شوف تشوف

شوف تشوف

مكيدة مبيتة

هناك مقولة تلخص ما يحدث من استعمال متعمد للاستفزاز ضد مشاعر مليار ونصف مليار مسلم حول العالم مؤداها أنه ليس من المجدي تقديم تبريرات مقنعة أمام محاور سيئ النية.
هم يعرفون أن 98 بالمائة من المسلمين معتدلون ويرفضون العنف ويجنحون للتعايش مع الآخرين دون مشاكل. المتطرفون، سواء داخل الدولة أو المجتمع أو الأحزاب السياسية، يفهمون ذلك جيدًا، لذلك فهم يركزون على اثنين بالمائة من المسلمين المستعدين للقيام بأي شيء مهما كان مروعا لأجل إنجاز المطلوب منهم لنصرة الإسلام الذي يتوهمون. لذلك يصر هؤلاء المتطرفون على استفزاز مشاعر وغرائز هذه الأقلية الموتورة والمهزوزة نفسيا وعقائديا وإيمانيا، بنشر وإعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم تحت غطاء حرية التعبير، رغم أن المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان أصدرت قرارا سنة 2018 يؤكد أن الرسوم المسيئة لا تدخل ضمن البند العاشر للمعاهدة الأوربية حول حقوق الإنسان وبناء عليه لا يمكن اعتبارها حقا من حقوق الإنسان.
ورغم ذلك يصرون في فرنسا على أن تلك الرسوم المسيئة التي مست مشاعر مليار ونصف مليار مسلم عبر العالم، ودفعت أفرادا منهم إلى ارتكاب أعمال إرهابية دامية، تدخل ضمن الحق في التعبير. أما تهمة ازدراء الأديان فيبدو أنها تقتصر على ديانات بعينها ليس الإسلام بينها.
يجب أن تكون الصورة واضحة أمام الجميع، هذه الحملات ضد الرموز الإسلامية في فرنسا بالخصوص لن تتوقف، بل ستستمر طالما أنها تعطي النتائج المرجوة منها، وهي استفزاز اثنين بالمائة من مليار ونصف مليار مسلم وتحريضهم للقيام بأعمال دنيئة يتم إلصاقها في ما بعد على ظهر جميع المسلمين ودفعهم إلى الوقوف موقف المتهمين للدفاع عن أنفسهم ودينهم، والأهم تسجيلها على حساب الإسلام كدين. لأن الهدف في نهاية المطاف هو شيطنة الإسلام وجعله مرادفا لقطع الرؤوس وسفك الدماء.
هناك اليوم ما يشبه قلبًا للحقائق هدفه تصوير المسلمين كأعداء لحرية التعبير والعيش المشترك، فيما يعلم الجميع أن جرائم حرب في ليبيا وسوريا والعراق التي ساهمت فيها فرنسا هي التي انتهت بخلق طالبان والقاعدة وداعش وبوكوحرام وغيرها من التنظيمات الدموية، وبعدما كان الغرب يشاهد أشرطة قطع الرؤوس في بلاد الشام صار يرى كيف بدأ يحدث ذلك في قلب باريس. مما يعني أن الفيروسات التي تم زرعها في حقول الآخرين سافرت وانتقلت إلى حقول صانعيها.
الفرنسيون المتطرفون، الذين يتبنون الفكر الصهيوني، والذين يملؤون بلاطوهات القنوات التلفزيونية لا يريدون الجواب عن سؤال بسيط ماذا تصنع جيوش فرنسا في مالي والعراق وأفغانستان وساحل العاج والنيجر ماذا يصنعون هناك منذ 1991 إلى اليوم؟ هل هم في نزهة لا قتل ولا تدمير فيها؟
عندما أرسل فرانسوا هولاند السلاح إلى جماعة النصرة التابعة للقاعدة لكي تقتل وتفجر منازل ومدن السوريين هل كان يقوم بعمل خيري لصالح الإنسانية؟
عندما قال فابيوس وزيره في الخارجية إن مقاتلي النصرة يقومون بعمل جيد هل كان يقصد أنهم كانوا يوزعون الحلوى الشامية على الأطفال أم أنهم كانوا يخربون البيوت فوق رؤوس ساكنيها.
إن التاريخ يشهد للإسلام بعظمته وقدرته على احتضان الديانات السماوية الأخرى، والدليل على ذلك أن القرون الثمانية التي ساد فيها الإسلام في الأندلس عرفت احتضان الإسلام لليهود والمسيحيين فوق أرض واحدة.
وكان المسجد يجاور الكنيسة المسيحية والدير اليهودي في قرطبة وإشبيلية وطليطلة، وبمجرد ما أحكمت الكنيسة الكاثوليكية سيطرتها على الأندلس طردت المسلمين وأتبعتهم باليهود، بمن فيهم الذين تخلوا عن يهوديتهم واعتنقوا المسيحية، فلم يجد اليهود من ملجأ يأوون إليه هربا من بطش الكنيسة إلا حضن الإسلام في بلاد المغرب.
ولعل أكبر من تورط في الإرهاب والمذابح هو الكنيسة تحديدا، وخلال العشرين قرنا الماضية تم باسم المسيحية ذبح ملايين الضحايا، فالمسيحية وكتب الإنجيل كما هي محرفة كانت معادية للسامية إلى غاية انعقاد مجلس الفاتيكان الثاني بعد المحرقة النازية.
والكنيسة استخدمت الإنجيل لتبرير العبودية إلى غاية إدانتها من طرف البابا غريغوار سنة 1839.
وباسم الحرب على الهرطقة، دفعت الكنيسة كذلك إلى إلغاء منظومة المعتقدات التي لا تتوافق مع رؤيتها المسيحية منذ عهد الإمبراطور “كونستنتان”، والحصيلة فاقت ملايين الضحايا خلال 20 قرنا.
أما الحروب الصليبية التي أطلقها البابوات فقد سقط ضحيتها مئات الآلاف من المسلمين على امتداد قرنين.
و”الحروب المقدسة” التي شنتها الكنيسة طالت أيضا شعوبا فرنسية كشعب الكاتار والألبيين والفودوا، سقط على إثرها آلاف الضحايا، خلال قرن من الزمن.
وخلال محاكم التفتيش التي أقامتها الكنيسة تعرض آلاف الأبرياء للتعذيب والحرق أحياء، على امتداد 6 قرون. والكنيسة عذبت وأحرقت أيضا 100 ألف امرأة، لقرنين من الزمن، في ما يعرف بمطاردة الساحرات.
وعندما اقتتل الكاثوليك والبروتستانت في ما بينهم في حرب للديانات لمدة تجاوزت قرنين من الزمن، سقط على إثرها مئات آلاف الضحايا، بعدما كفر البابا كافة مسيحيي العالم على امتداد 911 سنة.
أما الحرب العالمية الأولى والثانية والاستعمار الذي عانت منه عشرات دول العالم فقد كان سببه ثلة من المسيحيين الأوربيين، ضمنهم بروتستانتيون وكاثوليكيون، وهو الاستعمار الهمجي الذي استهدف عددا من الدول في أمريكا وإفريقيا، وأسقط معه ملايين الضحايا خلال 4 قرون من الزمن، لتدق بعدها الحرب العالمية الأولى والثانية طبولها، معلنة خلال نصف قرن من الزمن، وفاة 620 مليون شخص.
التاريخ يشهد أنه إذا كانت هناك ديانة تعيش تحت رايتها الديانات السماوية الأخرى بسلام فهذه الديانة هي الإسلام، أما بقية الديانات الأخرى فيمكن أن تقبل براية الإسلام على أراضيها، لكن إلى حين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى