موقف دولة
لعل الكلمة المفتاح في رسالة رئيس الحكومة الإسرائيلية للملك محمد السادس كما أعلن عنها بلاغ الديوان الملكي، هي أن الاعتراف الإسرائيلي بمغربية الصحراء قرار دولة وليس قرار حكومة.
وهنا ينبغي التمييز بين قرار الدولة وقرارات الحكومة، لأن المفهومين يستخدمان لدى البعض كمرادفات في كثير من الأحيان، وهو ما جعلهم لم يستوعبوا لماذا لم تتراجع إدارة بايدن عن المرسوم الذي وقعه الرئيس ترامب في آخر ولايته؟ ولم يفهموا كيف يمكن لحكومة شانثيز، التي لا تتوفر على الأغلبية البرلمانية ويتضمن ائتلافها قوى سياسية مناوئة للمغرب، أن تعلن موقفا واضحا من قضية الصحراء المغربية دون أن تسقط دستوريا؟ والأمر نفسه ينطبق على ألمانيا.
إنها قرارات الدولة الثابتة والتي لا رجعة فيها بإطارها الشامل الذي يتجاوز الزمن الانتخابي والرهانات الحزبية.
لذلك، فحينما تصرح رسالة نتنياهو بكون الموقف الإسرائيلي هو موقف دولة، فهذا له على الأقل خمسة مظاهر رئيسية، أولا، أنه موقف الأغلبية والمعارضة، النخبة المدنية والعسكرية والاقتصادية والدينية، ثانيا، موقف الدولة ليس قرارا إنشائيا بل إجراءات وخطوات عملية على مستوى ملاءمة القرارات مع كل الوثائق الرسمية لدولة إسرائيل. ثالثا، أن قرار الدولة موقف له امتداد خارجي في علاقة إسرائيل بالدول العظمى والمنظمات الدولية، رابعا، هو قرار دولة لأن له أثرا على مستوى اللوبيات الإسرائيلية القوية المنتشرة في دول العالم، سيما الإيباك في الولايات المتحدة الأمريكية والكرافت في فرنسا.
وخامسا، موقف الدولة الإسرائيلي يعني كذلك الحصول على مباركة الولايات المتحدة الأمريكية، فلا يتصور أن تتخذ إسرائيل قرارا بهذا الحجم دون موافقة من واشنطن، ولو كان هناك أي اعتراض من هذه الأخيرة لتأخر الاعتراف أو أجل لأجل غير مسمى.
وبطبيعة الحال كان الرد على موقف الدولة الإسرائيلي بما يتناسب معه، من موقف الدولة المغربي الذي يجسده الملك محمد السادس، الذي قال للإسرائيليين إنهم يمكن أن يعولوا علي وهذا يعني التزام دولة.
لذلك على المتاجرين بالقضية الفلسطينية والمتلاعبين بقضايا الوطن أن يفهموا أن قرارات الدولة التي ينتزعها المغرب انتزاعا من دول عظمى ليست إحسانا أو منة، بل هي ثمار جهود ديبلوماسية شاقة ومليئة بالمخاطر لدولة يقودها ديبلوماسي حكيم اسمه الملك محمد السادس.