شوف تشوف

الرأيالرئيسيةمجتمع

ملائكة الطاقة الشمسية

يونس جنوحي

في أغلب المحن، يخرج الناس بدروس لتدبير شؤون المستقبل. وهذا ما ينطبق على موضوع استغلال الطاقة الشمسية في المناطق القروية.

عندما ضرب زلزال الحوز وتارودانت في آخر دقائق الثامن من شتنبر الماضي، ودُمرت البنيات التحتية بما فيها خطوط الإمداد بالكهرباء، فكر مهندسون وتقنيون في وضع الألواح الشمسية وإطلاق خطوط جديدة للطاقة الشمسية، استُعملت حتى الآن لإنارة الخيام والطرق والمسالك، والمراحيض المتنقلة ويستعملها سكان بعض القرى لمشاهدة التلفزيون.

طاقة كهربائية نظيفة جدا، ومجانية.

لماذا لم يفكر مسؤولو البلاد منذ سنوات في استغلال أشعة الشمس التي لفحت تلك القرى وسكانها لقرون متواصلة، لكي يُخففوا عنهم العزلة الكبيرة التي كانوا فيها قبل الزلزال.

بعض الأسر لم يسبق أن توفرت لهم الطاقة الكهربائية في المنازل، وهكذا بعد الثامن من شتنبر، أصبح بإمكان الناجين مشاهدة التلفزيون. ويمكن الآن بسهولة ملاحظة وجود لاقطات فضائية منتشرة بين الخيام، ولا تبعد عن بعض المقابر التي دُفن فيها الضحايا، إلا بأمتار فقط.

من دروس الزلزال أيضا، أنه يتعين التفكير في مستقبل لمناطق المغرب «المنسي» ما بعد الكارثة.

لا يعقل أن يعود هؤلاء الناس إلى مساكن جديدة، عندما تنتهي منها الأشغال خلال السنوات المقبلة، ثم يتعين عليهم أن ينتظروا مثلا إعادة إمداد خطوط الكهرباء، مع كل المخاطر التي تصاحب مدها واحتمال نشوب حرائق في الغابات الجبلية، في حالة ملامسة الأسلاك للأشجار. بعد أن ألفوا خلال فترة الزلزال الاستفادة المجانية من الطاقة الكهربائية.

إن الإمكانيات التي توفرها ألواح الطاقة الشمسية المنتشرة الآن في جبال الحوز وتارودانت، تكفي لسد حاجيات السكان اليومية، وتحقق الفائض أيضا.

بينما عندما كانوا قبل الزلزال يستفيدون من الطاقة الكهربائية التي تعتمد على العداد والأسلاك، فقد كان يتعين على آلاف القرويين أن «يُسافروا» إلى المراكز القروية والمدن لكي يشحنوا عدادات الكهرباء.

وهذه العادة ربما لا يعرف عنها مغاربة المدن أي شيء. ليست الهواتف وحدها التي تُشحن، بل حتى عدادات الكهرباء في القرى المغربية. الفرق بين الهواتف وعدادات الكهرباء، هو العروض «السخية» والتعبئة المضاعفة. عدادات الكهرباء في القرى لا تُوفر خدمة السخاء، بل تحول قيمة التعبئة إلى تيار كهربائي، يُقطع فور عدم تجديد تعبئة العداد.

لماذا إذن لا تُعمم فكرة الطاقة الشمسية، التي صارت فعلا شبه معممة في المناطق القروية المتضررة. تيار كهربائي متوفر بالمجان، ويكفي أن يُنشر محول واحد متصل بلوحين من الحجم المتوسط، لكي يوفر حاجة أكثر من عشر أسر من التيار الكهربائي، بما في ذلك الحاجة إلى تشغيل أجهزة التبريد خلال الصيف.

هذه التكنولوجيا التي صارت توفرها الطاقة الشمسية في السنوات الأخيرة، تستدعي فعلا اعتماد الفكرة في القرى المغربية، وتوفير ملايين الدراهم التي تتطلبها مشاريع مد أسلاك الكهرباء عبر المسالك الجبلية. سقوط صخرة من قمة الجبل، قد يؤدي بسهولة إلى قطع التيار الكهربائي عن آلاف السكان. بينما عندما يتعلق الأمر بالطاقة الشمسية، فإن التيار الكهربائي يتوفر ما دامت هناك سماء فوق رؤوس السكان.

كان القدماء يقولون إن الشيء المجاني الوحيد في الأرض، هو أشعة الشمس. وصحيح أن أنظمة تحويل أشعة الشمس إلى طاقة كهربائية استهلاكية، يتطلب توفير معدات مكلفة نوعا ما، لكنها على المدى المتوسط، تصبح مجانية وتوفر طاقة كهربائية بصفر درهم. ألا يستحق إذن هؤلاء الذين يعملون على تعميم الفكرة في المناطق المتضررة حاليا، أن يُوصفوا بملائكة الطاقة الشمسية؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى