نجار بالمدينة القديمة بالدار البيضاء يصبح أشهر مصور في فرنسا
حسن البصري
ولد جورج بن دريهم في مدينة الدار البيضاء عام 1932، وفي أحيائها مارس في طفولته حرفة النجارة، وحين اشتد عوده اشتغل في مجال التصوير حيث اهتم، ابتداء من سنة 1947، بإنجاز «بورتريهات» لشخصيات فنية ورياضية مغربية وأجنبية.
ظل جورج يبحث لنفسه عن مكانة في الصحافة الفرنسية بالخصوص بحضوره في ملاعب الكرة، وخاصة «ستاد فيليب»، وفي نزالات الملاكمة، إذ كان صديقا مقربا بحكم ديانته للملاكمين اليهود، ما مكنه من عرض صوره على أكثر من منبر إعلامي، إلى أن أصبح مراسلا لجريدة «أسوشيتد بريس» بالمغرب، وفيها برز من خلال روبورتاجاته المصورة التي أرخت لفترات دقيقة من حياة المغرب، فأصبحت عدسته تثير مخاوف الإقامة العامة الفرنسية.
ظل بن دريهم يمارس مهمته مندوبا لأكثر من صحيفة فرنسية، وأرخ بعدسته لتفاصيل الحياة في زمن الاضطرابات، خاصة بعد نفي السلطان محمد الخامس إلى مدغشقر، بل إنه حاول السفر إلى هذه الجزيرة لكنه لم يفلح.
حين حصل المغرب على استقلاله، قرر جورج الرحيل صوب فرنسا بغرض الاستقرار، وحل بمدينة ريمس رفقة ابنتيه وزوجته، وبعد أن أنجب ابنه الثالث قرر السفر صوب مدينة سارسيل الفرنسية حيث يقطن والداه، وفيها طور مختبرا للتصوير وأضحى واحدا من أشهر المصورين في فرنسا بعد أن التحق في أبريل عام 1962 بوكالة فرنسا للأنباء، وفي هذه المؤسسة عمل مسؤولا عن مختبر التصوير لكنه ظل يرفض المهام الإدارية.
سطع نجم جورج بن دريهم في ماي 1968، حيث سجلت عدسته أضخم تمرد طلابي وعمالي في فرنسا، وركز في روبورتاجاته على انضمام أبرز المثقفين والفنانين، من أمثال جان بول سارتر وسيمون دي بوفوار، وجيل دولوز وجان لوك غودار إلى صفوف الطلبة والعمال، وأصبحت صوره مرجعا لاحتجاج ضد سلطة شارل ديغول.
لكن الرياضة كانت تمارس جاذبية قوية على هذا المصور الذي نال صفة رئيس قسم التصوير في الوكالة، وظل حاضرا في الألعاب الأولمبية الشتوية والصيفية بكل من غرونوبل والمكسيك ثم لوس أنجلوس عام 1984، حيث يملك صورا لأقوى لحظات تتويج البطلين المغربيين سعيد عويطة ونوال المتوكل، فقد كان الحنين إلى المغرب يشده فيجد نفسه حاضرا في القرية الأولمبية يرصد نشاط الأبطال المغاربة والفرنسيين طبعا.
في عام 1980 تعرض «بين» كما يلقبه الفرنسيون، لهجوم من طرف البوليس الفرنسي حين كان يقوم بتغطية حركة احتجاجية في جسر «ألما» بباريس، نقل إلى إحدى المصحات في الوقت الذي وضع فيه زملاؤه المصورون آلات التصوير عند بوابة قاعة احتضنت مجلسا حكوميا، وهي الحركة التي تولدت عنها حكاية الاحتجاج بحمل الشارة.
في عام 1995 دعاه جاك شيراك للانضمام إلى حملته الانتخابية، واقترح عليه مهمة مدير إعلامي للحملة الرئاسية، حيث أضحى مرافقا له في جميع تنقلاته.
وأثناء زيارة رسمية للرئيس الفرنسي شيراك إلى تونس في أكتوبر عام 1995، قرر جورج استغلال الفرصة لزيارة صديق يهودي في القيروان، استقل سيارة أجرة وخلال رحلة العودة وقعت حادثة سير أودت بحياته.
في العام الموالي أحدثت فرنسا جائزة «جورج بن دريهم» لأحسن صورة.