مغاربة أمريكا.. جسد هنا وقلب هناك
يواصل فيروس كورونا قطف الأرواح بالولايات المتحدة الأمريكية، إذ فاق عدد الذين فارقوا الحياة بفعل الفيروس 17 ألفا وقارب عدد المصابين نصف مليون شخص، حتى توقيت كتابة هذا التقرير.
سبعة من هؤلاء الذين وافتهم المنية مهاجرون مغاربة يقطنون بولايات نيويورك، فرجينيا وفلوريدا، ما تسبب في حالة حزن شديدة لأفراد الجالية المغربية المقيمة بأمريكا.
فكلما نـُقل مهاجر مصاب بالفيروس إلى المستشفى، نـُشر الخبر على عدد من صفحات الجالية في موقع «فيسبوك» دون ذكر اسم المصاب، حفاظا على خصوصيته، مع دعوة عامة للدعاء له والاستنفار من أجل مد يد العون لزوجته وأطفاله.
يستمر تحديث الخبر على مدار الساعة، حتى يتم الإعلان عن مغادرة المهاجر للمستشفى، أو دخوله قسم الإنعاش.. يعود التحديث من جديد إما لإبلاغ الجميع أن المهاجر قد شفي تماما وأنه سيعود إلى بيته كي يخضع لفترة الحجر الصحي الإجباري، أو يكون الخبر عبارة عن صورة المهاجر واسمه والولاية التي يقيم فيها، ملحقة بسورة قرآنية ودعوة للترحم على روح المهاجر الذي قضى بعيدا عن أهله ووطنه.
هذا الخبر يتسبب في حالة حزن شديدة بين المهاجرين الذين يدعون له بالرحمة والمغفرة، ومنهم من يدعو لإقامة صلاة الغائب في البيوت وتلاوة القرآن جماعيا عبر تقنية فيسبوك لايف..
متابعة أخبار المهاجرين المغاربة المصابين بالفيروس باتت تثير الهلع بين تجمعات المغاربة بمختلف الولايات الأمريكية، فلا حديث على مجموعات واتساب وحتى فيسبوك سوى عن عدد الإصابات والوفيات في كل ولاية على حدة.
هذا الهلع دفع بعض المهاجرين إلى التكتم على خبر إصابتهم وإخفائها عن أصدقائهم وبقية أفراد الجالية المغربية ما ضاعف من قسوة المعاناة: محاربة الفيروس الذي يهاجم الجسد وينهكه، ومواجهة هذه المحنة وحيدا دون دعم معنوي من الأصدقاء والجيران!
لهذا السبب نشرت نوال العمري الرسيمي، وهي ناشطة جمعوية بولاية فرجينيا، نداء على صفحتها التي يتابعها الآلاف على موقع فيسبوك. وقالت نوال في ندائها إن الإصابة بفيروس كورونا لا يجب أن تتحول إلى علامة سلبية مرسومة على ظهر المهاجر المغربي لأنه قضاء من الله وقدر عليه مواجهته: «راه فيروس هذا ماشي الإيدز»!..
ونصحت نوال المغاربة المقيمين في أمريكا بضرورة إبلاغ أصدقائهم أو زعماء الجالية حتى يتم تقديم يد العون للمقربين من المصاب، والوقوف إلى جانبه معنويا حتى يجتاز هذه المحنة.
أفراد الجالية المغربية في أمريكا يتابعون بهلع هذه التطورات يوميا داخل الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه يتابعون بترقب شديد الأخبار الواردة من المغرب. الكثير من المهاجرين المغاربة ورغم أنهم يقيمون في أمريكا إلا أنهم يطبقون الإرشادات التي تبثها القنوات العمومية المغربية!
لقد فقدوا الثقة في الإدارة الأمريكية التي تأخرت كثيرا في اتخاذ تدابير لمواجهة انتشار فيروس كورونا، وفي المقابل شعروا بفخر شديد وهم يشاهدون الإجراءات التي اتخذها المغرب لمحاصرة هذه الجائحة رغم الإمكانيات البسيطة.
عائلات مغربية كاملة مقيمة في منطقة واشنطن الكبرى لم تغادر بيوتها منذ تم فرض الحجر الصحي في المغرب، رغم أن السلطات المحلية حيث تقيم لا تمنع الخروج للرياضة والتسوق وزيارة الأهل والأصدقاء ضمن حدود عشرة أشخاص.
تلك العائلات تنام وتصحو حسب التوقيت المغربي، تتابع نشرات الأخبار المغربية، تقوم بإرسال فيديوهات «القايدات» الحازمات والجميلات في المغرب بفخر، يقولون إنهم مغاربة، يعيشون بأجسادهم في أمريكا، لكن قلوبهم ظلت هناك خلف المحيط، في وطن اسمه المغرب!