ميسي يا رفيق
حسن البصري
حضر اسم نادي برشلونة في الاحتجاجات السياسية التي عرفها إقليم كتالونيا في الأيام الأخيرة، وكادت «البارصا» أن تنسف الحراك، بعدما تسبب المتظاهرون في قطع الطرق المؤدية إلى مطار المدينة، ما حتم على الفريق السفر لمواجهة خصمه إيبار عن طريق البر متحملا رحلة متعبة مدتها تسع ساعات، تفادت فيها البعثة الرياضية التوقف في باحات الاستراحة لدواع أمنية.
غير الحراك الكتالوني عادات فريق يتحرك نجومه وفق نظام مضبوط سلفا بالدقيقة والثانية، واضطرت إدارة النادي للخضوع إلى تعليمات الأمن بعد أن كان الكتالونيون يخضعون لتعليمات «البارصا»، يتمايلون مع لمسات لاعبيهم ويتحولون على امتداد تسعين دقيقة إلى سكارى وما هم بسكارى، فلا يتذكرون تمردهم إلا بعد اختفاء مفعول سحر الكرة.
دعاة الانفصال عن إسبانيا يرفضون الانفصال الكروي، لأنهم يعلمون أن تحقيق الانفصال سيضر بفريق برشلونة، الذي قد يجد نفسه خارج «لا ليغا» منتميا لكيان سياسي آخر لا يشجع على المنافسة.
في عز الحراك رفع المتظاهرون صور الزعماء التسعة الذين اعتقلوا بسبب قيادتهم للانفصال، اختار الموالون لهم إلباس المعتقلين قمصان «البارصا»، وفي الشارع العام حمل بعض المتظاهرين صور ميسي وطالبوا بزعيم يتوفر على مهارات هذا اللاعب ونباهته وقدرته على تغيير مجرى المباريات.
ولأن ميسى معبود الجماهير في برشلونة وفي كثير من دول العالم، فإن اسمه حضر بقوة في الحراك، وتم استثماره في «ماركوتينغ» الاحتجاج على نحو واسع، خاصة بعد أن نشرت صحيفة «إل موندو ديبورتيفو» الرياضية الإسبانية، إحصائية توضح تأثير الأرجنتيني ليونيل ميسي على «أسماء» أبناء إقليم كتالونيا، معقل نادي برشلونة الإسباني، حيث إن المولودين الجدد ممن اختار لهم آباؤهم وأمهاتهم اسم «ليو» ارتفع بنسبة كبيرة، إذ تحمل سجلات الحالة المدينة لبرشلونة والنواحي، أزيد من ألف مولود ربطوا اسمهم بـ«البرغوث» الأرجنتيني الأصول، علما أن الرقم مرشح للارتفاع كلما ارتفعت «كوطة» هذا اللاعب الأسطوري، الذي يعتبره الكثيرون أعظم لاعب كرة قدم في التاريخ والجغرافيا.
ليس ميسي هو ملهم صناع الحراك، لأن اسمه يمارس جاذبية رهيبة على الشباب، لكن هناك اسم آخر يصنع الحدث في جلسات محركي النزاع في كتالونيا، وهو المدرب الإسباني غوارديولا، الذي رفعت صورته واعتبر من ضمن الأسماء المرشحة لخوض سباق انتخابات رئاسة مقاطعة كتالونيا المقبلة، بعدما رشحه وزير الاقتصاد ونائب رئيس الحكومة الحالية، بيري أراغونيس.
الذين رشحوا المدرب السابق لبرشلونة ودعموا غوارديولا لتولي منصب رئيس الحكومة الكتالونية، يراهنون على شخصية مدرب استراتيجي لطالما أطاح بريال مدريد في مباريات «الكلاسيكو»، ويعتقدون أنه قادر على الإطاحة بقادة مدريد السياسيين، بمجرد وضع خطة كفيلة بممارسة الضغط العالي على الحاكم، وتحديد التشكيلة الأساسية وحسن توزيع الأدوار.
اختار المدرب الصمت، ورفض الرد على أسئلة تزج به في ملعب غير ملعبه، وفي كل ندوة صحافية يراوغ الأسئلة الملغومة، ويضع الصحافيين في حالة شرود ذهني. لكن إدارة نادي برشلونة أصدرت بيانا تضامنيا مع معتقلي الحراك، استندت فيه إلى العلاقة الوجدانية بين الفريق وكتالونيا، داعية إلى احترام حرية التعبير والحوار والإفراج العاجل عن المعتقلين، في سابقة لا مثيل لها في عالم الكرة. «الفيفا» يحذر الأندية والمنتخبات من خلطة السياسة، والشارع في برشلونة يردد «ميسي يا رفيق كلنا على الطريق»، «فيلانوفا ارتاح ارتاح سنواصل الكفاح»، «بالروح بالدم نفديك يا غوارديولا»، حتى بيكي، زوج شاكيرا، أصر على أن يحشر نفسه مع المتمردين، فساند الحراك بتغريدة وذلك أضعف الإيمان.
بعض لاعبي الفريق الكتالوني ساندوا المتمردين حين علموا أن نصفهم من قاطني مدرجات ملعب «كامب نو»، ومن الذين يراهنون على حراك بسحر «التيكي تاكا».