كلميم: محمد سليماني
طالب مشاركون في مائدة مستديرة حول إشكالية الموارد المائية بجهة كلميم واد نون بضرورة المنع الفوري لاستمرار غرس مجموعة من الزراعات المستنزفة للماء بعموم تراب الجهة، وذلك لكون هذه الزراعات تستنزف حوالي 97 في المائة من الموارد المائية بالجهة.
وتأتي هذه المطالب من أجل حماية الفرشة المائية من الاستنزاف وتوفير المياه للأجيال اللاحقة، خصوصا وأن الدراسات التقديرية كشفت عن ارتفاع الطلب على الماء بالجهة بشكل مستمر، إذ إن الحاجيات الحالية من الماء بعموم الجهة تصل إلى 79,6 مليون متر مكعب بالنسبة للقطاع الفلاحي بالجهة، و18,11 في المائة بالنسبة للماء الصالح للشرب، وسترتفع هذه الحاجيات بشكل مضطرد، بحيث سترتفع احتياجات القطاع الفلاحي من الماء سنة 2050 إلى 93,5 مليون متر مكعب، فيما سيرتفع الطلب على الماء الصالح للشرب إلى 26,04 مليون متر مكعب.
ونظرا لتوالي سنوات الجفاف، وتصحر مناطق كثيرة بجهة كلميم- واد نون وندرة التساقطات، فإن الحفاظ على ما تبقى من الفرشة المائية بالجهة أضحى مطلبا ملحا، بدءا من ترشيد استهلاك الماء، مرورا بمنع الزراعات المستنزفة للماء، واعتماد السقي بالتنقيط، وانتهاء بتكثيف المراقبة بالضيعات والمناطق الفلاحية لمنع الحفر العشوائي للآبار.
واستنادا إلى المعطيات، فإن عددا من المنازل و«الفيلات» تتوفر على آبار يستخرج منها الماء لسقي الحدائق، ذلك أن مصادر مطلعة كشفت أن حي الزيتون بمدينة كلميم به أزيد من 100 بئر، وأكثر من 66 بئرا بحي القدس، وحوالي 30 بئرا بحي النسيم، وأكثر من 30 بئرا بحي واد نون، وأكثر من 60 بئرا بحي المسيرة، إضافة إلى آبار أخرى متفرقة ببعض الأحياء.
وحسب المعلومات، فإن شرطة المياه بوكالة الحوض المائي لدرعة واد نون سجلت 15 مخالفة خلال سنة 2023 بالنفوذ الترابي لجهة كلميم- واد نون؛ منها 5 مخالفات بكلميم، و5 مخالفات بإقليم سيدي إفني، و3 مخالفات بطانطان ومخالفتان اثنتان بأسا الزاك. وتهم هذه المخالفات حفر آبار بدون ترخيص، والترامي على الملك العام المائي، وتوسيع المساحة المسقية، واستخراج مواد البناء وبناء الحواجز بالأودية.
في المقابل، منحت وكالة الحوض المائي لدرعة واد نون، خلال النصف الأول من سنة 2023، ما مجموعه 109 تراخيص لحفر آبار وجلب المياه بإقليم كلميم لوحده، من أصل 158 ترخيصا تم منحها على صعيد الأقاليم الأربعة لجهة كلميم- واد نون، كما تم إنجاز 20 ثقبا استكشافيا بالإقليم.
ويأتي الترخيص بحفر هذه الآبار والأثقاب الاستكشافية في وقت يعاني إقليم كلميم من نقص حاد في الموارد المائية، حيث نضبت عدة عيون، وتراجعت الفرشات المائية وإنتاجية جل الآبار، وذلك بسبب الانتشار الكبير لعدد من الآبار المرخصة وغير المرخصة والأثقاب المائية العشوائية، ما أدى إلى نضوب مياه عدد من العيون التي كانت المزود الرئيسي لضيعات وواحات المنطقة بالمياه الجوفية، قبل أن تتأثر، على غرار عين «بوزكارن»، وعين «واركنون»، وعين «تجنانت»، وعين «أيت اللول»، وعين «تغرست» وعين «تقديمت» بمنطقة «أداي المركز»، وعين «تيمولاي»، وعين «فاصك»، وعين «تغجيجيت» وعين «تركاميت» حيث نضبت مياهها بالكامل، وذلك بفعل الاستغلال المفرط للفرشة المائية، عبر الترخيص أحيانا بحفر العديد من الأثقاب المائية بمحاذاة منابع العيون دون القيام بدراسات تقنية لمعرفة مدى تأثير هذه الآبار والأثقاب المائية على صبيب العيون، إضافة إلى دخول زراعات جديدة معروفة باستهلاكها الكبير للمياه إلى المنطقة، الأمر الذي أدى إلى تضرر الفرشة المائية وعدم قدرتها على مواكبة الضغط الكبير الذي أصبح يمارس عليها.