شوف تشوف

الرئيسيةشوف تشوف

موقعة ولاد زيان

فوت الإعلام العمومي الممول من جيوب دافعي الضرائب فرصة ذهبية خلال أحداث ولاد زيان، عندما هاجم مهاجرون من دول جنوب الصحراء قوات الأمن بالحجارة، لكي يظهر للبرلمان والاتحاد الأوروبي حجم المشاكل التي ينوب عنهم المغرب في مواجهتها بخصوص ملف الهجرة، فهؤلاء المهاجرون جاؤوا إلى المغرب على شكل قوافل عابرين وهدفهم الأول والأخير هو الوصول إلى أوروبا.

والحقيقة أن ما حدث في محطة ولاد زيان يسائل سياسة المغرب بشأن الهجرة، كما يسائل بشكل خاص مديرية الهجرة بوزارة الداخلية والحكومة بشكل عام، ويطرح عليهم جميعا المعضلة التالية:

هل فعلا لدينا سياسة للهجرة أم أننا نرفع شعار المغرب البلد المضياف من غير أن نعي خطورة رفع شعار مماثل دون إرفاقه بسياسة مضبوطة وعقلانية للهجرة؟

من الناحية الإنسانية الصرفة لا يسع المرء سوى أن يتضامن مع هؤلاء المهاجرين الذين تقطعت بهم السبل، وكثير من المغاربة يمنحونهم المال والملبس والمأكل، غير أن هذه المعضلة لن تحل بالصدقات والمساعدات، بل بسياسة هجرة صارمة وعقلانية، حتى نتجنب مواجهات دامية كتلك التي وقعت.

إحدى الدراسات الأوروبية الرسمية التي نشرتها «الديلي ميل» كشفت عن فشل «الاتحاد الأوروبي»، في بلوغ أهدافه المسطرة، من المساعدات المالية الإنسانية، التي يقدمها، سنويا لبلدان نامية، من بينها المغرب.

وقد أشارت الدراسة إلى أن المساعدات الإنسانية للاتحاد الأوروبي يتم فقدانها، بين ما قالت عنه «السرقة» و«التخزين».

عندما نراجع التقارير الأوروبية والغربية عموما حول الهجرة نلاحظ أن الغرب ينتظر من المغرب أن يستمر في لعب دور الدركي وحارس الحدود الأوروبية من الأمواج العاتية للمهاجرين الأفارقة والعرب الهاربين من الدول الفاشلة التي أسقطت شعوبها أنظمتها دون أن يكون لديها بديل آخر غير الفوضى.

والحال أن أوروبا يجب عليها أن تتوقف عن مطالبتنا بلعب دور دركي الحدود، لأجل سلامة أمنها الداخلي، لأن المغرب بدوره يعيش مشكل هجرة ولم يعد بلد عبور بل إنه أصبح بلد إقامة واستقرار.

والجميع يريد أن يلصق بالمغرب تهمة تصدير المهاجرين السريين والحال أن المغرب غارق حتى الأذنين في بحر من المهاجرين السريين.

أما على الأرصفة فالمهاجرون الأفارقة أصبحوا ينافسون، بطاولاتهم التي يعرضون عليها مراهمهم وهواتفهم وتماثيلهم وأدوات زينتهم، الباعة الجائلين المغاربة.

وفي كل المدن والقرى المغربية هناك اجتياح للمهاجرين السريين القادمين من دول جنوب الصحراء، وطبعا فنحن لسنا ضد الهجرة بل ضد التساهل العشوائي في الحدود. وإذا استمر المغرب على هذه الوتيرة فسيأتي يوم يدفع فيه ثمن تساهله في قضية حماية الحدود، وسنعيش مشكلة كبيرة بسبب الهجرة العشوائية.

مشكلة المهاجرين من دول جنوب الصحراء بالمغرب والخطوات التي أقدمت عليها الدولة، في إطار تسوية وضعية الآلاف من الأفارقة بالمغرب، موضوع ستكون له انعكاسات مستقبلية يجب أن نكون مغفلين لكي لا نتوقعها.

حاليا الوضعية مستقرة، خصوصا مع توفر الدعم الأوروبي، ولكن هل الدولة لديها مخطط مستقبلي عندما يصبح لدينا الجيل الثالث من أبناء هؤلاء المهاجرين؟

هل الدولة تضع في حسابها أن أوروبا قد يأتي عليها زمن تشتد فيه الأزمة عليها فتقطع الدعم المخصص للمغرب لملف الهجرة، وهو ما نتشممه بوضوح من التقارير الأوروبية؟

هناك ملاحظة لا أحد انتبه إليها، وهي أن الكنائس تعرف انتعاشة كبيرة ونشاطا منقطع النظير بفضل توافد المهاجرين الأفارقة المسيحيين عليها، وهذا طبعا يدخل ضمن حقوقهم الدينية التي لا أحد ينازعهم فيها.

لكن هل الدولة عندها سياسة في هذا المشهد الديني الجديد، وكيف ستتعامل مع هذه الأقلية المسيحية التي ستتحول من هنا إلى 10 أو 20 سنة عندما سيصل تعدادها إلى مليون أو مليوني مسيحي يجب تشييد كنائس جديدة لهم لتمكينهم من أداء شعائرهم الدينية؟

هل الدولة لديها استعداد لمنحهم حق الجنسية، أو القبول بهم في الانتخابات البلدية والتشريعية التي سيطالبون بالحق في المشاركة فيها واختيار ممثليهم؟

وكيف ستتصرف الدولة معهم في حال وقعت لا قدر الله أزمة اقتصادية أو مالية مثلما حدث في أوروبا؟

ألن يصبح هؤلاء المهاجرون عالة على الدولة، فلا هي قادرة على تحمل مواطنيها ولا هي قادرة على تحمل ضيوفها.

إن أوربا عندما فتحت ذراعيها للمهاجرين فلأنها كانت تعيش أزهى فتراتها الاقتصادية وكانت بحاجة إلى الأيادي العاملة لتحريك عجلة الإنتاج، أما نحن في المغرب فـ«شمن ازدهار عندنا» حتى نفتح البلاد لكل المهاجرين واللاجئين، «مالين البلاد ومبوطلين بقا لينا عاد نخدمو البراني». وحتى بنو جلدتنا من المغاربة يهاجرون سرا ويقدمون أنفسهم كلاجئين في نقط الحدود بالدول الأوروبية.

وفي بعض المناطق من المغرب من شدة الفقر “اللاجئين، السوريين براسهم إلى شافونا غادي نبقاو فيهم”.

علينا أن نكون واضحين مع أنفسنا، الهجرة التي تفد إلى المغرب ليست هجرة نوعية، وأغلب المهاجرين يمارسون مهنا غير مهيكلة ولا يفيدون الاقتصاد الوطني في شيء.

وبغض النظر عن المخاطر الأمنية التي يطرحها تواجد كل هذه الأفواج من المهاجرين السريين، الذين لا تملك عنهم وزارة الداخلية أية وثيقة أو بصمة، بالتراب الوطني، فهناك مشاكل أخرى ذات طابع اجتماعي تنتج عن هذا الوضع غير الصحي.

والدولة عندما تقرر استقبال مهاجرين يجب أن تضمن لهم شغلا ومسكنا وحدا أدنى من الكرامة داخل مراكز احتجاز يتم فيها تكوينهم وإعدادهم لسوق الشغل، أما أن نفتح أبوابنا للمهاجرين لكي يفترشوا الأرصفة وينضافوا إلى طابور العاطلين المحليين الذي يزداد طولا يوما عن يوم، فهذه مقامرة حقيقية باستقرار البلد.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى