مونديال المثليين
حسن البصري
ختمت روسيا مهرجانها الكروي بمونديال مصغر للمثليين، بعد أن انتهت فعاليات كأس العالم للمنتخبات الوطنية، أعقبتها دورة عالمية للاجئين وأخرى للمشردين، ثم جاء دور المثليين الذين خصصت لهم اللجنة المنظمة للمونديال بطولة كروية عالمية، تبارى فيها الشاذون جنسيا في ما بينهم من أجل كأس العالم.
تشترط “الفيفا” على الدول التي تنظم كأس العالم، أن تقبل المثليين جنسيا، ولا تمارس أي تمييز ضدهم، وأن تخصص لهم جمعية للرفق بالشواذ، وهو ما يحرج الحكومة القطرية المقبلة على تنظيم مونديال 2022. إذ ذكرت “الفيفا” الدوحة بموافقتها على هذا الشرط رسميا والالتزام علنيا بالسماح للمثليين ليس فقط أثناء فترة كأس العالم، وإنما كتشريع قانوني دائم، كما حصل مع روسيا قبل أن تستضيف كأس العالم 2018.
قبل إجراء المباراة الافتتاحية لمونديال “المخنثين”، انتصبت في جنبات الملعب راية قوس قزح (العلم الخاص بالمثليين) التي شوهدت في ملاعب كأس العالم دون أن ينتبه الكثيرون لمغزاها. لكن الطريف في هذه الدورة هو مشاركة مسلمين شواذ في هذه المنافسة التي كانت فرصة لهم لتأكيد “فحولة” بالأقدام.
كان حكم المباراة سعيدا وهو يركض خلف الكرة ويختلس النظر للاعبين مرهفي الحواس، وحراس يستبيحون أعراضهم وشباك مرماهم، لا يحتجون على قراراته، إلا عند الضرورة القصوى، وحين تنتهي المباراة يتبادلون القمصان ويرقصون غير مبالين بصيحات استهجان قادمة من المدرجات تقول لهم “استرجلوا”، فالكرة كالسجن للجدعان.
الأغرب في مونديال روسيا للمثليين، أن ثلة من الصحافيين الذين قاموا بتغطية الحدث، من فصيلة الشواذ، حيث نادوا بتقبل هويتهم الجنسية، وأعلنوا إصرارهم على أن تكون هذه المباريات فرصة للترويج لحق الأقليات في ممارسة رياضة تحتاج لشيء من الرجولة. كانت رسالتهم واضحة: “هؤلاء ليسوا كفارا ولا وجودهم خطيئة”، رغم أن قانون اللعبة يحرم عليهم اللمس والهمس والنظرات.
يدافع صحافي أردني يدعى ماهر الحاج، عن حق المثليين في مداعبة الكرة، لا يهم إن كان اللاعب فاعلا أو مفعولا به أو مفعولا فيه، ويصر على أن سوء فهم كبير يلف تعاطي المثلي للرياضة وكرة القدم، بل يقدم قصة حارس مرمى مثلي تزوج امرأة إرضاء للمجتمع، قبل أن يتبين للزوجة أن “بعلها” في حالة شرود عاطفي، فتعلن اعتزالها الغرام.
في الدوري المغربي يتناقل الناس همسا حكاية لاعبين تنقصهم اللياقة الرجولية، بالرغم من المواهب الفنية التي تميزهم عن باقي اللاعبين، يقول بعض الماكرين إن الشذوذ الجنسي يضرب أطنابه في مجتمع الكرة النسوية، حيث تسيطر بعض السحاقيات على الأقدام الناعمة وتتحول إلى راعية رسمية.
في برلين الألمانية ظهر نادي كرة قدم محترف أعضاؤه جميعهم من المثليين، استلهم رئيس الفريق الفكرة من ماركوس أوربان، لاعب كرة القدم الألماني السابق، وأحد الأوائل في العالم الذي روى قصته كلاعب مثلي، وشيئا فشيئا استهوته كرة القدم الناعمة وأصبح يرعى لاعبين من طينة أخرى، يحميهم من تحرش الحكام والمشجعين والمراقبين. قال ماركوس خلال استضافته في برنامج حواري: “أنا لست حراما”، لكنه كشف عن وجود متسللين لفريقه عبروا عن رغبتهم في الانضمام للنادي ومع مرور الأيام تبين أنهم يعشقون الشواذ، فصدر قرار بطردهم من المجموعة التي لا تقبل إلا المثليين من المدرب إلى المكلف بالأمتعة.
تنشغل الدوحة اليوم أكثر من أي وقت مضى بالغضب الساطع القادم من الغرب، يفكرون في صيغة لاحتواء تدفق الشواذ حين تنطلق فعاليات المونديال القادم، لذا سنحمد الله ونشكره لأننا سقطنا في امتحان تنظيم كأس العالم، وأعفينا من سؤال الأقليات المحرج وخلصنا شعب الكرة من جمهور رهيف الإحساس، يجد متعة في مشاهدة مباريات تغيب فيها قيمة التنافس ويحضر فيها التسامح وتندثر الأوراق الصفراء والحمراء، ويصبح نظام المراقبة “الفار” شاهدا على ميلاد لاعبين من فصيلة أبي نواس.