ميزوجينيا القرن 21
زينب بنموسى
نشرت إحدى المواطنات الأسبوع الماضي، على مجموعة نسائية خاصة تتعلق بالسفر، أنها منعت رفقة ثلاث نساء أخريات من الدخول إلى فندق بمدينة مراكش نظرا لكونهن «غير متزوجات وغير مصحوبات بعائلاتهن». وأرفقت صاحبة المنشور مع تدوينتها صورة للنظام الداخلي للفندق التي أرسلتها الإدارة عبر البريد الإلكتروني بعد تأكيد الحجز، حيث تظهر بوضوح شروط الإقامة باللغتين العربية والفرنسية، والتي ينص أول بند فيها على أنه «سيتم رفض دخول المؤسسة بشكل صارم من قبل أي امرأة مغربية لا يرافقها زوجها أو عائلتها. ستطلب المبررات أثناء عملية تسجيل الدخول»، الشيء الذي أكدته الإدارة متذرعة بتطبيق قوانين المملكة المغربية بصرامة.
المؤسسة الفندقية لم تكتف بهذا القدر من الوقاحة، فبعد انتشار التدوينة على عدة مجموعة، والاستنكار الذي قوبلت بها من طرف النساء، وبدل أن تعتذر عن عنصريتها وشروطها التمييزية، هددت بمقاضاتهم للإضرار بسمعتها.
قد يبدو ما فعلته إدارة هذا الفندق غريبا، ومخالفا لمغرب القرن الواحد والعشرين، خصوصا داخل قطاع حيوي مثل قطاع السياحة، وفي مدينة تعتبر قبلة سياحية عالمية، لكنه في الحقيقة غير مخالف لواقعه. فالجميع يعرف أن «العرف الفندقي» في المغرب يمنع على أي امرأة أن تكتري غرفة في فندق في نفس محل سكناها، هانيا تبات فالزنقة غير ماتسكنش فالفندق لي فنفس مدينتها! وأن أغلب أصحاب الشقق في بعض المدن يرفضون كراء شققهم للعازبات، حيت هوما فقط للعائلات المحترمة!
لأن الزواج هو معيار «الاحترام»، وبالطبع العزوف عنه، ولا حتى العنوسة معيار لقلة الشرف، والعار الذي ممكن أن تجلبه هذه المرأة الشيطان للمؤسسة الفندقية، للشقة التي ستكتريها، لأبيها وأخيها، ولا حتى للعساس لي فالحومة وأي ذكر قد تصادفه في طريقها.
والأجمل في الموضوع هو أن أصحاب هذه الممارسات التمييزية، غير الأخلاقية، وغير القانونية أيضا يتذرعون بالقانون من أجل شرعنة ممارساتهم، ماشي حيت القانون بالصح يحميهم، ولكن لأن الترسانة القانونية نفسها تشاركهم في هذه الممارسات أحيانا ولو عن غير قصد.
فمثلا، القانون الذي يفترض أن يجرم التمييز الجنسي ويحاربه طبقا لما جاء به الدستور، ولما تقتضيه حيثيات وظروف التطور الذي يعيشه العالم، يشترط على الأم الحاضنة الحصول على موافقة الأب من أجل استصدار جواز سفر، أو بطاقة هوية لابنها في أرض المهجر، أو حتى السفر معه خارج أرض الوطن، لكن الأب بالمقابل ليس مطالبا بنفس الشيء. أي أن الأم رغم أنها حاضنة بموجب القانون إلا أنها في الحقيقة ليست الوصي القانوني على طفلها، ولا يُسمح لها باتخاذ قرارات بشأن تعليمه وأنشطته اللامنهجية وعلاجه الطبي، ولا بإدارة ممتلكاته، ولا بإعطائه جواز سفر، أو إنشاء حساب توفير له، والذهاب في رحلة بدون إذن ولي أمره الحقيقي لي هو الأب. وحتى عندما تساهم هذه الأم في مصاريف علاج طفلها، مثلا، فالتعويضات تذهب مباشرة للأب، وإذا شاركت-كما هو الحال بالنسبة لأغلب الموظفات المغربيات- بأكثر من النصف في المصاريف المنزلية فإن الأب هو من يحصل على التعويضات الأسرية. بل إن القانون السابق الذي يخص نظام رواتب التقاعد كان يحرم أبناء الموظفة المتوفية حتى من معاش أمهم، وبالرغم مراجعته وتصحيحه إلا أنه لا زال هناك تمييز في التعامل مع معاش الموظفة والموظفة رغم أن الاثنين يؤديان نفس النسبة لصندوق التقاعد… إلى غيرها من الثغرات القانونية التي تتحامل على النساء خلافا لما ينص عليه الدستور.
لذلك، لا يمكن استنكار ما فعلته إدارة الفندق، أو التنديد بالتمييز الذي مارسته ضد النساء، أو الذي يمارس ضدهن عموما، لأن المشكل جوهري ومتغلغل في المجتمع.
نصلحوا القانون أولا، ونفرضوا احترام النساء على المجتمع ونقنعه بأن لا علاقة لشرفه بفروج النساء، وبعدها نحاسب المنشآت السياحية وباقي العنصريين.
أما دابا فراه من الخيمة خارج مايل!