من وراء تفشي جائحة كورونا
جلال جراغي
الولايات المتحدة الأمريكية تمر بظروف لا تحسد عليها، وتفشي فيروس كورونا صار يزيد الأمر ضغثا على إبالة الأزمات التي يواجهها الرئيس «دونالد ترامب»، كتكبد بلاده خسائر مالية شديدة نتيجة الخفض الشديد في أسعار النفط، وإلحاق أضرار فادحة بالشركات الفاعلة في مجال النفط الصخري الأمريكي، ما جعل كثيرا من الشركات الأمريكية على وشك الإفلاس، وملايين من الأشخاص عاطلين عن العمل.
الرئيس الأمريكي الذي سولت له استطلاعات الرأي بشأن نجاحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، بات الآن يعيش حالة من الارتباك السياسي ويتخبط خبط عشواء، موجها تارة تهما للصين وتارة أخرى لإيران أو روسيا، وكان آخر اتهامه أن فيروس كورونا تسرب من مختبرات في مدينة ووهان الصينية.
لاشك أنه ينبغي أن تكون التهم المتبادلة بين الصين والولايات المتحدة محط اهتمام للدارسين والإعلاميين، للحصول على استنتاجات معقولة للحكم في هذا المضمار، ما لفت إليه كاتب هذه السطور في مقال سابق تكرمت «رأي اليوم» بنشره بعنوان «تفشي فيروس كورونا بين الحقيقة والمؤامرة».
النقطة اللافتة في هذا المجال هي أنه يبدو أن الأمريكيين مختلفة آراؤهم في هذا الصدد، فإن أجهزة المخابرات الأمريكية ترى أن الفيروس ليس صناعة بشرية، في حين أن الرئيس الأمريكي يرى ويعلن بأن الفيروس صناعة بشرية تسربت من مختبرات صينية.
يبدو أن ترامب يعرف مكمن السر الشيطاني، وهو أن الفيروس صناعة بشرية لا ظاهرة طبيعية، لأن أحد الأسباب العقلانية التي تروج التدخل البشري في تطوير هذا الفيروس هو مصدر تفشي الفيروس، والذي بقي مجهولا حتى الآن. وطالما بقي الحال على ما هو عليه ولم يصبح أمر الفيروس معروفا، فإنه لا يمكن الإدلاء بتصريح ورأي صواب حول المدلول والنتيجة، وهذا قد ينبئ بأن ترامب كان على علم بهذه الخطة الشريرة، وربما كان له يد في تطويرها بهدف تحقيق أهداف سياسية، خاصة في ما يتعلق بالصين كمنافسه الاقتصادي الكبير على المستوى العالمي، بهدف القضاء على هذه القوة المتزايدة التي أصبحت تهدد بلاده على المستوى العالمي. ومن هذا المنطلق، قد يطرح هذه الفرضية أن واشنطن بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية تسعى وراء فرض الضغوط على الصين، للدخول إلى مختبراتها السرية بهدف الاطلاع على قدراتها البيولوجية والنووية، وربما تم تطوير هذا الفيروس لتحقيق هذا الغرض بعينه.
يبدو أن ترامب محق في أن الفيروس هو صناعة بشرية ومنتج مختبري، لكن هذا لا يعني أن الصين تقف وراء تفشيه، بل على العكس يمكن أن تكون الولايات المتحدة نفسها وراء انتشار هذه الجائحة، إلا أنه بهدف تضليل الرأي العام ومن خلال اتباعها سياسة الإسقاط، تحاول التستر على خطتها الشيطانية وتتهم الصين، وقد يندرج هبوط أسعار النفط في جزء من هذا السيناريو، للإيحاء بأن الصين هي المتهمة، باعتبارها المستفيد الأول من تفشي الفيروس وهبوط أسعار النفط.
وفي الإطار نفسه يطرح رأي آخر، وهو أنه من المحتمل أن يقف أصحاب المليارات والشركات العظمى حول العالم وراء تفشي الفيروس، بهدف وضع خطة «النظام العالمي الحديث» للقضاء على الضعفاء وكبار السن والمرضى، الذين باتوا (بزعم هذه الشركات) عبئا على الحكومات وشركات التأمين. وهنا نتحدث عن مليارديرات ومنظمات وجهات تحاول إدارة العالم والسيطرة عليه، أولئك الذين لا يعتقدون بشيء سوى المال والقوة، وبهذا فقد تحولوا إلى أقذر وأشرس الناس في تاريخ كوكب الأرض. ووفقا لهذه الفرضية، لم يعد هناك شخص أو حكومة محددة وراء الحدث، وإنما جهات تنظيمية تتكون من رأسماليين وكبار المصرفيين على المستوى العالمي ومسؤولين حكوميين مؤثرين كانوا موالين لمنظماتهم السرية لعدة أجيال، منفذين خططا وبرامج شريرة. وخلافا للتصور الشائع، تضاعفت ثروة بعض كبار الرأسماليين حول العالم، منذ بداية انتشار جائحة كورونا في العالم، وفي المستقبل يصبحون هم الأغنياء الأكثر ثراء.