شوف تشوف

الرئيسيةرياضةفسحة الصيف

من بطل في كمال الأجسام إلى حكم دولي صارم ومكون مرجعي لخيرة حكام الكرة المغربية

قضاة الملاعب امحمد السطالي (حكم دولي)

ولد امحمد السطالي في مدينة فاس سنة 1934، كان رياضيا بقوته البدنية، ما جعله يقبل على أندية كمال الأجسام حيث شارك في مسابقات كانت تنظم من طرف الحماية الفرنسية في المهرجانات، ما أكسبه بنية قوية ساعدته على امتلاك شخصية قوية في مجال التحكيم حين بدأ حكما متطوعا في مباريات الحواري.

 

من كمال الأجسام إلى عالم التحكيم

كانت البنية الجسدية للحكم السطالي جزءا من شخصيته، إذ كان الكثير من اللاعبين والمدربين والمسيرين يعتبرونه حكما صعب المراس، يملك جرأة كبيرة ليس فقط في اتخاذ القرار بل في الدفاع عنه.

هكذا دخل السطالي غمار التحكيم الرسمي في فترة تميزت بحضور حكام أشاوس، منهم فرنسيون ويهود مغاربة وقلة من المسلمين. تميزت هذه الحقبة بوجود العديد من الحكام المتميزين على غرار اليهودي المغربي بوصار والمراكشي بانون، الصباغ وغيرهم، بل إن اللجنة الجهوية للتحكيم كانت تحت إشراف يهودي مغربي. كما جايله حكام منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، على غرار: محمد العلمي، محمد بنشقرون، محمد باحو، علي الدبدوبي، الحاج شكير، الحسني، الدباغ، العلوي، المهداوي واللائحة طويلة..

من محاسن الصدف أن يبدأ السطالي مسيرته التحكيمية من عصبة الغرب، بعدما تم تعيينه، وهو في ريعان شبابه، موظفا في مصلحة البريد بمدينة الرباط، إذ انطلقت بدايته التحكيمية مساعدا للحكم الدولي الفرنسي جوزيف فرانكو الذي تميز بالحزم، هذه الفترة مكنت امحمد من التمرس أكثر بالتحكيم قبل أن يصبح حكما رئيسيا.

بعد العودة إلى مسقط الرأس فاس، التحق السطالي باللجنة الجهوية للتحكيم التي كان يرأسها الحكم الدولي بانون اليهودي المغربي، ومنه تعلم الكثير من الدروس التي ساعدته على تدبير المباريات، وعند ترقيته إلى حكم جامعي سنة 1968 برز اسمه كحكم له وزنه في الساحة الكروية، حيث اكتسب بسرعة احترام الجميع وثقة المسيرين بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، ولجنة التحكيم بفضل بنيته الجسمانية القوية وشجاعته في اتخاذ القرارات الصعبة، ما جعله مرشحا فوق العادة لقيادة المباريات القوية نهاية الأسبوع الرياضي.

من الأسماء التي عايشها السطالي في هذه الفترة نذكر كلا من الزياني، بنعلي، بلفقيه، بن جلون، البورزكي، المدني، الأزرق، بوكزول، بن شقرون وغيرهم من الحكام الذين صنعوا أو ساهموا في صنع مجد الصافرة المغربية. ويمكن القول إن السطالي عايش ثلاثة أجيال في مجال التحكيم وساهم في إنجاب أسماء سيكون لها شأن في هذا المجال، خاصة حين أسس مدرسة للتحكيم سنة 1972، وأضحى واحدا من معلمي الحكام ومكونيهم.

قال الحكم الدولي السابق، المرحوم سعيد بلقولة، في حوار صحافي: «حصلت على الشهادة الجامعية من جامعة ابن طفيل، وأنا حينها طالب في مدرسة التحكيم بفاس التي كان يشرف عليها الحكم الدولي السابق امحمد السطالي، والتي يرجع تأسيسها إلى سنة 1972، بل إن السطالي يعد معلمي وموجهي الأول في مجال التحكيم».

وأضاف بلقولة أن السطالي أصر على أن تسند إلي مباريات السد، بالرغم من معارضة بعض الحكام، «لقد دخلت عالم التحكيم سنة 1983 بصفتي حكما في طور التأهيل، تمرست في مدرسة فاس وفتح لي السطالي باب التألق في مجال التحكيم، وكان أول اختبار حقيقي لي كحكم واعد، في مباراة السد للبطولة الشرفية بالعصبة الجهوية جمعت وفاء فاس بفريق فندق فاس، حيث تألقت بشكل لافت ونلت رضا رئيس اللجنة الجهوية».

حين ترأس اللجنة الجهوية للتحكيم بفاس، ساهم السطالي في بروز العديد من الأسماء، أبرزهم بلقولة طبعا، الذي آمن به ودافع عنه بشراسة لاجتياز امتحان الترقية إلى حكم متجول بين العصب، لذا اعتبر مكتشف حكم نهائي مونديال 1998.

من الأسماء التي تتلمذت على يدي السطالي حميد باحو، عبد العزيز بلفتوح، عبد العزيز الذهبي، رشيد مزوداي، عمر الطاهري، محمد الموجه، محمد العلوي لمراني، إبراهيم بوحزمة وغيرها من الأسماء التي تألقت في سماء الكرة الفاسية.

 

مسار حكم دولي صارم جدا

حصل السطالي على الشارة الدولية سنة 1974، ما مكنه من المشاركة في العديد من التظاهرات الرياضية الخارجية، على غرار ألعاب البحر الأبيض المتوسط سنة 1979 بسبليت، والتي عرفت مشاركة المنتخب الوطني المغربي، كما قاد مباريات بالبطولة الإماراتية، ودوري بطولة العرب للشباب بالمملكة العربية السعودية. كما شارك في الألعاب الجامعية بتونس، وشارك حكما مساعدا للحكم محمد حجان في نهاية كأس العرش، قبل أن ينال شرف قيادة نهائي كأس العرش بين الوداد الرياضي والنهضة القنيطرية في ملعب سانية الرمل بتطوان، في مواجهة ترأسها محمد السادس حين كان وليا للعهد، وانتهت بثلاثية ودادية. كما قاد السطالي العديد من المباريات الدولية الهامة، لاسيما على الصعيد الإفريقي، فضلا عن مباريات ودية للمنتخب المغربي وأخرى ذات طابع تكريمي كان الفقيد يصر على إدارتها بشكل تطوعي.

بعد مشوار طويل في الملاعب الرياضية، اختار حكمنا الاعتزال، إذ قرر «تعليق» الصافرة في أعقاب الموسم الكروي 1983/1984، وتمت الاستعانة بخبراته في لجنة التحكيم الجهوية قبل أن يخلد للراحة ويكتفي بمتابعة ما يجري في عالم الكرة.

في منتصف شهر دجنبر 2009، انتقل حكمنا امحمد السطالي إلى دار البقاء، عن عمر يناهز 75 سنة إثر مرض عضال ألزمه الفراش مدة طويلة. وفي جنازته حضر حكام من مختلف الأجيال اعترافا بدوره في تكوين نخبة من الحكام الذين مثلوا فاس والمملكة في المحافل الوطنية والدولية، كيف لا والتاريخ يسجل إشراف الفقيد على تسيير أول مدرسة للتحكيم بفاس قبل عامين على ترقيته إلى حكم دولي.

ظل اسم السطالي حاضرا في المشهد التحكيمي بفاس، من خلال حمزة السطالي ابن شقيقه، والذي يترأس جمعية لحكام كرة القدم بفاس، سعيا لترسيخ ثقافة الاعتراف بالحكام الذين يطولهم النسيان بمجرد إطلاق آخر صافرة في ملاعب الكرة.

عند وفاته قامت نخبة من حكام مدينة فاس بتخليد ذكرى أسماء أعطت الكثير للقطاع التحكيمي، قبل أن ترحل إلى دار البقاء، واستحضرت كلا من باحو وبلفتوح وجقاوة والسطالي وغيرهم من الأسماء التي قدمت الكثير لكرة القدم الوطنية قبل أن ترحل في صمت.

يقول الحكم الفيدرالي والخبير التحكيمي محمد الموجه، في شهادته عن الحكم السطالي: «هو حكم بنى شخصيته القوية من لياقته البدنية، كان بطلا في كمال الأجسام وكان له حضور قوي في الملعب، وكان اللاعبون يهابونه، خاصة وأن تقاسيمه الجادة والصارمة تجعل منه حكما قوي الشخصية، لا مجال عنده للابتسامة أو مداعبة لاعب أو شيء من هذا القبيل. كان حكما يحمل رسالة واضحة الفصل بين فريقين بكل جدية، لا يتساهل ولا يتردد في اتخاذ القرار مهما كانت الضغوطات. ومن ميزاته، أيضا، عشقه للتكوين وإصراره على الدفع بعناصر شابة في مباريات حاسمة، مع توصية بالجرأة في التعامل مع أطوار المواجهة».

 

تواريخ بارزة من حياة الحكم السطالي

ولد امحمد السطالي سنة 1934 بفاس

تمت ترقيته إلى حكم جامعي سنة 1968

أسس مدرسة للتحكيم بفاس سنة 1972

ترقى إلى درجة حكم دولي سنة 1974

قاد نهاية كأس العرش سنة 1978

اعتزل التحكيم الوطني والدولي سنة 1984

أشرف على اللجنة الجهوية للتحكيم سنة 1985

توفي في شهر دجنبر سنة 2009

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى