مهندس تطهير معبر الكركارات يخلف الجنرال دوكور دارمي عبد الفتاح الوراق
عين الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، أول أمس الأربعاء، الجنرال دوكور دارمي بلخير فاروق، مفتشا عاما للقوات المسلحة الملكية، خلفا للجنرال دوكور دارمي عبد الفتاح الوراق.
وذكر بلاغ لوزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة أن اختيار الجنرال دوكور دارمي بلخير فاروق لهذا المنصب تم بناء على مؤهلاته المهنية وروح المسؤولية العالية التي تحلى بها في مختلف المهام التي أسندت إليه، مضيفا أن الجنرال دوكور دارمي بلخير فاروق سيواصل ممارسة مهامه كقائد للمنطقة الجنوبية.
من يكون الجنرال دوكور دارمي فاروق بلخير
فاروق بلخير، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، قائد المنطقة الجنوبية، من مواليد 1950 بمنطقة آيت باعمران المرابطة، بدوار ادبوشني جماعة ميرلفت، بسيدي إفني. التحق بصفوف الجيش المغربي بعد تخرجه مباشرة من الأكاديمية الملكية العسكرية بمكناس المشهورة بـ «دار البيضة»، وذلك بعد حصوله على شهادة الباكالوريا عام 1968، ليتخرج بعد مضي ثلاث سنوات من الأكاديمية الأولى في المغرب برتبة ملازم ثان عام (1972).
عمل لمدة عامين بنفس الرتبة، بجهد كبير ومتواصل، على اعتبار أن هذه السنوات كانت «سنوات» لمحاولات انقلاب على الملك الحسن الثاني من أقرب العسكريين له، ليعين بعدها في رتبة ملازم أول، بسبب الثقة الكبيرة التي أبان عنها وقتذاك، وذلك بالأقاليم الجنوبية للبلاد التي كانت لا تزال تئن تحت وطأة المستعمر الإسباني ساعتها (سنة 1973)، حيث منحت له عدة مهام جسام منذ ريعان شبابه، أبان من خلالها على علو كعبه مقارنة مع باقي زملائه من نفس العمر، ليقود بهذا مجموعة كبيرة من الوحدات العسكرية الميدانية، بداية من (سريات وأفواج وفيالق)، تبعا للترقيات التي كان يتحصل عليها خلال سبعينيات القرن الماضي.
كان من ضمن المساهمين بالقدر الذي يخوله له مركزه وقتذاك، في المسيرة الخضراء التي طردت المستعمر الإسباني، وعادت من خلالها الأراضي الجنوبية للمملكة العلوية المغربية، تحت حكم الملك الحسن الثاني، كما ساهم بقدر كبير جدا في ما يعرف بحرب الرمال ضد الكيان الوهمي البوليساريو الذي تم تأسيسه من قبل جنرالات الجزائر المتشبعة بالحقد والضغينة، ليشارك لمدة عقدين من الزمن في عدة معارك للدفاع عن الوحدة الترابية والوطنية للمغرب ضد كل الحملات المقصودة والممنهجة من طرف أعداء الوحدة الترابية، وذلك إلى أن تم الإعلان عن وقف إطلاق النار في شتنبر 1991 ، تحت إشراف الأمم المتحدة.
بالموازاة مع المواجهات التي كان يخوضها الرجل، في وقت عصيب من التاريخ المغربي الذي سطر بذهب بعد الاستقلال من جهة أولى، وبالموازاة مع ترقيته إلى رتبة رائد «كومندار» التي تعد من بين رتب (الضباط السامين) من جهة ثانية، كان فاروق بلخير حريصا أشد الحرص، على التعلم واكتساب المزيد من المهارات والخبرات التقنية العسكرية، التي تسمح له بتسلق المراتب بطريقة عملية وعلمية جيدة، حيث حزم حقائبه متوجها نحو فرنسا، وبالضبط قصد الكلية الحربية الفرنسية، عازما على جلب دبلوم الدراسات العليا في هذا الميدان الصعب، وهو بالفعل ما تأتى له أواخر الثمانينات من القرن الماضي.
فوفقا لإفادة (فار ماروك)، موقع الجيش الملكي المغربي، اشتغل فاروق بلخير خبيرا كبيرا داخل الصحراء المغربية في شقها العسكري و الثقافي والديمغرافي، حيث عمل بمختلف قطاعات المنطقة الجنوبية، بدأ بالفيلق الرابع للمشاة المحمولة 4RIM قبل أن ينتقل سنة 81 للفيلق السادس 6RIM، ليساهم بشكل كبير من موقعه، بعد تكوينه العسكري البارز بالتراب الفرنسي، ببناء مختلف الجدارات الأمنية 11 في إطار عملية تأمين الصحراء المغربية، بهدف حد هجمات المليشيات الانفصالية، المدعمة ماديا ومعنويا ولوجيستيا من طرف جنرالات الجيش الجزائري، حيث أبلى البلاء الحسن رفقة العسكريين المغاربة المرابطين على طول الحدود الجنوبية مع الجارة الشرقية الجزائر.
كما كان من ضمن المهام التي أوكلت إليه خلال مدة من الزمن، قيادة مجموعة من الوحدات منها الفوج الأول لمشاة الجبال (er Bataillon des Skieurs1).
«كاريزما» عسكرية متفردة
الجنرال دوكور دارمي بلخير فاروق، خريج الأكاديمية الملكية العسكرية (سلاح المشاة)، يشغل منصب قائد المنطقة الجنوبية منذ سنوات، واشتهر بخبرته العسكرية التي تمتد لنحو 52 سنة، 40 سنة منها قضاها بالمنطقة الجنوبية.
سجل عسكري حافل بالإنجازات الاستراتيجية راكمه الجنرال دوكور دارمي فاروق بلخير الذي عينه صاحب الجلالة مفتشا عاما للقوات المسلحة.
الجنرال بلخير، الذي قاد وبذكاء وصرامة عملية تطهير الكركرات من المرتزقة وعصابات البوليساريو، خبر دروب الصحراء المغربية وتولى عددا من المهام الميدانية الاستراتيجية التي كان لها دور حاسم في ردع أعداء الوحدة الترابية وتأمين حدود البلاد الجنوبية وتطهيرها.
كما شارك الجنرال بلخير في عمليات بناء مختلف الجدارات الأمنية الأحد عشر في إطار عملية تأمين الصحراء المغربية، كما قاد عدة وحدات، منها الفوج الأول لمشاة الجبال ما جعله ملما بأدق التفاصيل المرتبطة بتضاريس الصحراء، بعد أن شارك في عدة معارك دفاعا عن الوطن ووحدته الترابية.
الخبرة والذكاء والتخطيط الاستراتيجي والكاريزما التي تمتع بها الجنرال بلخير تفسر تكليفه بعدد من المهام الميدانية، وتدرجه في المناصب، بعد أن تولى رئاسة المكتب الثالث لقيادة المنطقة الجنوبية، ثم مفتشا لسلاح المشاة، قبل أن يعينه جلالة الملك قائدا للمنطقة الجنوبية خلفا للجنرال دوكور دارمي بوشعيب عروب.
اليوم أصبح الجنرال دوكور دارمي فاروق بلخير مفتشا عاما للقوات المسلحة الملكية إضافة لقائد المنطقة الجنوبية بعد أن راكم تجربة مهمة مكنته من المشاركة في عدد من المنجزات الاستراتيجية، والتي كان على رأسها المساهمة في بناء الجدار الأمني العازل، الذي شكل سدا منيعا للتصدي لهجمات المرتزقة وأعداء الوحدة الترابية.
ويعتبر الجنرال بلخير فاروق من خيرة الجنرالات بالقوات المسلحة الملكية، بفضل خبرته العالية التي تميز بها واكتسبها على امتداد المدة التي قضاها على رأس وحدات ميدانية بالأقاليم الجنوبية، والمعارك الضارية التي خاضها ضد أعداء وحدة الوطن، ويتمتع بذكاء حاد ساعده على أداء مهامه ومسؤولياته بسلاسة ودقة، وهذا بشهادات زملائه من كبار الضباط بالقوات المسلحة الملكية، ومن اشتغلوا معه وتحت إمرته من الجنود.
الجزاء من جنس العمل
أن تعمل بجد وبوقار، ناهيك عن التفاني والعطاء، فالنصيب يكون الجزاء، والمؤسسة الملكية بعينها التي تراقب كل صغيرة وكبيرة، كانت خير مثال في منح الجزاء لمن يستحق، ولم تتأخر في تاريخها المشهود له في تتويج كل مثابر مجد، وفاروق بلخير استحق كل توشيح منح له من طرف الملك محمد السادس.
فقد نال عن جدارة واستحقاق بسبب كل ما قدمه من عمل وتضحيات جسام تجاه وطنه، مع إخلاصه لشعار المملكة (الله ـ الوطن ـ الملك) عددا من التوشيحات والأوسمة والترقيات، حيث في عام 2006 عين رئيسا للمكتب الثالث بالمنطقة الجنوبية بأكادير، ورئيسا لأركان الحرب بها، وكان أول جنرال يشرف بشكل منفرد على المنطقة الجنوبية، بعدما كان هذا المنصب ملحقا بمنصب المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وبالضبط وقت الجنرالين السابقين (عبد العزيز بناني وبوشعيب عروب).
عينه الملك محمد السادس عام 2015 مفتشا لسلاح المشاة، وهو المنصب الذي ظل يشغله إلى حين تعيينه قائدا للمنطقة الجنوبية للقوات المسلحة الملكية، كما أسلفنا الذكر، كما تحصل على مجموعة من الأوسمة من طرف المؤسسة الملكية على طول مساره المهني.
وقبل يومين، اختار الملك محمد السادس، القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، وفق بلاغ رسمي من قبل الديوان الملكي، أن يعين الجنرال دوكور دارمي بلخير فاروق، مفتشا عاما للقوات المسلحة الملكية، خلفا للجنرال دوكور دارمي عبد الفتاح الوراق. منوها بعدد من الخصال المحمودة التي يحملها الرجل، حيث قال البلاغ إن هذا التعيين جاء بسبب «مؤهلات بلخير فاروق المهنية وروح المسؤولية العالية التي تحلى بها في مختلف المهام التي أسندت إليه»، كما أن المؤسسة الملكية قررت أن يستمر في ممارسة مهامه كقائد للمنطقة الجنوبية.
اسم بارز خلال السنتين الماضيتين
برز اسم فاروق بلخير خلال آخر سنتين بشكل ملفت، إذ كان المهندس الأول لعملية طرد عصابة البوليساريو من معبر الكركرات، التي كانت قد عملت على إيقاف نشاطه لأسابيع، بشكل مخالف للقانون والمواثيق الدولية، ليقوم الجنرال بلخير بإعادة الهدوء، وإعادة الأمن لمنطقة الكركرات وتحرير المعبر الحدودي، وسط تنويه شعبي، وتنويه من طرف المجتمع الدولي، الذي نوه بالعملية التي لم يحتك فيها الجيش المغربي مع المدنيين الذين كانوا كطغمة بيد جنرالات الجزائر من أجل تأليب المجتمع الدولي على المغرب، وهو الشيء الذي فطنت له القوات المسلحة الملكية، جاعلة حلم الميليشيات وجنرالاتهم من الجزائر كابوسا حقيقيا.
وبمناورات الأسد الإفريقي، في نسختها 17 هذا العام، برز بشكل كبير اسم الجنرال فاروق بلخير، حيث ولأول مرة تجرى هذه المناورات بمنطقة المحبس القريبة من الأقاليم الجنوبية للمملكة، إذ عبر في هذا الصدد قائد المنطقة العسكرية الجنوبية المغربية الجنرال دوكور دارمي بلخير فاروق عن الدور الكبير الذي يلعبه الجيش المغربي والنضج الكبير، كذلك، الذي وصل إليه تمرين الأسد الإفريقي.