مونولوج دبلوماسي
تحول النظام الجزائري إلى نظام بارع في لعب دور المونولوج الدبلوماسي، فنادرا ما تخلق حماقات دولة تفاوضا ذاتيا مع نفسها وعلاقات دولية مع نفسها، وأزمة دبلوماسية مع نفسها، كما يقع اليوم مع نظام «الكابرانات» الذي اتخذ قرار قطع العلاقات مع بلدنا بشكل انفرادي، وفي ما بعد أطلق تهديداته بشن حرب على المغرب، وقبل أيام شدد وزير خارجية قصر المرادية من لهجته الدبلوماسية دون أن يستجد مستجد، معلنا رفض أي وساطة دبلوماسية لم يعلن عنها أي وسيط ولم يطلبها أحد.
لقد أصبح المونولوج الدبلوماسي مناخاً سائداً في السياسة الخارجية الجزائرية، حيث حول نظام الكابرانات إلى أسرى رغائبهم وأوهامهم فقط، لا يرون غير ما يريدون ولا يسمعون غير صدى صوتهم! تأخذهم العزة بالوهم، ولا يعرفون شيئاً عن ثقافة الاستدراك والاعتذار، وطبعا حقق المونولوج الدبلوماسي رغبة كاذبة لدى حكام الجزائر بانتصارات وهمية بينما ستكتشفون بعد حين أن ما سجلوه من أهداف كان في مرماهم فقط بينما الحقيقة أنهم برعوا في تحويل الجزائر إلى دولة تحاور نفسها وكما يقول المثل المغربي «تدق الباب وتقول شكون».
طبعا المغرب باعتباره دولة عريقة وذات وزن تاريخي وإقليمي محترم بين الأمم والدول، لا يمكن أن يساير النظام الجزائري في حماقاته اللامتناهية، ولا يمكنه أن يستنزف وقته وجهده الدبلوماسي للرد على دولة تلعب مع نفسها بلا منافس أو حكام أو جمهور أو قواعد لعب، وحسنا فعل وزير خارجيتنا ناصر بوريطة حينما قال، في حواره مع قناة «فرانس 24»، إنه «توقف عن متابعة تصريحات الدبلوماسية الجزائرية منذ مدة بسبب التناقضات الكثيرة التي يحملها هذا الخطاب».
وحينما يصل نظام الكابرانات إلى درجة من الجدية والمسؤولية في أقواله وأفعاله، وهذا أمر مستبعد على الأقل في المدى المنظور، يمكن للدبلوماسية المغربية أن تطبق قاعدة المعاملة بالمثل، تدحض الحجة بالحجة والموقف بالموقف والتحرك بالتحرك، أما الآن فلا يمكن إلا أن نتحول إلى متفرج في مونولوج فكاهي دبلوماسي يقدمه الدبلوماسيون في الجارة الشرقية، يحاولون من خلاله إثبات قرارات ومواقف افتراضية لدولة تحوم باستمرار حول ذاتها لتثبت للعالم الخارجي أن بلدنا متآمر عليها ويحاول نزع مركز الكون عنها.