شوف تشوف

الرأي

موقف إسرائيل من العودة إلى الاتفاق النووي

فاطمة ياسين

صدر عن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ما يشبه المبادرة تجاه إيران، عندما قبلت المشاركة في اجتماعات دعا إليها الاتحاد الأوروبي، لبحث العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، بحضور الدول التي وقعته عام 2015. وترافقت هذه الموافقة مع تخفيف بعض القيود الدبلوماسية، فقد سمحت إدارة بايدن للدبلوماسيين الإيرانيين بمزيد من حرية الحركة في نيويورك. وقبل أن ينتهي الإنذار الذي وجهته إيران في 21 فبراير الحالي، بفرض قيود على بعض عمليات تفتيش يقوم بها موظفون من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أبلغت الولايات المتحدة مجلس الأمن أن العقوبات التي كانت مفروضة على إيران، وألغيت بعد توقيع الاتفاق، ثم أعادت إدارة دونالد ترامب العمل بها، ملغاة. وكأن أمريكا تريد، بهذه الترتيبات الجديدة، إعادة الزمن إلى لحظة ما بعد توقيع الاتفاق في عام 2015، ولكن إدارة بايدن لا يمكنها القفز فوق أوضاع سياسية كثيرة استجدت.
حين عقد الاتفاق قبل ست سنوات، وقف بنيامين نتنياهو في مواجهته، وقد فترت العلاقة بين باراك أوباما وبينه لهذا السبب. ولجأ نتنياهو إلى الحزب الجمهوري المنافس، لمحاولة تخريب تلك الصفقة، ونجح في ذلك بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض. لكن إدارةً تبدو مشابهة للتي كان يترأسها أوباما، قد عادت، وأعادت معها المبادئ التي كانت تؤمن بها حيال إيران. ويبدو أن هذه الوضعية لم تغب عن ذهني نتنياهو وترامب، فقد قاما معا بحملة لتوضيب المنطقة للحظة كهذه، وقاد ترامب عاصفة من التغييرات في ثوابت المنطقة التي كانت الولايات المتحدة تعتمدها. كذلك لعب صهره جاريد كوشنر دور عراب السلام بتوقيع مجموعة اتفاقيات تطبيع بين إسرائيل ودول عربية تعتبر إيران، بمعنى ما، مصدر تهديد لها، ويمكن أن تقف منها موقفا معاديا يرفع درجات التوتر إلى حد المواجهة، وهو الموقف الذي ستعتمده إسرائيل في حالة العودة إلى الاتفاق النووي، ويمكن أن تبني عليه سياسة عسكرية ليست مستبعدة عنها.
قد يكون من الصعب على دول أوروبا الغربية وبايدن السيطرة على نتنياهو، هذه المرة، ولديه حلفاء جدد في المنطقة، يمكن أن يعطوه موافقة لعمل عسكري ضد إيران. ولطالما لوحت إسرائيل بالعمل العسكري المحدود ضد أهداف إيرانية مختارة. يجب أخذ هذا الاحتمال على محمل الجد، فهذه السياسة مفضلة وميسرة لدى قادة إسرائيل، فقد قصفت في الماضي مفاعلا نوويا في العراق، وآخر مفترضا في سوريا، وهي الآن تمارس عمليات قصف جوي بكثرة وكثافة على أهداف تقول إنها إيرانية على الأراضي السورية. ويمكن أن تتمدد ذراعها العسكرية، لتطاول أهدافا في دول أخرى، فيها نشاطات عسكرية لإيران، مثل لبنان واليمن وربما العراق. لكن الوصول إلى الأرض الإيرانية ليطاول القصف معامل بحث أو مواقع عسكرية حساسة هو ما تبحث عنه إسرائيل، وقد تجد أن اللحظة أصبحت مناسبة له.
تحولت اتفاقيات التطبيع أخيرا بسرعة إلى حالات من الصداقة والتحالف بين إسرائيل ودولتين خليجيتين، يمكن أن تشكلا تغطية مناسبة لإسرائيل. وتزيد من هذه الاحتمالية حالة الجفاء التي فرضتها إدارة بادين على المنطقة، وعلى إسرائيل ذاتها، خصوصا أن الأخيرة لم تؤمن بسياسة العقوبات التي كانت مفروضة على إيران، ولن تفلح محاولات إقناعها الآن بالقبول بنموذج جديد من الاتفاقية النووية يشمل، بطريقة ما، الصواريخ الباليستية، فالطموح الإسرائيلي أكبر من مجرد لجم إيران فترة قصيرة، أو محاولة تعطيلها فقط. وإسرائيل تبحث عن إعادة الإمكانات النووية الإيرانية إلى ما دون الصفر، واتفاقيات من هذا النوع لن تكون قادرة على تحقيق هذا الهدف. لذلك، سيبدأ نتنياهو منذ اللحظة، بالبحث عن طريقة مناسبة يخرج بها هجومه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى