. وقد تأكد للمغاربة من خلال مناهضة نواب سويديين لاتفاقية الصيد الساحلي المبرمة بين الرباط وبروكسيل، كيف أن هؤلاء شكلوا حلفا ضد المصالح المغربية، بما في ذلك الاتفاق الزراعي، وذهبت سلطات السويد إلى حد فرض عقوبات على موردي المنتوجات المغربية، إمعانا في التنكر لاتفاقات تربط السويد، قبل غيرها، بنظرائها في الاتحاد الأوربي.
وإذا كان من حق حكومة السويد أن تعمل على تأمين دعم لعضويتها في مجلس الأمن، بما في ذلك استمالة دول إفريقية للتصويت لفائدتها، فإن ذلك لا ينبغي أن يكون على حساب المبادئ. والأدهى أن السعي لإيجاد مقعد من بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن، يناقضه سعي غير مبرر لناحية انتهاك قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة. فكيف يمكن استساغة خرق قرارات الشرعية الدولية بدافع حيازة مقعد في المنتظم الدولي؟ ذلك أن أهم ما يتطلبه الموقف أن يكون الطرف الساعي إلى كرسي في المجلس أكثر حرصا على احترام قراراته، التي تتحدث صراحة عن «حل سياسي» ذي طبيعة وفاقية ونهائية ومتفاوض بشأنها بين الأطراف كافة.
بعض الأزمات وأنواع التوتر تشكل مادة خصبة للجدل السياسي داخل الأوساط الأوربية، مثل الموقف من الحجاب أو حدود ممارسة حرية التعبير أو ظواهر مختلفة. غير أن انتقالها إلى مراكز القرار يظل رهن وجاهة الدعوات والاقتراحات. وفي النزاعات الإقليمية تبرز دائما مرجعيات الحلول السلمية والمقاربات الموضوعية، ومن غير المفهوم كيف أن قضية الصحراء تحديدا، أثيرت في نقاشات حزبية وبرلمانية، من دون الانتباه إلى أن المنظومة الدولية أقرت منهجية الحل السياسي.
إن ذلك يعني أن السويد اختارت موقفا مناهضا للمجتمع الدولي، يتعارض في أبسط جزئياته مع المسار الإيجابي الذي اتخذه الاتحاد الأوربي، حتى أن الأمين العام للأمم المتحدة سبق له التأكيد على أن الموقف الأوربي يتسم بالعقلانية. صحيح أن قضية الصحراء أثرت أحيانا في مجال العلاقات المغربية ـ الأوربية، خصوصا على مستوى البرلمان الأوربي، لكن الموقف العام ظل يميل دائما إلى دعم جهود الأمم المتحدة، فيما حسم مجلس الأمن بقوة في كل ما كان يتردد بشأن توسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل رقابة أوضاع حقوق الإنسان. وحين تعاكس حكومة السويد التوجه الدولي في هذا المجال، تكون قد أبعدت نفسها عن أي إسهام عملي وجذري في دعم متطلبات استقرار منطقة الشمال الإفريقي، التي تعتبر المتنفس الجغرافي والاقتصادي للفضاء الأوربي، علما أن العواصم الأوربية الأقرب إلى المنطقة اختارت منظومة الحوار وفق تكتل 5+5 للارتقاء بالحوار الأوربي ـ المغاربي.
ويشكل الرقم 5 جوهر الالتزام، كونه لا يخص الدول الأوربية المتوسطة شمالا، بل يهم كذلك الدول المغاربية التي ألغت أي تأويل بأعداد منظومتها، منذ إبرام اتفاق الاتحاد المغاربي. فكيف إذن تقر الدول المعنية مباشرة بأن مجال الشمال الإفريقي يخص خمس دول فقط، فيما «تجتهد» السويد في محاولة إضافة رقم يفسد الود السياسي والالتزامات المبدئية والأخلاقية.
على ثلاثة مستويات تنتهك حكومة السويد كل المواثيق والأعراف. فهي على صعيد الاتحاد الأوربي تناقض اختياراته السياسية، وهي على نطاق مجلس الأمن تحاول تبخيس قراراته، ثم إنها على الصعيد الإقليمي في الشمال الإفريقي تريد فرض أمر واقع لا وجود له إلا في الأذهان الحالمة بالأوهام.
ويتعين في غضون ذلك البحث في خلفيات هذا الاستعداء المجاني. ففي القاعدة أن الاقتراب إلى المحظور يكون وراءه كم هائل من المستور.

غير أن هذا الموقف لا يعفي الدبلوماسية المغربية من مسؤولية التقصير الحاصل، سواء على صعيد الحوار الرسمي أو في نطاق الدبلوماسية الموازية التي تضطلع ضمنها المؤسسة التشريعية والأحزاب السياسية بدور أساسي، خصوصا وأن بوادر التحول في موقف السويد تعود إلى سنوات خلت. وقد تأكد للمغاربة من خلال مناهضة نواب سويديين لاتفاقية الصيد الساحلي المبرمة بين الرباط وبروكسيل، كيف أن هؤلاء شكلوا حلفا ضد المصالح المغربية، بما في ذلك الاتفاق الزراعي، وذهبت سلطات السويد إلى حد فرض عقوبات على موردي المنتوجات المغربية، إمعانا في التنكر لاتفاقات تربط السويد، قبل غيرها، بنظرائها في الاتحاد الأوربي.
وإذا كان من حق حكومة السويد أن تعمل على تأمين دعم لعضويتها في مجلس الأمن، بما في ذلك استمالة دول إفريقية للتصويت لفائدتها، فإن ذلك لا ينبغي أن يكون على حساب المبادئ. والأدهى أن السعي لإيجاد مقعد من بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن، يناقضه سعي غير مبرر لناحية انتهاك قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة. فكيف يمكن استساغة خرق قرارات الشرعية الدولية بدافع حيازة مقعد في المنتظم الدولي؟ ذلك أن أهم ما يتطلبه الموقف أن يكون الطرف الساعي إلى كرسي في المجلس أكثر حرصا على احترام قراراته، التي تتحدث صراحة عن «حل سياسي» ذي طبيعة وفاقية ونهائية ومتفاوض بشأنها بين الأطراف كافة.
بعض الأزمات وأنواع التوتر تشكل مادة خصبة للجدل السياسي داخل الأوساط الأوربية، مثل الموقف من الحجاب أو حدود ممارسة حرية التعبير أو ظواهر مختلفة. غير أن انتقالها إلى مراكز القرار يظل رهن وجاهة الدعوات والاقتراحات. وفي النزاعات الإقليمية تبرز دائما مرجعيات الحلول السلمية والمقاربات الموضوعية، ومن غير المفهوم كيف أن قضية الصحراء تحديدا، أثيرت في نقاشات حزبية وبرلمانية، من دون الانتباه إلى أن المنظومة الدولية أقرت منهجية الحل السياسي.
إن ذلك يعني أن السويد اختارت موقفا مناهضا للمجتمع الدولي، يتعارض في أبسط جزئياته مع المسار الإيجابي الذي اتخذه الاتحاد الأوربي، حتى أن الأمين العام للأمم المتحدة سبق له التأكيد على أن الموقف الأوربي يتسم بالعقلانية. صحيح أن قضية الصحراء أثرت أحيانا في مجال العلاقات المغربية ـ الأوربية، خصوصا على مستوى البرلمان الأوربي، لكن الموقف العام ظل يميل دائما إلى دعم جهود الأمم المتحدة، فيما حسم مجلس الأمن بقوة في كل ما كان يتردد بشأن توسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل رقابة أوضاع حقوق الإنسان. وحين تعاكس حكومة السويد التوجه الدولي في هذا المجال، تكون قد أبعدت نفسها عن أي إسهام عملي وجذري في دعم متطلبات استقرار منطقة الشمال الإفريقي، التي تعتبر المتنفس الجغرافي والاقتصادي للفضاء الأوربي، علما أن العواصم الأوربية الأقرب إلى المنطقة اختارت منظومة الحوار وفق تكتل 5+5 للارتقاء بالحوار الأوربي ـ المغاربي.
ويشكل الرقم 5 جوهر الالتزام، كونه لا يخص الدول الأوربية المتوسطة شمالا، بل يهم كذلك الدول المغاربية التي ألغت أي تأويل بأعداد منظومتها، منذ إبرام اتفاق الاتحاد المغاربي. فكيف إذن تقر الدول المعنية مباشرة بأن مجال الشمال الإفريقي يخص خمس دول فقط، فيما «تجتهد» السويد خطأ في محاولة إضافة رقم يفسد الود السياسي والالتزامات المبدئية والأخلاقية.
على ثلاثة مستويات تنتهك حكومة السويد كل المواثيق والأعراف. فهي على صعيد الاتحاد الأوربي تناقض اختياراته السياسية، وهي على نطاق مجلس الأمن تحاول تبخيس قراراته، ثم إنها على الصعيد الإقليمي في الشمال الإفريقي تريد فرض أمر واقع لا وجود له إلا في الأذهان الحالمة بالأوهام.
ويتعين في غضون ذلك البحث في خلفيات هذا الاستعداء المجاني. ففي القاعدة أن الاقتراب إلى المحظور يكون وراءه كم هائل من المستور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى