تستمر أزمة الخصاص في أساتذة الرياضيات والفرنسية للسنة السادسة على التوالي، رغم الأعداد الهامة من المناصب التي حملتها المباراة الأخيرة، وذلك بسبب ضعف إقبال خريجي شعب هاتين المادتين على مهنة تدريسهما، الأمر الذي سيفرض على الوزارة، كما فعلت السنة الماضية، تنظيم مباراة ثانية ستفتحها أمام حاملي شهادة الإجازة في الفيزياء والكيمياء والاقتصاد، ليدرسوا الرياضيات والفرنسية.
مورادي:
فمن بين 2182 منصبا للرياضيات على الصعيد الوطني، موزعة على كل الأكاديميات، تقدم للمباراة 1428 فقط، وإذا أخذنا بعين الاعتبار المعايير الصارمة التي ستُعتمد في الاختبارات الشفوية، فإن النتيجة هي أن نصف المناصب ستبقى شاغرة.
وتستمر أزمة الخصاص في أساتذة الرياضيات
أياما قليلة بعد النتائج الصادمة التي أظهرها التقويم الدولي الشهير «PIZA» عن مستوى التلاميذ المغاربة في الرياضيات، ماتزال أزمة الخصاص في هذه المادة تلقي بظلالها على القطاع. حيث تعاني عدة مؤسسات تعليمية بمختلف جهات المملكة من ارتباك وعدم توازن يتكرر منذ 2016، في ما يخص التحصيل الدراسي في مادتي اللغة الفرنسية والرياضيات. فمنذ انطلاق الموسم الدراسي، ورغم إطلاق الأكاديميات لمباراة أطر الأكاديمية، إلا أن الخصاص لازال قائما في أساتذة هاتين المادتين بالمدارس.
استمرار هذه الأزمة يظهر أن كل المباريات السابقة لم تفلح في سد الخصاصِ المهول في هاتين المادتين اللتين تدرسان في كل المستويات والشعب بالثانوي الإعدادي والثانويِّ التأهيلي، وهو الأمر نفسه الذي حصل في المباراة التي تم تنظيمها في نهاية الأسبوع الماضي..، حيث من المرتقب أن يصل الخصاص إلى أكثر من 1000 أستاذ، علما أن الخصاص تم تحديده في المباراة ذاتها في 2182.
هذا التفاوت غير الطبيعي بين العرض والطلب في مادة الرياضيات يطرح أكثر من علامة استفهام حول عدم جاذبية هذه المهنة بالنسبة للمتفوقين في الرياضيات، سواء في الكليات أو في المدارس العليا المختلفة.
فغياب التوازن بين العرض والطلب يعني أن ما تحتاجه الوزارة من أساتذة في تخصصي الرياضيات والفرنسية أكبر بكثير مما تستطيع الجامعات توفيره، حيث يحدث، طيلة السنوات الست الماضية، أن عدد الذين يتقدمون للتوظيف في مادتي الرياضيات والفرنسية أقل بكثير من المناصب المعلنة. الأمر الذي يضطر لجان المباريات إلى قبول حالات تثبت في ما بعد، وفق تقارير رسمية للمفتشين، أن نجاحها خطأ كبير، بسبب عدم القدرة على التدريس في التعليم الثانوي، ومسايرة الامتحانات الإشهادية، أكانت تلك الخاصة بالإعدادي أو التأهيلي.
عدم قدرة الجامعات المغربية على توفير حاجيات قطاع التعليم المدرسي من أساتذة هاتين المادتين دفع الوزارة الوصية لحل، يبدو من الناحية التدبيرية ناجعا، لكنه من الناحية التربوية يناقش مبدأ الجودة الذي تراهن عليه وزارة بنموسى في هذه المرحلة. وهو السماح لخريجي شعبتي الحقوق والاقتصاد، اللتين تعتمدان الفرنسية لغة تدريس، (السماح) لهم بالترشح لتدريس مادة اللغة الفرنسية، وأيضا لخريجي شعبة الفيزياء بالترشح لتدريس مادة الرياضيات.
سؤال الجودة
في الوقت الذي حرصت فيه الوزارة على الاحترام الصارم لمطابقة تخصصات الإجازات مع المواد الدراسية، نجدها تفعل الشيء نفسه بخصوص ملحقي الدعم التربوي والاجتماعي والإداري، باستثناء التعليم الابتدائي، حيث يسمح لجميع حاملي الإجازة بالترشح لهذا السلك، مع اعتماد شروط أخرى في الانتقاء الأولي تركز على التمكن في اللغة الفرنسية والعلوم، بسبب مشكلة رصدتها الوزارة في السنوات الأخيرة، وهي أن شكل ومعايير المباراة كانت تسمح لخريجي الشعب المعربة بالهيمنة على أغلب المناصب. والآن وضعت الوزارة في المباراة الحالية معايير جديدة لانتقاء أساتذة التعليم الابتدائي، وعلى رأسها تحكمهم في الرياضيات والفرنسية أساسا بسبب ضعف عدد الأساتذة القادرين على تدريس لغة موليير والعلوم في السلك الابتدائي.
المهتمون بالشأن التربوي انتقدوا كثيرا هذا الإجراء لكون أزمة التخصصات ينبغي حلها باستراتيجية بين- قطاعية وليست قطاعية.
ففي حال ضعف أساتذة التعليم الابتدائي في العلوم واللغات، نجد أن المتفوقين في هذه التخصصات يفضلون التعليم الثانوي، لتبقى فرص الالتحاق بهذا السلك شبه حصرية على خريجي تخصصات تعتمد اللغة العربية وحدها في التدريس. وأدى هذا المعطى، وفق تقارير كثيرة أنجزها مفتشون وإداريون، إلى تجنب أغلب أساتذة هذا السلك تكليفهم بتدريس الفرنسية والعلوم، وقد يؤدي الأمر أحيانا لتشنجات مهنية بين هؤلاء الأساتذة والإدارات التربوية للمؤسسات التعليمية التي يشتغلون فيها.
ويقترح مهتمون بالشأن التربوي تعديل التوصيفات المتبناة في الشعب التي تحتضنها الجامعات ذات الاستقطاب المفتوح، بحيث يتم إدراج اللغة الفرنسية كمجزوءة أساسية وإجبارية، والأمر نفسه ينطبق على المعلوميات.
وبخصوص التعليم الثانوي، فإن محدودية المقاعد التي تخصصها المدارس العليا للأساتذة وكذا المدارس العليا للتربية والتكوين لمادتي الفرنسية والرياضيات، تفرض على الوزارة التنسيق مع وزارة التعليم العالي لاستقطاب أعداد مضاعفة من الطلبة داخل هاتين الشعبتين، وذلك لتوفير أكبر عدد ممكن من المترشحين وبالتالي توفير شروط انتقاء أفضل، علما أن ضعف المقبلين على المباراة من خريجي الشعبتين يجعل الوزارة في وضعية تضطر فيها لقبول الجميع بدون انتقاء.
يذكر، في هذا السياق، أن الجودة تعد مبدأ رئيسيا من مبادئ الرؤية الاستراتيجية التي تنكب الوزارة على تنزيلها منذ ثلاث سنوات. ولتحقيق هذا الرهان، حسب المتخصصين في الشأن التربوي، لابد من التقيد بمجموعة من المعايير التي تقوم على تحقيق الجودة في التعليم، وتتمثل هذه المعايير في جودة المواد والمناهج الدراسية المقررة، والمناهج العلمية، وجودة الأطر الإدارية التعليمية داخل المؤسسة التعليمية، وجودة جميع المرافق العامة للمؤسسة التعليمية، وخاصة بنيتها التحتيّة، ومستوى ونتائج التحصيل العلمي، وأخيرا القيام بالتنمية والتحسين بصورة مستمرة.
نافذة: غياب التوازن بين العرض والطلب يعني أن ما تحتاجه الوزارة من أساتذة في تخصصي الرياضيات والفرنسية أكبر بكثير مما تستطيع الجامعات توفيره
//////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////
////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////
متفرقات:
300 مليون دولار قرض جديد للتعليم العالي
قال البنك الدولي إن مجلس المديرين التنفيذيين وافق على قرض بقيمة 300 مليون دولار باستخدام أداة تمويل البرامج وفقا للنتائج لمساندة الحكومة المغربية في تنفيذ خطتها لتسريع وتيرة التحول في التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في منظومة التعليم. وأضاف البنك الدولي أن البرنامج سيقود إلى الأمام مجموعة من الأساليب المبتكرة والتحويلية لزيادة تأثير التعليم العالي والبحث العلمي لصالح الشعب المغربي الآن وفي المستقبل.
وأوضح البنك الدولي أن البرنامج يهدف إلى تحسين ملاءمة البرامج الجامعية لسوق العمل، وتشجيع البحث العلمي على أساس المعايير الدولية والأولويات الوطنية، وتعزيز الحوكمة على المستوى المركزي ومستوى الجامعات. وأكد على أن البرنامج سيدعم الأبعاد الرئيسية لتحول القطاع وتدريب الأجيال القادمة من الباحثين والمهنيين القادرين على مواجهة تحديات التنمية وتقديم الحلول للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلاد.
وأضاف البنك الدولي أن البرنامج سيسهم في إنشاء آلية لتتبع قابلية الخريجين للعمل، وتعميم المهارات القابلة للتحويل في البرامج الأكاديمية، واعتماد أكثر من 200 ألف طالب في المهارات اللغوية أو الرقمية، وزيادة التحاق الطلاب وتخرجهم في برامج الدرجات ذات الأولوية التي تلبي احتياجات القطاعات الاجتماعية والاقتصادية بحلول عام 2029.
المعارضة تطالب بقانون مالية تعديلي قبل زيادة أجور الأساتذة
طالب مصطفى ابراهيمي، عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، بالكشف عن الإجراءات التي ستتخذها الحكومة للإسراع بإخراج النظام الأساسي الجديد لموظفي التربية الوطنية، الذي يتضمن زيادات عامة وفئوية، وفق ما تم الإعلان عنه في اتفاق 10 دجنبر 2023. واعتبر ابراهيمي، في سؤال شفوي آني وجهه لرئيس الحكومة، أن هذه الزيادات تتطلب قانونا ماليا تعديليا، مطالبا بالكشف عن الموعد الذي ستحيل فيه الحكومة قانون مالية معدلا لقانون المالية لسنة 2024، وذلك لتوفير الاعتمادات المالية اللازمة لتطبيق هذا الاتفاق المذكور. وقال ابراهيمي، في سؤاله، إن الحكومة وجدت نفسها مضطرة، تحت ضغط وزخم الاحتجاجات المتتالية لرجال ونساء التعليم، وبعد إعلانها «تجميد» النظام الأساسي، إلى توقيع اتفاق جديد مع بعض النقابات يوم 10 دجنبر 2023 يعالج جزءا من مطالب الشغيلة التعليمية، ويتضمن إجراءات ذات أثر مالي ابتداء من فاتح يناير 2024. وأشار المتحدث إلى أن قانون المالية لسنة 2024، الذي جرى التصويت عليه، لا يتضمن هذه الزيادات ولا يمكن تجاوز سقف النفقات المخصصة لموظفي وزارة التربية الوطنية أو أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين.