حسن البصري
بعد دخولك السجن حصل لك اصطدام مع بعض السجناء، ما السبب؟
حصل لي خلاف مع سجين إسباني يدعى خوخي، فكان ردي عليه عنيفا، لأنه استفزني ولم يحترمني، فتصديت له بعنف كي أكشف له عن شخصيتي، لأنني متسامح مع من يحترمني وعنيف ضد كل من يمارس «الحكرة»، خاصة إذا كان أجنبيا. لهذا قررت إدارة السجن معاقبتي بـ«الكاشو» وعشت في عزلة لأيام إلى أن تمت إعادتي إلى جناحي. لكن، في فترة من الفترات، قررت، بطلب من إدارة السجن، أن أتحول إلى مدرب للسجناء صغار السن، في محاولة لخلق جو رياضي في المؤسسة، وكنت أخصص بعض الساعات لتدريبهم ومساعدتهم على اكتساب لياقة بدنية.
هل كان لديك أمل في الحصول على عفو أو براءة؟
انتقلت من سجن سلا إلى السجن المركزي بالقنيطرة، وكنت أعتقد أن السجن فعلا فضاء للإصلاح، لكني سأكتشف أنه مدرسة ستعلم السجناء داخلها دروسا في الإفلات من القانون. في جميع السجون التي انتقلت إليها كنت أشكل صوت المظلومين، ولأنني كنت متمسكا بالحياة فقد سامحت الجميع، اعتبارا لقول الله تعالى: «والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس».
هل ساندك زملاؤك في ألعاب القوى؟
كانت هناك مساعدات مادية ومعنوية، حين تم اعتقالي، من زملاء أمثال الكروج وواعزيز، وبوطيب والصغير، وأسماء أخرى، منهم من شجعني على دخول المغرب وأعطاني ضمانات بمحاكمة تراعي وضعيتي الاعتبارية. ناهيك عن أن المكتب المسير لاتحاد الخميسات زارني بعد مغادرتي السجن وعرض علي العودة إلى الفريق الأم مؤطرا للنادي من أجل الاستفادة من تجربتي.
ما مضاعفات زواجك وأنت في السجن؟
في فرنسا كنت مرتبطا بسيدة تدعى كريمة، لكن بعد أن دخلت السجن طالبت بالطلاق، فكان لها ما أرادت. طردتها من قلبي بعد المحاكمة، وكنت خطبتها من والدها ووقعنا عقد الارتباط في فرنسا وأقمنا حفلا كبيرا. بدأت أولى خيوط علاقتي بزوجتي الثانية من السجن المركزي، حين كنت أروي نكبتي، على الأثير، لإحدى المحطات الإذاعية، في برنامج مسائي. رويت للمستمعين قصة اتهامي بإطلاق الرصاص على دركي. ذات مساء حاولت الاتصال هاتفيا بشقيقي في ضواحي الخميسات، لكن، في الطرف الآخر، كان صوت نسائي رقيق يرد علي وتبين أن خطأ ما حصل في الترقيم، إلا أن الحكاية لم تقف عند هذا الحد، إذ تعددت المكالمات الهاتفية بيننا دون أن تعلم صاحبة الصوت أن محدثها يوجد رهن الاعتقال، وحين تعذر اللقاء بيننا كشفت لها الحقيقة. وخلافا لما كان منتظرا، تعاطفت هذه الفتاة مع قضيتي، وقررنا ربط علاقة عاطفية في تحد للقضبان والأسلاك الشائكة التي تفصلنا، خاصة بعد أن تعرفت على تفاصيل القضية في الصحف والمجلات، بل إنها شرعت في زيارتي بين الفينة والأخرى محملة بقفة السجين، قاطعة المسافة الفاصلة بين سلا والقنيطرة دون كلل.
هل حصل الزواج في السجن؟
فاتحت والديها في موضوع ارتباطها بسجين بطل، والتمست منهما السماح لها بالزواج مني. أكيد سيسود الاستغراب وسط العائلة وستحتاج لمجهود من أجل إقناعهم بالزواج من سجين يقضي سنوات طويلة خلف القضبان، لكنها قررت السير في عشقها الممنوع ومساندتي في حملتي الرامية إلى البحث عن براءتي من تهمة القتل. لهذا تقدمت بطلب لإدارة السجن بتمكيني من الزواج بهذه الفتاة، وهو ما تأتى لي بحضور مأذون وبعض أفراد عائلتي وعائلتها وإداريين من السجن المركزي، وتم تمكيني من الخلوة الشرعية، قبل أن تساهم طول مدة الاعتقال في نفاد الصبر.
هل كنت تستفيد من الخلوة الشرعية؟
طبعا، الخلوة الشرعية مكسب إنساني لكل السجناء المتزوجين، ومن هنا أصبحت زوجتي حاملا وفي 2008 ستنجب بنتا جميلة، لكن، بعدها بسنتين، سأكتشف أن زوجتي تطالب بالطلاق وحصلت عليه. كنت أعوض ابنتي عن الحرمان عن بعد وعن قرب، خاصة وأن الزوجة رحلت إلى الديار السعودية، ما ضاعف من محنتي. تصور أن شخصا مثلي تزوج مغربية مقيمة في الديار الفرنسية ووعدت بمساعدتي على تجاوز مشكلتي مع فريقي ودعمي في سعيي نحو الاحتراف في فريق فرنسي، وحين تم اعتقالي بتهمة كيدية انفصلت عني وطلبت الطلاق في وقت كنت في أمس الحاجة لسند. أما الزوجة الثانية فارتبطت بي ثلاث سنوات تقريبا ثم طالبت بالطلاق كي تذهب إلى السعودية وأنا داخل السجن. كنت أتمنى أن أجد في استقبالي زوجتي وابنتي على غرار كل السجناء حين يغادرون السجون.