شوف تشوف

الرئيسيةمجتمعملف الأسبوع

مطاردو وهم الثراء السهل مشاهير وأغنياء خسروا ثرواتهم على طاولات القمار

رغم أن القانون المغربي ينص، منذ سنة 1960 على منع القمار، ويعاقب ممارسيه بغرامة مالية تصل إلى 50 ألف درهم، إلا أن واقع الحال عكس ذلك تماما، لأن فضاءات القمار في توسع والمقامرون يحظون في كازينوهات المغرب بمكانة اعتبارية خاصة، كما أن صناعة القمار أو اقتصاد المقامرة أصبح أكثر هيكلة من ذي قبل، بل إن شكيب بنموسى، وزير الداخلية الأسبق، اعتبر أن هناك أنواعا من الألعاب والرهانات التي ينظمها القانون، وأشار إلى عدم الخلط بين الألعاب المشروعة، وبين ما يخرب مجتمعنا وأسرنا من القمار، محاولا التمييز بين ما حرمه الشرع ومنعه القانون.

في قبة البرلمان، أثير موضوع الكازينوهات مرارا، دون أن يتمكن فريق برلماني من وضع الأصبع على موضع الجرح. وكشف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عن معطيات وأرقام صادمة حول السلوك الإدماني للمغاربة، خاصة الإدمان على ألعاب القمار والرهان، والاستخدام المرضي للشاشات وألعاب الفيديو والإنترنت، بل واقترح جملة من التوصيات، أبرزها تحيين النصوص القانونية لتصبح قادرة على مواجهة المد القادم من كازينوهات القمار، وتعزيز جهود الوقاية من المخاطر المرتبطة بهذه الظاهرة المجتمعية، وتقليصها وإرساء حماية أفضل من تداعياتها النفسية والصحية والاجتماعية والاقتصادية والمالية، سواء على الأفراد، خاصة الشباب، أو على المقاولات والمجتمع بصفة عامة.

لكن الأرقام تتحدث عن سيولة مالية رهيبة في فضاءات القمار، عن انتهاكات حقيقية للأخلاق بغاية الربح السريع وبأقل الجهود، بل إن الكازينوهات في مختلف تراب المملكة تحفظ أسماء عابري طاولات القمار الذين دخلوا هذا الفضاء مترفين، وغادروه مكلومين لا يملكون سوى مفاتيح سياراتهم، إن لم يعرضوها للبيع في لحظة انتشاء بالقمار والبحث عن الجاه.

على امتداد نقاط القمار الموجودة في الفنادق المصنفة والمطاعم والفيلات السرية، هناك قصص مآس عاشها مدمنون طاردوا حلم الثراء السهل، وتبين لهم أنهم كانوا يطاردون خيط دخان، حول كل طاولة قمار نكبة أسرة، ووفاة قيم وأخلاق.

 

حسن البصري

 

سحر بناني «بنت لفشوش» تفضح عالم الكازينوهات

بعد طول انتظار خرجت سحر بناني عن صمتها، وقررت التسلح بما يكفي من جرأة للحديث عن العالم الخفي المحروس بأشد «الفيدورات». سحر، بنت عثمان بناني، كشفت في خروجها الإعلامي مع «تيلي ماروك» وفي مواقع أخرى، عن أسباب وقوعها في فخ القمار ودواعي اندثار ثروة تركها والدها، الذي انتهى به المطاف بدون ذخيرة.

عاشت سحر حياة في كنف البورجوازية، عايشت كبار المسؤولين، وكانت شاهدة على فضائح عالم المال والفساد، معترفة بسقوطها في فخ عالم اختلطت فيه المخدرات بالقمار بالجنس، معبرة عن ندمها العميق لخوض تجربة مريرة تستحق أن تروى لمرتادي الكازينوهات.

تعتبر عائلة بناني الفاسية الجذور من العائلات التي انتقلت إلى الدار البيضاء، في عشرينات القرن الماضي، كانت العائلة تجمع بين التجارة والمقاومة، وتستقر بين المدينة القديمة ودرب السلطان.

ولد عثمان بناني سنة 1947 بالدار البيضاء، وتحديدا في درب الفقراء، وسط عائلة محافظة ساهمت في مكافحة الاستعمار، بعد حصول المغرب على الاستقلال انتقلت الأسرة للعيش في حي فرانس فيل، قبل أن يستقل عثمان بذاته ويقتني شقة فخمة في شارع غاندي.

تزوج من سيدة غير فاسية ضدا على تقاليد العائلة، وأنجب ابنته الوحيدة سحر التي أغدق عليها من ماله، وعمل على تنشئتها على الطريقة البورجوازية، سائق رهن إشارتها، ومصروف جيب يومي يوازي الحد الأدنى من الأجور، وتعليم في كبريات المدارس الخصوصية، وحياة ترف وأسفار في مختلف بقاع العالم.

كان عثمان والد سحر يشغل مهمة مستشار عقاري «هاي كلاس»، يختص في البقع الأرضية باهظة الثمن والفيلات الفخمة والفنادق والتجزئات السكنية عالية الجودة، وكانت عمولاته تكفي لضمان رغد العيش لأسرة صغيرة، تتكون من ليلى الزوجة والابنة المدللة سحر.

سارت الأمور وفق ما تتمناه سحر التي كانت وهي تلميذة تملك سيارة خاصة، وتنعم بكل ملذات الحياة، لكن مرض والدتها المفاجئ بداء السرطان غير مجرى حياتها، فقد صرف الوالد لعلاج زوجته ملايين السنتيمات، دون أي أمل في الشفاء.

توفيت ليلى وبدأت أولى خيوط مأساة سحر التي كانت تسعى إلى زواج مبكر من شاب عشقته بالصدفة، لكن والدها اعترض، لكن هذا الأخير سيدخل بدوره دوامة الألم، حيث أصيب بداء السكري وبتر أصبع قدمه، وأصبح نزيلا بالمصحات، ما ترتبت عنه مصاريف علاج ضخمة دون أن تتحسن أوضاعه.

حين كان الوالد يخضع للعلاج اكتشفت سحر بالصدفة، أن الشقة في ملكيتها وأن والدها قد سجلها باسمها، فبادرت إلى بيعها ما زاد من مضاعفات الوالد، الذي أصيب باختناق في شرايين القلب بسبب ضغط الدم. في مكالمة هاتفية مع ابنته، استفسرها بحرقة عن سر بيع الشقة، وأغلق المكالمة بعبارة: «الله يهديك».

مات الوالد دون أن يترك شيئا سوى دعوات الرحمة من بسطاء كان يحسن إليهم خلسة، وفي يوم وفاته سافرت سحر ولم تحظر مراسيم الدفن والتأبين، وبدأت حياة التحرر بعيدا عن الأضواء، حيث عاشت قصة حب مع رجل يقضي نصف حياته في الكازينوهات، وعبره دخلت عالم القمار والمجون، لتبيع كل ما كسبت يداها، وتتحول من فتاة مدللة إلى فتاة مفلسة لا يستقيم لها حال، إلا إذا استنشقت ذرات المخدرات الصلبة لتدخل نفق المأساة.

خرجت سحر من النفق ونالت تعاطف الشعب المغربي، حين اعترفت بزلاتها، وعبر قناتها على «اليوتيوب» تقدم سيرة فتاة أخطأت الطريق.

هكذا عاشت بنت وزير الأنباء السابق أسيرة للإدمان

  هي ليست فتاة عادية، فقد ولدت مريم في وسط أسري تحكمه تقاليد مخزنية صارمة، فوالدها عبد المجيد بن جلون كان وزيرا للأنباء ومستشارا للملك الحسن الثاني، لذا كانت كل الظروف مواتية لتعيش مارية حياة الترف.

بدأت نكبتها في سنة 2003 حين صدمت بسيارتها شرطية، عن طريق الخطأ، كلفها ذلك اعتقالا مدته أربعة أشهر حبسا نافذا، ثم استفادت من عفو ملكي، وهي القضية التي تركت في دواخلها كسورا لا تندمل، بعد أن عاشت تجربة زواج فاشلة زادت من محنتها.

استنشقت «بنت لفشوش» أولى «السطور» في كازينوهات جنوب إسبانيا، عندما قررت قضاء فترة إجازة مفتوحة لنسيان مضاعفات طلاقها من شاب ينتمي إلى أسرة فاسية، أعلن عجزه عن مجاراة الطلبات الغريبة لمارية، التي أنجبت بنتا ظلت تعيش في دار الوزير. في مدينة ماربيا بدأت علاقة العشق مع المحظور وصخب كبريات الكازينوهات، التي تكرس حياة السهر وتدمج الليل بالنهار، وتجعل الحياة مبعثرة.

كاد دخول مارية إلى عوالم الكازينوهات أن يحول والدها إلى جثة هامدة، بعد أن ضاق ذرعا بتصرفاتها الطائشة، لكن مارية أقسمت على قطع علاقتها بالكوكايين، و«شلة السوء». وبناء على هذا التعهد المعنوي، أرسلها الوزير إلى الولايات المتحدة الأمريكية للعلاج من الإدمان، وحين عادت إلى المغرب استقرت في شقة خاصة، وقررت مقاومة جاذبية المخدرات الصلبة.

تبين لأسرة بن جلون أن مارية أصبحت في عداد المدمنين، وأن الزواج لديها ليس مرادفا للاستقرار، لذا تم عرضها على أطباء نفسانيين، بل وتم نقلها إلى مصحة متخصصة في محاربة الإدمان بسويسرا، وهو الأمر الذي مكنها من قطع الصلة مؤقتا بالسطور اللئيمة، لكن تبين أن المسألة مجرد استراحة محاربة، قبل أن تعود إلى عالمها المخملي.

لم تكن مارية تعتقد أن بحثها عن غرام من الكوكايين سيعيدها إلى السجن، لذا شعرت بانهيار تام حين جلست أمام المحققين، وحين اقتيدت إلى زنزانة مختنقة لا تتوفر على أبسط شروط الحياة ولا تتوفر طبعا على المسحوق السحري، الذي قد يشفع لها لو توفر في فضاء سجن سلا، المكوث لأطول فترة ممكنة فيه، رغم أن عبورها في سجن الزاكي جعل لها مكانة خاصة في نفوس السجينات، بسبب سخائها وحسها الإنساني.

لا تختلف مريم بن جلون عن باقي النساء المترفات، ولدت في الرباط، وغادرت مبكرا صفوف الدراسة، بعدما تزوجت عن عمر 17 سنة، دام الزواج خمس سنوات، أنجبت ابنتها الأولى، وسرعان ما تزوجت من جديد وأنجبت ابنتها الصغرى من الزوج الثاني. لكنها لم تستطع مقاومة جاذبية الكازينوهات وسحر المادة المدمرة، رغم أنها سافرت إلى المملكة العربية السعودية لأداء مناسك العمرة مع والدتها، وقضت فيها العشر الأواخر من شهر رمضان.

 

نجل وزير سابق يفوز ببطولة العالم لـ«البوكر» بمراكش

بمجرد انتشار خبر مشاركة صلاح الدين، نجل محمد يتيم زعيم نقابة «البيجيدي» ووزير الشغل سابقا، ومشاركته في منافسات دولية للقمار، بادر حزب العدالة والتنمية إلى إعلان براءته من «الفضيحة»، وقال في بيان له إن بطل الدورة «لا تربطه أي علاقة بالذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية»، خاصة وأن قضايا مماثلة تناسلت بين قادة الحركة الدعوية، والذين أصبحوا يشكلون إحراجا لآبائهم الذين يعتبرون أنفسهم أوصياء على أخلاق المجتمع.

لكن الغريب في قضية يتيم هو إصرار والده على الهروب إلى الأمام، بعد انتشار خبر فوز نجله بجائزة مالية في لعبة «البوكر»، التي تنظم بأحد أكبر كازينوهات القمار بمدينة مراكش، ما جعل والده يدافع عن القمار ويعتبره «لعبة ذهنية تساهم في تنشيط العقل».

فاز صلاح الدين بجائزة مالية قدرت بـ50 مليون سنتيم، وقال والده إن الجوائز في ألعاب الرهان «حلال طيب»، مؤكدا على غرار سابقيه وجود مؤامرة سياسية تستهدف التنظيم الذي يعد من قادته. رد صلاح الدين يتيم كان أشبه ببيان حقيقة، حيث اختار تدوينة فايسبوكية قال فيها: «هذه اللعبة هي مسابقة كباقي المسابقات، إذ يخضع ممارسها لتدريب على يد مختصين في البسيكولوجيا، ولا علاقة لها بألعاب الحظ والقمار».

لم تتوقف القضية عند هذا الحد، بل إن مدينة طنجة احتضنت تظاهرة عالمية للقمار داخل كازينو طريق مالاباطا، في عهد العمدة السابق الإسلامي التوجه السياسي، بمشاركة عدة دول ذات صيت في هذا النوع من القمار، كفرنسا وهولندا وبلجيكا وإسبانيا والبرتغال والمغرب بصفته البلد المنظم.

ويعود شرف استضافة عاصمة البوغاز للحدث إلى فوز صلاح الدين يتيم بمسابقة دولية في كازينو مراكش، مما قوى حظوظ الظفر باللقب.

حينما مات الصحافي هاريس بسبب القمار وتحول بيته بطنجة إلى متحف

تعتبر فيلا هاريس بطنجة ذاكرة تاريخية للمدينة التي عاشت سنوات تحت الوصاية الدولية، حين مات هاريس مالكها، انتقلت الملكية إلى أحد المستثمرين الكبار في المجال السياحي واستغلت كناد عالمي للقمار، وتقول بعض الروايات إن هاريس فقد ملكية القصر لفائدة «أنوفر زاباتا» في خسارة حول طاولة القمار.

توفي هاريس في مالطا، ليحمل إلى طنجة تنفيذا لوصيته، لكنه لم يدفن في «فيلته» كما أوصى بذلك، بل في المقبرة البريطانية المسيحية، بقبر هو الوحيد الذي يحمل عبارات قرآنية، مما يثير أكثر من علامة استفهام، كما جاء في بعض الكتابات الصحافية لمؤرخين عاشوا حقبته في دروب عاصمة البوغاز.

شيد والتر بورتون هاريس (1866- 1933)، المراسل الصحفي لجريدة «التايمز» في المغرب، في نهاية القرن التاسع عشر، هذه البناية العجيبة، وتعاقب عليها العديد من المالكين على مدار عقود من الزمن وعرفت ملامحها عددا من التغييرات، قبل أن يتم تسجيلها ضمن التراث الوطني.

يعرف كتاب ومؤرخو طنجة أن الصحافي هاريس قد اضطر إلى بيع الفيلا بعد إفلاسه، بسبب إدمانه على لعبة القمار، وتؤكد العديد من الروايات أن مشاهير الأدب والفن الأجانب اقتسموا معه هذه الهواية.

وحسب المؤرخين، فقد باع هاريس الفيلا في ثلاثينات القرن الماضي، حين داهمته ديون ثقيلة، لكن بعض الروايات تقول إن الإسباني الذي اقتنى الفيلا هو من حولها إلى ناد للقمار، قبل أن يعمد كلوب ميد «نادي المتوسط» إلى اقتنائه في ستينات القرن المنصرم.

في عهد عثمان الفردوس، وزير الثقافة والشباب والرياضة السابق، تم تحويل الفيلا إلى متحف تابع للمؤسسة الوطنية للمتاحف، بعد عملية ترميمه وإعادة الحياة إليه.

وقال الوزير السابق ذاته، في معرض حديثه، إن افتتاح «متحف فيلا هاريس بطنجة» سيساهم في تثمين هذا المكان الاستثنائي الذي كان مهجورا، والحال أن تحويله إلى متحف سيزيل عنه صفة الكازينو، علما أن أروقة المتحف تفوح بعبق التاريخ، وتمنح الزائر تذكرة سفر إلى بدايات القرن الماضي.

أعجب هاريس بعوالم طنجة الدولية فتحولت الفيلا إلى فضاء للجاسوسية والحب والشهرة والقمار أيضا، أحداث كبرى وأحاسيس متضاربة جعلت من سكنه الفخم، تاريخا وشاهدا على العصر. فتح هاريس أبواب الفيلا أمام نخب العالم ومن علا كعبه من سفراء، ورجال سياسة وأصحاب النفوذ والقرار، وجواسيس، ورجال دين، وجعل منها مكانا ذا شجون لمناقشة الأحداث الكبرى.

عمر الشريف «ضيف شرف» على كازينو مراكش

احترف عمر الشريف، نجم السينما العالمية، لعبة «البريدج»، بل أصبح أحد نجومها على المستوى العالمي، وعشق الفروسية واقتنى الخيول في مزرعته الخاصة بباريس، ومنحه الملك الراحل الحسن الثاني حصانا عربيا أصيلا، عندما علم أنه يعشق الخيول، التي كان يقتنيها ويعدها لسباقات السرعة.

يعتبر النجم العربي العالمي عمر الشريف حالة خاصة، سواء في مجال الفن أو في حياته الخاصة، إذ ليس هناك إنسان واحد في هذه الدنيا يتمنى أن يكون مصيره في خريف عمره، مثل ما فعل عمر الشريف في نفسه.

يقول رمزي صوفيا، الصحافي العراقي الذي عاش في المغرب، إن عمر زار «السعدي» سرا ولعب القمار في بعض النوادي خفية، مع إصرار على أن يظل بعيدا عن عيون الصحافيين.

ويضيف الصحافي رمزي صوفيا: «كنا نلتقي من وقت لآخر عندما كان يزور القاهرة أو المغرب، فكان يشتكي لي كثيرا من مشاكله مع صناع السينما العالمية، والانضباط الذي يفرضونه عليه، في حين أنه كان بوهيميا إلى أبعد الحدود، حيث كان من عشاق السهر والاستيقاظ في أواخر النهار. وكنا نجلس جميعنا أنا وهو ورشدي أباظة وأحمد رمزي، فكان كل حديثي مع عمر يرتكز على وضعه العائلي، وكنا نفترق على أمل إصلاح عمر لوضعه وترتيبه لحياته، ولكن الطين لم يكن يزداد إلا بلة في حياته الاجتماعية».

بعد طلاقه من فاتن حمامة بهدوء وبطريقة ودية، أخذ عمر ابنهما معه ليعيشا في باريس، ثم انطلق في مغامراته وعلاقاته ليعيش حياته بالطول والعرض، وصار يصرف كل ما كان يكسب، بل صار يضطر إلى الاقتراض ليمارس لعبة «الروليت»، التي صار مدمنا عليها كل ليلة. أما فاتن فقد ارتبطت بعلاقة حب مع شاب سعودي من عائلة كبيرة، فاشترى لها شقة في باريس.

عاش عمر حياة فوضوية كسب فيها الكثير، ولكنه خسر كل ما كان يحصده. وبعد أن غزا الشيب شعره وبدت أعراض الشيخوخة على جسمه، بدأت أسهمه السينمائية تهبط بسرعة فائقة، فأعرض عنه المخرجون العالميون، وصارت أعماله الفنية قليلة بأدوار ثانوية لا تسمن ولا تغني من جوع. وهكذا قرر العودة إلى القاهرة باحثا عن مكان له في السينما، دون أن ينتبه إلى أن الحياة لا تنتظر أحدا، والشباب لن يعود إليه أبدا، فصار مضطرا إلى قبول أدوار ثانوية باهتة. ولأنه لم يهتم بمستقبله ولم يفكر في غدر الزمن، فقد خرج من نجوميته العالمية خالي الوفاض ولم يشتر لنفسه حتى شقة يقطن فيها، فصار يتنقل بين الفنادق من غرفة لغرفة وهو في أرذل العمر. ومن فرط حسرته على ما فاته، أصيب بحالة نفسية صعبة صار معها يضرب رأسه في الحائط.

وفيات غامضة في كازينوهات القمار

قبل عامين اهتز المنتجع السياحي «مازاغان»، على خبر وفاة رجل الأعمال عبد القادر حمدون الذي كان يبلغ من العمر 55 سنة، داخل غرفته بالمنتجع. قالت قصاصات الأنباء إن وفاة المستثمر الدكالي تمت في ظروف غامضة.

عثر على عبد القادر جثة هامدة داخل غرفته بالمنتجع السياحي الفخم، وشرعت مصالح الدرك الملكي التابعة للمركز القضائي بالجديدة وسرية الحوزية، في أبحاثها لتحديد أسباب الوفاة الغامضة، بينما ضربت دائرة المنتجع السياحي جدارا من الصمت حول القضية، ولم يصدر عنها أي بيان حول الواقعة، فيما طالبت أسرة الراحل حينها بنتائج التشريح الطبي، داعية في الوقت نفسه إلى التحقيق المعمق لمعرفة ملابسات الوفاة، سيما وأن الراحل كان من بين رجال الأعمال العصاميين، ويتحدر من منطقة الغنادرة دائرة الزمامرة، وكان يشتغل قيد حياته كتاجر جملة في الأجهزة الإلكترونية، بدرب غلف بمدينة الدار البيضاء، كما كان رجلا خيرا ومن أهم عناصر دوار حمدون، بحيث كان يتكفل بأضاحي العيد وعمل الخير، ومساعدة الجميع بالأفراح والشدائد، وعرف بأخلاقه العالية ومعاملته الطيبة.

فاجعة أخرى شهدها كازينو طنجة المسمى «لوساركل»، حيث تعرض مالكه ماركو، اليهودي الديانة، المغربي الجنسية، إلى طعنات غادرة من طرف شخص من أصحاب السوابق القضائية، قيل إنه أفلس بسبب لعبة القمار.

ولد ماركو وعاش في الدار البيضاء قبل أن ينتقل إلى طنجة، كان يتكلم اللغة العربية بطلاقة، وذا سمعة حسنة، حسب أصدقائه وجيرانه، حيث اختار الاستثمار في مطعم به كازينو. وبحسب بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني، فإن المتهم كان يتردد بشكل دائم على المطعم الذي يسيره ماركو، وهو مواطن مغربي يعتنق الديانة اليهودية، وذلك بغرض تلقي وجبات غذائية مجانية، قبل أن يدخل في خلاف مع الضحية، عرضه على إثره لاعتداء جسدي بواسطة سكين من الحجم الصغير تسبب في وفاته، خلال نقله إلى المستشفى. وترجح الأبحاث والإفادات الأولية، يضيف المصدر ذاته، ارتباط الجريمة بخلاف عرضي ناجم عن رفض المعتدى عليها لطلب الظنين الرامي إلى العمل كمياوم في المطعم الذي يتولى تسييره، خاصة وأن الجاني كان من هواة لعبة القمار.

مؤطر

تاريخ الكازينوهات بالمغرب.. متى دخلت ومن أدخلها؟

تعد أقدم بناية كانت تحتوي على فندق وكازينو بطنجة، سميت بـ«لبيرديكاريس»، أقيمت بشارع الحرية على أرضية سنة 1880، حيث يوجد حاليا فندق «المنزه»، وفي سنة 1914 تحولت إلى كازينو بعد شرائها من طرف إسباني الذي سماها بـ«الماريوم»، اشتغلت حتى سنة 1921، واندلعت فيها النيران لكنها بقيت صامدة حتى سنة 1928. حيث اشترتها شركة «رينتيستيكا»، وبعد إصلاحها تم تشييد فندق «المنزه» على بقاياها.

كان كبار الشخصيات الفرنسية في عهد المقيم العام ليوطي، يترددون على كازينو «مازاغان» في نسخته الأصلية، وكانت شركة «باكي» الفرنسية للملاحة هي من مسح هذا الكازينو، من خريطة المدينة، واشترطت الشركة لبناء فندق «مرحبا» ضرورة هدم كازينو المدينة الذي كان قد بني بين عامي 1935 و1936، وذلك حتى لا ينافس الكازينو الفندق الجديد، المتطلع إلى فرض نفسه كمنتوج سياحي جديد. وفعلا تم هدم الكازينو سنة 1953، لتطوى صفحته إلى الأبد، وبمجرد افتتاح فندق «مرحبا» أصبح مكانا مفضلا لهواة السهر والقمار.

وحسب بعض الكتابات التاريخية، فإن كازينو «السعدي» بمراكش يقدم نفسه كأول كازينو بالمغرب منذ سنة 1952، وهو تابع لمجموعة «السعدي غاردن إند ريزورت»، على مساحة تمتد لثمانية هكتارات، وسط المدينة الحمراء بالحي الشتوي الراقي، وهو الذي يحتضن مهرجان الرهان العالمي.

لكن بعض الروايات تجمع على أن القنيطرة كانت سباقة إلى إنشاء كازينوهات القمار، في مغرب الأربعينات، بسبب الوجود الأمريكي في هذه المدينة. حيث كانت هناك سيدة فرنسية تدعى مدام بريجيت تملك حانة يتردد عليها الأجانب، على وجه الخصوص، ولم يكن بها أي مكان للمغاربة. إلا أن بداية الخمسينات عرفت توافد جيل جديد من الشبان المحليين، الذين بدؤوا ينفتحون على الحياة، ويمزجون السهر بالقمار.

ذُكرت قصة هذه السيدة في عدد من الصحف الفرنسية، التي تناولت قصتها، أو تطرق إليها أحد الفرنسيين الذين كانوا يقيمون بالمغرب في ذلك الوقت، وكانوا يراسلون الجرائد الفرنسية التي كانت تنشر مقالات كثيرة عن المغرب. واكتسبت حانتها سمعة كبيرة في القنيطرة، واستطاعت منافسة الحانات الأمريكية، التي كانت تتوفر وقتها على أحدث تجهيزات القمار وآلات اللهو.

ويرى بعض الباحثين في تاريخ الملاهي، بأن «كاباريه» في ملكية المطرب اليهودي سليم لهلالي بالدار البيضاء، كان يحمل اسم «الديك الذهبي»، قد شهد في نهاية الأربعينات من القرن الماضي مباريات عاصفة في القمار، بين كبار المستثمرين اليهود، حيث كانت تخصص لهم غرف خاصة لممارسة هوايتهم.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى