محمد اليوبي
أثارت ترقية مستشارة برلمانية من حزب العدالة والتنمية جدلا كبيرا داخل وزارة التجهيز والنقل، بخصوص المعايير الجديدة للترقية التي وضعها الوزير عبد القادر اعمارة على مقاس المسؤولين الكبار داخل وزارته، ويتجه بعض الموظفين إلى الطعن في هذه المعايير أمام القضاء الإداري.
وانعقدت لجنة وزارية يوم 20 أبريل الماضي، عكفت على دراسة ملف ترقية المهندسين الرؤساء التابعين لوزارة التجهيز والنقل، وكشفت مصادر نقابية، أن هذه الجلسة عرفت مجزرة جديدة في حق الموظفين، حيث تم الإعلان عن لائحة المستفيدين من الترقية بالاختيار من مهندس رئيس من الدرجة الأولى إلى مهندس رئيس من الدرجة الممتازة، وتم وضع المستشارة البرلمانية والقيادية بنقابة الاتحاد الوطني للشغل، الذراع النقابية لحزب العدالة والتنمية، أمال ميصرة، على رأس لائحة المستفيدين من الترقية، علما أنها كانت عضوا باللجان الثنائية متساوية الأعضاء بالوزارة، وهذه اللجنة لها دور كبير في حسم لائحة المستفيدين من الترقية.
وقبل ثلاث سنوات عقد مسؤولون بمديرية الموارد البشرية بوزارة التجهيز والنقل اجتماعا مصغرا مع بعض ممثلي اللجان الثنائية، تمت خلاله المصادقة على معايير جديدة يتم اعتمادها في ترقية الموظفين، وذلك بالتركيز على معيار منصب المسؤولية من أجل الترقي، ومنح الموظفين الذين لهم مناصب للمسؤولية أفضلية عن بقية الموظفين للترقية، ويتجلى هذا الامتياز في تخصيص 60 في المائة لهم مقارنة مع الأطر الأخرى، و70 في المائة بالنسبة لفئة المهندسين الرؤساء للترقية إلى الدرجة الممتازة. وأكدت المصادر أن المستشارة البرلمانية المعنية بهذه الترقية لا تتقلد أي منصب للمسؤولية، كما أنها تستفيد من وضعية الإلحاق بمجلس المستشارين منذ انتخابها مستشارة برلمانية سنة 2015، ضمن لائحة نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، كما تشغل منصب نائبة عمدة مدينة مراكش منذ الانتخابات الجماعية لسنة 2015.
وأكد مصدر نقابي أن مسطرة الترقية عن طريق الاختيار بالنسبة لفئتي المتصرفين والمهندسين العاملين بهذا القطاع أصبحت عنوانا للإقصاء والتمييز، وذلك بسبب اعتماد الوزارة ابتداء من سنة 2017 لمقاييس جديدة تتناقض مع النصوص القانونية المؤطرة لهذه المسطرة في سائر الوزارات، موضحا أن الترقية في الدرجة هي حق مشروع لجميع الموظفين الذين يستوفون الشروط القانونية، معتبرا اللجوء إلى هذا المعيار الجديد هو تكريس للانتقائية وخرق جديد للحقوق الأساسية للموظفين، لأن الترقية تبقى محطة مصيرية في الحياة الإدارية، وبالتالي فإنها لا تحتمل النقاش داخل لجان مصغرة وبمعزل عن الفرقاء الاجتماعيين.
والمثير في الأمر أن هذه البرلمانية قبل استفادتها من الترقية، سبق لها أن وقعت على رسالة موجهة إلى الكاتب العام للوزارة، بصفتها عضو اللجان الثنائية متساوية الأعضاء الخاصة بالمهندسين والمهندسين المعماريين الرؤساء بوزارة التجهيز عن نقابة «البيجيدي»، طالبت من خلالها بعقد اجتماع قصد تقييم ومراجعة المعايير المعتمدة حاليا للترقي من درجة مهندس رئيس من الدرجة الأولى إلى مهندس رئيس من الدرجة الممتازة، وذلك قبل انعقاد اللجنة الثنائية للبت في المناصب الخاصة بالترقي لسنتي 2019 و2020.
وقبل انتخابات اللجان الثنائية، وجهت الجامعة الوطنية للتجهيز والنقل التابعة لنقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، رسالة إلى الوزير اعمارة تطالبه من خلالها بمراجعة قرار تطبيق المعايير الجديدة لترقية فئات المهندسين والمهندسين المعماريين ابتداء من الترقية برسم سنة 2019، واعتبرت القرار معيبا من الناحية القانونية. وأوضحت النقابة ذاتها أنه بالإضافة إلى معيار الأقدمية في الدرجة المعمول به في ترقية جميع الفئات، يتم اعتماد معيار المسؤولية، واعتبرت النقابة أن ذلك يمثل خلطا واضحا بين مفهمومين منفصلين، هما الترقية كحق من حقوق الموظف من جهة، والتحفيز على تقلد مناصب المسؤولية من جهة أخرى. وأوضحت النقابة أنه يتم اعتماد معيار المسؤولية بنسبة كبيرة، بحيث تم تخصيص نسبة 50 في المائة لهذا المعيار، في حالة الترقية إلى المهندس الرئيس من الدرجة الأولى، و70 في المائة في حالة الترقية إلى المهندس الرئيس من الدرجة الممتازة، وهذا جعل من معيار الأقدمية في الدرجة معيارا شبه ثانوي وليست له أهمية معتبرة، على خلاف ما درجت عليه لجان الترقية.
وخلصت النقابة إلى أنه بالاعتماد على هذه المعايير الجديدة، يتم تحفيز أكبر لأصحاب المسؤولية العليا على حساب أصحاب المسؤولية الدنيا، في حين أن الغاية التي تم الدفع بها لتبرير إحداث المعايير الجديدة هي الرغبة في التحفيز لتقلد المسؤولية على مستوى المصالح. وحسب النقابة، فإنه من أهم مخرجات تطبيق المعايير الجديدة أنها أدت إلى ترقية المديرين المركزيين في المقام الأول، ثم الذين يلونهم في سلم المسؤولية، وصولا إلى آخر حلقة وهم رؤساء المصالح الذين حرموا منها، في حين أنهم يمثلون موضوع الغاية المذكورة. وأكدت النقابة أن معيار المسؤولية تم تطبيقه بشكل مقلوب، وأنه تمت ترقية من هم أصلا في منصب المسؤولية، التي لا تطرح إشكالا في ملئها، وليس ملء المناصب الشاغرة.