شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

منشار تونس

 

مقالات ذات صلة

 

حسن البصري

نعيش زمنا أصبح فيه تنظيم كأس العالم أهون من تنظيم مباراة لكرة القدم عالية الضغط. من كل الملاعب تأتينا أخبار الشغب من لم تزود.

حين ماتت المشجعة الرجاوية نورة تحت الأقدام اعتقدنا أن مركب محمد الخامس أصبح مقبرة للحالمين بالفرجة، لكن حين شاهدنا شغب ملعب «رادس» بتونس، حمدنا الله وشكرناه في سرنا وعلانيتنا لأن المرض لم يصل إلى مراحله المتقدمة.

عاش ملعب «رادس»  رعبا لا مثيل له، في مباراة جمعت الترجي التونسي وشبيبة القبائل الجزائري، حين انتفض أطفال في وجه بوليس الملعب وأصروا على اقتحام المدرجات، ولما أحيلوا على محكمة بن عروس بتهمة «تكوين عصابة إجرامية للاعتداء على الأملاك والأشخاص وإضرام النار، ومسك سلاح أبيض دون رخصة (وكأن حيازة سكين يحتاج لرخصة) وتدليس بطاقات دخول للملعب وحيازة مادة مخدرة»، قال الدفاع إنها نزوة أطفال في يوم عطلة.

يمكن أن نقبل انتفاضة أطفال الترجي، لكن آخر إبداعات رموز الشغب في تونس، هو «مول المنشار»، هذا المشجع الذي شوهد في مدرجات ملعب «رادس» وهو يحمل منشارا آليا يهدد ببتر الأطراف وينكب على قطع الأحجار لاستعمالها عند الحاجة، حتى كاد الملعب أن يصبح مقلعا للحجارة التي تستخدم في الرشق طويل المدى.

في اليوم الموالي كشف الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بابن عروس، أنه تم إلقاء القبض على المشتبه فيه في استعمال المنشار الكهربائي، وتبين أنه مسروق من مخازن الملعب إلى جانب أدوات أخرى.

هدد الجزائريون بمقاطعة المباراة ودارت معركة في المدرجات بينهم وبين «أشقائهم» التونسيين، حيث لعب صاحب المنشار دور البطولة في الجزء الأخير من المعركة التي لا ينصح أصحاب القلوب الضعيفة بمتابعتها.

قبل أن نبتلع فاجعة نورة، كاد محيط ملعب العربي الزاولي أن يقدم لنا ضحية جديدة، قبل مباراة الاتحاد البيضاوي والنادي المكناسي، أول أمس الثلاثاء، حين دارت معركة استعملت فيها الحجارة والعصي والسكاكين، سقط ضحايا في صفوف رجال الأمن والمشجعين وغالبيتهم من الشباب المكناسي، كما تحطمت سيارات وواجهات متاجر، وتحول الحي المحمدي إلى منطقة مهمومة.

اعتقل عشرات الشباب الحالمين بفرجة دامية، لكن الجهة المنظمة ظلت بعيدة عن دائرة الاتهام، فرئيس الاتحاد البيضاوي، الموقوف من طرف لجنة الأخلاقيات، طبع عشرة آلاف تذكرة وباع بعضها بالرغم من قرار إجراء المباراة بدون جمهور. في اليوم الموالي سيصدر رئيس اللجنة المنظمة بيانا يدين الشغب والمشاغبين.

كيف يطبع رئيس فريق التذاكر دون حسيب ولا رقيب؟

كيف يسمح لرؤساء موقوفين بتهم الفساد ممارسة مهامهم في ما يشبه التعايش مع المفسدين؟

الفواجع هي حبر البيانات والمصائب هي دوافع الاجتماعات، فقد انتظر عبد اللطيف الناصري، رئيس لجنة الرياضة، سقوط نورة عند بوابة ملعب مركب محمد الخامس، ليخرج عن صمته ويعترف بغضب يسكنه من شركة «كازا إيفنت»، ويقول في تدوينة على صفحته الفايسبوكية: «من موقعي أصبحت مقتنعا أكثر من أي وقت مضى بأن نمط التدبير بالمركب الرياضي محمد الخامس أصبح متجاوزا، ووجب تغييره بشكل جذري في أقرب وقت، رغم أنني كنت أتجنب التصريح بكل شيء لكنني مضطر اليوم لأخبر العموم بأن التغيير قادم».

رئيس لجنة الرياضة يعتبر حالة صارخة لتضارب المصالح، فهو رئيس لفريق شباب سيدي معروف، وهو الذي يوجه لنفسه ملتمس الحصول على منحة للفريق، وهو من يؤشر عليها، ليس هو الوحيد طبعا ففي مجلس المدينة والعمالة والجهة رؤساء فرق يحملون قبعتين، لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

من يبحث عن فرجة بكرامة سيردد مع محمد عبد الوهاب مقطع: «أنا من ضيع في الأوهام عمره».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى