حسن البصري
في غمرة الإقبال على الدوري السعودي، أعلنت الهيئة الإعلامية لنادي الأهلي السعودي، عبر صفحتها الرسمية، تعاقد إدارة الفريق مع المشجع الرجاوي زكرياء القاضي، المعروف بلقب «سكوادرا». البلاغ أوضح أن الهدف من الارتباط هو قيادة مدرج الفريق وزرع الحماس في اللاعبين من خلال أهازيج تساهم في استقطاب أعداد كبيرة من المشجعين الأهلاويين.
إلى عهد قريب كان «سكوادرا» قائدا برتبة «كابو»، وكان أيضا قائد أوركسترا الجمهور الرجاوي المقيم بالفيراج الجنوبي للملعب، قبل أن يؤدي ضريبة القيادة ويقضي شهورا خلف قضبان سجن عكاشة استغلها في إعادة ترتيب جوقته.
حين تعاقدت إدارة الأهلي السعودي مع نجوم عالميين، أمثال رياض محرز وغابرييل فيغا، في صفقات خيالية، كان لابد من ضم مشجع أشبه ببطارية للمدرجات، تزرع الحماس في نجوم قادمين من ملاعب يسكنها دفء الجماهير.
إذا قبل «سكوادرا» ببنود العقد وشرع في مهامه ونجح في إيقاظ غريزة التشجيع الراقدة، فسيسدي خدمة لمشجعين يحلمون بالاحتراف في الدوريات المدرة للرزق، والتي لا يخفي فيها المشجعون ملامح وجوههم وراء أقنعة خوفا من المداهمات.
للأمانة التاريخية فإن كثيرا من «قادة» المدرجات تعاقدوا مع فرق خليجية على سبيل الإعارة تارة، أو بشكل نهائي تارة أخرى، في محاولة للقطع مع تشجيع مهدد بـ«الوي كلو»، ومؤازرة يراق حول جوانبها الدم.
قبل عشرين سنة خلت، تعاقد نادي العين الإماراتي مع مشجع رجاوي اسمه هشام العزوزي، الذي ترك طبله يتيما وهاجر إلى مدرجات الفريق العيناوي بغاية تأطير مشجعي الفريق ووضع خبرته الطويلة في مدرجات الملاعب المغربية رهن إشارته. تضمن الارتباط مجموعة من الشروط التعاقدية التي تجعل هشام ومكبر صوته وقوافيه في خدمة العين.
كان نادي العين يود التعاقد مع ثلاثة مشجعين رجاويين: العزوزي الشهير بلقب «الكربة» وهشام الشعب ومصطفى رشيق، بعد أن لفتوا الأنظار بالمدرجات قبل ميلاد حركة «الإلتراس» التي تمردت على القوافي القديمة وصنفتها في خانة الشعر الجاهلي.
الطريف في حكاية هذا المشجع أنه انتقل، في فترة لاحقة، إلى نادي الجزيرة في أبوظبي، كأي لاعب يغير ناديا بآخر بحثا عن سطور جديدة في مساره، لكن هشام عاد إلى العين وساهم من المدرجات في نيل النادي البنفسجي الكؤوس والبطولات، بل وانضم إليه مشجع ودادي يدعى كريم تخصص في صناعة «التيفوهات».
ذات يوم التقيت هشام في ملعب القطارة بالعين خلال دورة العين الدولية للشباب، ولاحظت مدى الإحراج الذي أصابه، وهو يعيش موقفا لم يخطر على باله، حين وجد نفسه مضطرا لتشجيع العين الإماراتي في مواجهته للرجاء، قبل أن يلجأ لشهادة طبية تعفيه من تهييج جمهور العين ضد فريقه الأم، وتجنبه تهمة العقوق.
في زمن انتداب المشجعين والتعاقد مع رواد المدرجات وصناع الفرجة الجماهيرية وكتاب الكلمات والملحنين ومبدعي اللوحات، كان لابد من شروط جزائية تعفيهم من التشجيع ضد فرقهم الأصلية، وتمنحهم حوافز في حال الظفر بالألقاب.
ينتقل مشجعون مغاربة، على سبيل الإعارة، إلى بلد آخر، لتشجيع فريق في إطار اتفاقية التشجيع المشترك، لكن العديد من المشجعين وضعوا رهن إشارة فرق محلية أخرى ولبوا دعوة مسؤوليها كلما مرت أنديتهم وجيوبهم من فترات الضيق.
حين انتقل نهضة الزمامرة إلى قسم الصفوة ضم المشجع الرجاوي الملقب بالشوالي، وحوله من مقلد لأشهر معلق عربي إلى قائد أوركسترا المدرجات، وبفضله ابتلي كثير من شباب المنطقة بـ«الحال» القادم من المكَانة.
في ظل التهافت على دوري «روشن» عرض مشجع مغربي بدون سوابق نفسه للبيع عبر موقع «أفيتو»، وحدد سعر الانتقال ملتمسا من الفرق الخليجية الاتصال بوكيل أعماله لكل غاية مفيدة.