دخلت مقتضيات القانون الإطار 03.22 بمثابة ميثاق الاستثمار حيز التنفيذ، بعد صدوره في الجريدة الرسمية رقم 7151، ليعوض القانون السابق الذي جرى اعتماده قبل 26 سنة. ويهدف الميثاق الجديد إلى تحقيق أهداف رئيسية، وهي إحداث مناصب شغل قارة وتقليص الفوارق بين أقاليم وعمالات المملكة في مجال جذب الاستثمارات، وتوجيه الاستثمار نحو قطاعات الأنشطة ذات الأولوية ومهن المستقبل.
الاستثمار الخاص ثلثا الاستثمار الإجمالي في أفق 2035
يهدف مشروع قانون – إطار رقم 03.22 بمثابة ميثاق الاستثمار بالأساس إلى «بلوغ الاستثمار الخاص ثلثي الاستثمار الإجمالي في أفق 2035، وفقا لمضامين النموذج التنموي الجديد»، حيث تندرج أهداف هذا النص في: إحداث مناصب شغل قارة، وتقليص الفوارق بين أقاليم وعمالات المملكة في جذب الاستثمارات، ثم توجيه الاستثمار نحو القطاعات ذات الأولوية ومهن المستقبل، بالإضافة إلى تحسين مناخ الأعمال وتسهيل عملية الاستثمار، وكذا تعزيز جاذبية المملكة من أجل جعلها قطبا قاريا ودوليا للاستثمارات الأجنبية المباشرة، ثم تشجيع الصادرات وتواجد المقاولات المغربية على الصعيد الدولي وتشجيع تعويض الواردات بالإنتاج المحلي.
وجاءت فصول مشروع الميثاق الجديد واضحة وشاملة للمستثمرين بغض النظر عن جنسياتهم وأماكن إقامتهم وحجم استثماراتهم، مع مراعاة البعد الجهوي في المصادقة على الاتفاقيات، كما يضع منحة مخصصة للبعد الترابي مع إمكانية الجمع بين التحفيزات المنصوص عليها في هذا الميثاق وما تمنحه الجهات من تحفيزات. وبخصوص مغاربة العالم، يتضمن مشروع الميثاق الجديد آلية دعم ومواكبة مناسبة وفعالة لفائدة 5.8 ملايين نسمة من مغاربة العالم، بغية الرفع من حجم وحصة واستثمارات الجالية المغربية وقدرتها على إنتاج القيمة المضافة وخلق فرص الشغل. ومن شأن هذا القانون أن يشكل محطة تاريخية في إطار النهوض بالتنمية وتحسين وضعية البلاد وتموقعها الاقتصادي على المستويين الإقليمي والقاري، نظرا لكونه من بين النصوص التشريعية الأساسية لتفعيل النموذج التنموي الجديد، وتوطيد دعائم اقتصاد قوي ومندمج في سلسلة القيمة العالمية ورافعة لدعم الإنتاج المحلي.
عدة أنظمة للدعم المالي للمستثمرين
سيتم بموجب ميثاق الاستثمار وضع عدة أنظمة لمنح دعم مالي للمستثمرين، من بينها منحة ترابية تمنح للاستثمارات في الأقاليم والعمالات خارج محور «طنجة-الدار البيضاء»، ومنحة قطاعية تمنح لفائدة مشاريع الاستثمار المنجزة في قطاعات الأنشطة ذات الأولوية؛ إضافة إلى نظام خاص لمشاريع الاستثمار ذات الطابع الاستراتيجي.
ويجب على كل مستثمر يرغب في الاستفادة من أنظمة الدعم سالفة الذكر أن يبرم مع الدولة اتفاقية استثمار تحدد التزامات الطرفين وكيفيات تنفيذها، وعلاوة على ذلك يمكن الاستفادة من امتيازات ضريبية وجمركية. يوضح الميثاق أنه يمكن الجمع بين جميع المنح في حدود 30 في المئة من مبلغ الاستثمار القابل للاستفادة من المنح. وسيتم تحديد ذلك في نصوص تطبيقية. وفي ما يخص نظام الدعم المطبق على مشاريع الاستثمار ذات الطابع الاستراتيجي، ستكون الاستفادة من امتيازات خاصة وفق مسلسل تفاوضي، وسيتم إصدار نص تنظيمي يوضح المعايير المطلوبة؛ غير أن مشاريع الاستثمار المنجزة في مجال الصناعة الدفاعية تعتبر تلقائياً مشاريع ذات طابع استراتيجي.
وقال محسن جزولي، الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية في لقاء سابق مع الصحافة إن طموح ميثاق الاستثمار الجديد هو الرفع من حصة الاستثمار الخاص من الثلث حاليا إلى الثلثين، حيث جاء ليعوض الميثاق السابق الذي استمر العمل به لحوالي ثلاثة عقود؛ ما جعله غير مواكب للمستجدات التي عرفها الاقتصاد. وأفاد الوزير بأن المغرب يسجل معدلات مرتفعة من الاستثمار بما يناهز 30 في المئة من الناتج الداخلي الخام مقابل 22 في المئة في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية؛ لكنه أشار إلى أن الاستثمار في المملكة يعاني ضعف المردودية من حيث خلق الثروة ومناصب الشغل، وقال إن الحل هو التوجه نحو قطاعات جديدة ذات مردودية عالية.
ثلاثة محاور أساسية
يرتكز القانون الجديد على ثلاثة محاور رئيسية؛ الأول يتعلق بوضع أنظمة غير لدعم الاستثمار لتحقيق نمو اقتصادي مستدام وسيادي، موجه نحو مهن المستقبل وشامل لكافة المستثمرين الوطنيين والأجانب وجميع الاستثمارات كبيرة كانت أو صغيرة، وينص القانون على منح قطاعية وترابية. سيتم الأخذ بعين الاعتبار في توزيع هذه المنح معيار نسبة خلق الاستثمار لفرص الشغل لفائدة الشباب والنساء وتفضيل الطاقات المتجددة وتكنولوجيات المعلومات والسياحة والصناعة الثقافية، إضافة إلى معيار الاستثمار في المناطق البعيدة عن محور طنجة-الجديدة، كما سيتم اعتماد معايير كل إقليم من حيث معدل البطالة والفقر ونصيب الفرد من الناتج الداخلي الخام وهي معايير ستخضع للتحيين بشكل مستمر. ويهتم المحور الثاني باتخاذ التدابير اللازمة لتحسين مناخ الأعمال لتسهيل مسار المستثمر وتبسيط عملية الاستثمار وتكريس مناخ الثقة من أجل تحرير الطاقات. في حين خُصص المحور الثالث لتعزيز حكامة موحدة ولامركزية، تضمن الالتقائية والنجاعة في كل التدابير التي سيتم اتخاذها لتنمية وتشجيع الاستثمارات. توضح مقتضيات القانون الجديد أن الأشخاص الذاتيين المغاربة المستقرين بالخارج، والأشخاص الذاتيين أو الاعتباريين الأجانب، سواء كانوا مقيمين بالمغرب أو غير مقيمين، الذين ينجزون في المغرب استثمارات ممولة بعملات أجنبية، يستفيدون من نظام تحويل الأرباح الصافية دون تحديد للمبلغ أو المدة، وتحويل حصيلة تفويت الاستثمار أو تصفيته كلا أو بعضا، بما في ذلك فائض القيمة. ومن أجل مواكبة تطبيق هذا القانون، ستحدث لجنة وزارية تعهد إليها المصادقة على كل مشروع من مشاريع اتفاقية الاستثمار، مع البت في الطابع الاستراتيجي لمشاريع الاستثمار من عدمه، ناهيك عن إنجاز تقييم دوري لفعالية أنظمة الدعم. وسيكون على الحكومة أن تصدر النصوص التطبيقية الخاصة بنظام الدعم الأساسي والنظام الخاص بدعم مشاريع الاستثمار الاستراتيجي داخل أجل لا يتعدى ثلاثة أشهر ابتداءً من الاثنين 12 دجنبر. أما نظام الدعم الخاص الرامي إلى تشجيع المقاولات المغربية في الخارج فأجله داخل ستة أشهر، على أن يصدر النص التطبيقي الخاص بدعم المقاولات الصغيرة في غضون سنة. وسيكون بإمكان المستثمرين الذين أنجزوا استثمارات سنة 2022 الاستفادة بأثر رجعي من أنظمة الدعم المنصوص عليها في الميثاق الجديد.
10 بالمئة من تحويلات الجالية موجهة للاستثمار
قال محسن جزولي، بخصوص تحويلات الجالية المغربية، إن الرقم سيتجاوز خلال السنة الجارية سقف 100 مليار درهم، مقابل 93 مليار درهم العام الماضي؛ لكنه أشار إلى أن 10 في المئة من هذا الرقم يوجه إلى الاستثمار، و2 في المئة إلى الاستثمار المنتج. وأشار الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية إلى أن طموح الحكومة هو الرفع من حصة الاستثمار المنتج من 2 في المئة حاليا إلى 5 أو 10 في المئة، وأكد أن عددا من الإجراءات الخاصة سيتم وضعها رهن إشارة أفراد الجالية لتشجيعهم على الاستثمار في بلدهم. في هذا الصدد، أعلن جزولي عن إحداث خلية خاصة باستثمار مغاربة العالم داخل الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، كما سيتم ربط عملها بالمراكز الجهوية للاستثمار التي ستصبح تابعة للوزارة المنتدبة المكلفة بالاستثمار عوض وزارة الداخلية حاليا، إضافة إلى إعادة تفعيل صندوق دعم استثمارات الجالية لدى مؤسسة «تمويلكم» (صندوق الضمان المركزي سابقا).