النعمان اليعلاوي
يستمر مشروع قانون الإضراب في إثارة الجدل والانقسام بين الحكومة والنقابات، حيث يواجه رفضا واسعا من جانب المنظمات النقابية، التي ترى فيه تقييدا للحريات النقابية وحقوق العمال. وفي الوقت الذي تؤكد فيه الحكومة أن القانون يهدف إلى تنظيم ممارسة الإضراب وضمان التوازن بين الحقوق والواجبات، تصر النقابات على اعتباره تهديدا صريحا لحرية الإضراب المكفولة دستوريا.
وفي سياق مناقشة مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بمجلس المستشارين، تتوالى الاعتراضات من الفرق والمجموعات النقابية التي تعتبر المقتضيات الواردة في النص الحالي تقييدية، وتفتقر إلى ضمانات حقيقية لحماية حقوق العمال. وطالبت كل من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد المغربي للشغل بإعادة طرح المشروع للنقاش ضمن إطار الحوار الاجتماعي، بدلا من محاولة تمريره بصيغته الحالية.
وفي هذا الإطار، اتهم الاتحاد المغربي للشغل الحكومة بعدم الجدية في الحوار، مشيرا إلى أن التعديلات التي طالت النص، وعلى رأسها حذف العقوبات السالبة للحرية، مجرد تغيير شكلي يخفي عقوبات مالية مرهقة تجعل العمال مهددين بالإكراه البدني، في حال عجزهم عن السداد. ووصف الاتحاد المشروع بأنه انحياز واضح لصالح أرباب العمل على حساب العمال، حيث تركز مواده على تقييد ممارسة الإضراب، بدلا من تنظيمه وضمان حقوق المضربين.
وأكد نورالدين سليك، رئيس فريق الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين، أن النقابة ستواصل التصدي لهذا المشروع بكل الوسائل النضالية، مشددا على ضرورة إعادة صياغة القانون بما يضمن حماية الحريات النقابية. وأضاف أن الحكومة فشلت في إشراك النقابات بشكل حقيقي ومسؤول في مناقشة مشروع القانون، داعيا إلى إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي الذي يُجَرِّمُ الإضراب، وتعزيز جهاز تفتيش الشغل لضمان احترام قوانين العمل.
كما أعلنت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل خوضها المزيد من الاحتجاجات، بسبب «إصرار الحكومة على تمرير مشروع القانون التنظيمي للإضراب دون تفاوض أو توافق حوله، في ضرب صارخ للاتفاقات والتعاقدات الاجتماعية». وأضافت أن الحكومة لم تأخذ «بمختلف التعديلات الجوهرية المقترحة لصيانة حق الإضراب، باعتباره حقا يقره الدستور والمواثيق الدولية».