أكبر عائق أمام طموحات المغرب للتحول إلى وجهة سياحية عالمية ومنافسة الوجهات الأخرى هو مظاهر تاهيماجيت التي أصبحنا نراها في الفضاءات العامة والتي تفيض بها مواقع التواصل الاجتماعي، خالقة الرعب في قلوب كل من يفكر في زيارة بلدنا.
المغرب يستعد لكي يستقبل موسما سياحيا سيكون الأكثر زخما بعد الجائحة ويطمح لاستقبال 17,5 مليون سائح في أفق 2030، (نريد استقبال هذا الرقم الكبير من السياح بينما مجالس المدن الكبرى لازالت تناقش مشروع بناء مراحيض عمومية، هادي عشرين عام وحنا كانسمعو على هاد الكوابن بدون فائدة) والمغرب يستعد لتنظيم المونديال مع إسبانيا والبرتغال في 2030 وسيكون محط أنظار العالم قاطبة، ولذلك سيكون من الحيوي والضروري والمستعجل إيجاد حل لموجة التوحش التي بدأت تجتاح مدننا بسبب الإدمان على المخدرات المهيجة أساسا قبل 2030.
لقد أصبحنا بسبب حوالي ثلاثة ملايين من اليافعين والمراهقين والشباب الذين لا مستوى دراسي لهم ولا تكوين مهني ولا أمل في ولوج سوق الشغل والذين يشكلون عنوان فشل الحكومات الثلاث السابقة، ومعها مهندسو السياسات العمومية، نعيش وسط غابة مليئة بالوحوش الضارية الذين يقضي رجال الأمن يومهم وليلهم في مطاردتهم وتوقيفهم رميا بالرصاص لتفادي ضربات سيوفهم.
“تمشي للتيران يندموك على النهار اللي تبليتي فيه بالكورة. تمشي البحر مع عائلتك يحشموك قدام خواتاتك بالهضرة ديال الحزام وما تحت منو. تمشي للسوق يسمعوك من المنقي خيارو. تحط قزديرتك فشي قنت ينبت معاك عساس وإلى ما عطيتيهش الطريفة يشرط ليك البيبان، وإلى تزايدتي معاه فالهضرة يقدر يشرط ليك الحنك. دابا ولينا فهاد البلاد عايشين مع واحد الفصيلة حيوانية مفترسة عندها جوج رجلين محسوبة على البشار وما هي ببشار، باش تتقى شرها خصك تسمح فحقك”.
أصبح النشيد الوطني لهذا الشعب هو ما يرددونه في مدرجات الملاعب “ما بغيتونا نقراو ما بغيتونا نخدمو ما بغيتونا نوعاو باش تبقاو فينا تحكمو”، وهو شعار شعبوي أجوف زيف الحقيقة لإعطاء مهدئات لهؤلاء الشباب الضائعين حتى يزيلوا عن أنفسهم مسؤولية الأوضاع التي يعيشونها.
“الدولة كاتخسر ميزانيات بالملاير على التعليم وتبني المدارس وفلخر بنادم كايحبس القراية ويتبع التجلويق والمخدرات والتشمكير وملي يضربوه الحيوط يبدا يبكي ويغني ما بغيتونا نقراو، شكون ما بغاكش تقرا أبو راس؟ وهادوك ولاد الشعب بحالك اللي قراو معاك وكملو قرايتهم وتخرجو وخدمو حتى هوما ما بغاوهومش يقراو ويخدمو؟
وإذا كانت مصالح الأمن تتفاعل في كل مرة بسرعة وفعالية مع شكايات المواطنين وتتصدى لهؤلاء الخارجين عن القانون وتعتقلهم فإن المجهود الأمني يظل بمفرده غير كاف طالما لم تسايره سياسة جنائية متفاعلة مع تطور الجريمة وتطوير للمؤسسات السجنية وإعادة النظر في وضعية حراس وموظفي السجون بما يتناسب وحجم المسؤوليات الملقاة على عاتقهم.
إلا أن رمي المؤسسات الأخرى لكل شيء في مرمى قوات الأمن وتقديم استقالتها من تحمل المسؤولية في مواجهة هذا المد الإجرامي فيه إنهاك للمؤسسة الأمنية.
ولعل السبب الرئيسي في ارتكاب هؤلاء الجانحين لكل هذه الجرائم التي تؤدي بهم إلى الاعتقال المبكر هو الإدمان.
عندما نقول الإدمان فإننا نقصد تحديدا الإدمان على المخدرات، الحشيش، القرقوبي، الإكستازي، الكالة، المعجون، وما إلى ذلك من أصناف الدوخة التي أصبح أبناء وبنات المغاربة واقعين تحت تأثيرها المدمر.
بمعنى أن كل أولئك الشباب والمراهقين والمراهقات الذين يتباهون بصورهم فوق صهوات دراجات «تي ماكس» وهم يعرضون «غنائمهم» وأسلحتهم البيضاء الحادة أغلبهم خريجو سجون وإصلاحيات المملكة.
وما يجب أن يستمر في تطبيقه رجال الأمن والدرك عندنا، هو الدرجة صفر في الرحمة مع المجرمين الذين يشهرون سيوفهم في الشارع العام.
على المجرمين الذين يهددون ويعتدون على المواطنين الآمنين ويسلبونهم أموالهم ويغتصبون بناتهم وزوجاتهم أن يفهموا أن عدم امتثالهم لأوامر رجال الشرطة عند ضبطهم يعني أنهم يعرضون أنفسهم لرصاص مسدساتهم.
وحتى إذا ما تسببت هذه الطلقات في موت هؤلاء المجرمين فليس هناك من سيتعاطف معهم، لأن العيش وسط البشر يفترض حدا أدنى من الآدمية والاحترام لا يتوفر في هؤلاء الوحوش والميكروبات.
الذين يخططون للسياسة الجنائية بالمغرب، والذين يعدون دراسات عن بعد حول وضعيات السجون لكي يعززوا بأرقامها المهولة تقاريرهم السنوية، يجهلون أن هناك في المغرب اليوم ما تمكن تسميته “ثقافة الإجرام” الناتجة عن الإدمان والفقر والبطالة والانقطاع المبكر عن الدراسة، والوضعية تزداد سوءا يوما بعد يوم.
لذلك فالحل هو القضاء على أصل الداء، أي إصلاح السجون وتوفير الميزانيات الضرورية لتشييد السجون المبرمجة قبل سنوات والتي يعرف إنجازها تأخيرا.
يجب تصنيف السجناء بحسب خطورتهم وسنهم ونسبة العود لديهم. هناك سجون عقابية يجب بناؤها في مناطق نائية يتم إرسال المجرمين الذين يحترفون الإجرام إليها.
ثم إن السجناء يجب أن يشتغلوا داخل السجون، وأن يتقاضوا تعويضات عن عملهم عند نهاية محكوميتهم.
يجب أيضا تأهيل الحراس جسديًا ومنحهم أدوات الدفاع عن النفس وفرض القانون داخل السجن. كما تجب إعادة النظر في رواتبهم التي لا تتناسب مع المخاطر التي يتعايشون معها يوميا.