شوف تشوف

الافتتاحية

مشاريع حالمة

كشفت حكومة سعد الدين العثماني، خلال مجلسها الأسبوعي لأول أمس (الخميس)، عن تفاصيل السجل الوطني الموحد الذي سيصبح القاعدة الوحيدة لولوج أي برنامج اجتماعي، بناء على رقم تعريفي مدني واجتماعي سيسجل به في السجل الوطني للسكان. لا يمكن لدافعي الضرائب سوى التنويه بأي خطوة تهدف إلى ضبط القاعدة الديمغرافية وتصنيف فئاتها لإنتاج سياسات عمومية فعالة وعادلة تستجيب لحاجيات الفئات الهشة، لكن التخوف أن نضيع مرة أخرى الكثير من الجهد والوقت والمال العام من أجل تحقيق لا شيء، كما حدث مع العديد من البرامج التي بشر بها طيلة عقود.

لقد حرصت حكومتا «البيجيدي»، منذ تسلمهما مفاتيح السلطة التنفيذية، على الترويج لقائمة طويلة من السياسات الاجتماعية التي تم الإعلان عنها طيلة السبع سنوات العجاف، ما أعطى الأمل كثيرا في تحسن مستوى المعيشة، والحالة الاقتصادية للمواطن، ورغم ذلك لم ير دافعو الضرائب أي نتائج مرضية من تلك المشروعات الحالمة التي تحولت إلى سراب.

واليوم شرعت حكومة العثماني في التبشير بمشروع السجل الاجتماعي الموحد، وتقديمه كعصا موسى التي ستخرجنا دون عناء من بحر الفقر والهشاشة والمعضلة الاجتماعية. ويجري التداول بشأن هذا المشروع لأرقام وردية وخطاب الالتقائية لـ100 برنامج حمائي ووكالة وطنية للإشراف على المشروع، لكن الهاجس أن يلقى هذا البرنامج نفس مصير الفشل الذي أصاب المشاريع التي سبقته.

المغاربة اليوم في أمس الحاجة إلى نتائج ملموسة على جيوبهم وموائدهم وصحتهم وتعليمهم وتشغيلهم، وليس إلى مشاريع على الورق ومخططات على «الماكيط» سرعان ما تتحول إلى وهم كبير ونكسة اجتماعية كما حدث مع برنامج التغطية الصحية «راميد» وبرنامج المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم ومشروع «مقاولتي» الذي وعد، منذ خمس سنوات، بإحداث 30 ألف مقاولة، أو برنامج «مدن بدون صفيح» أو مخططات الصحة السابقة.

لا ينبغي أن يشكل تحريك ملف السجل الاجتماعي الموحد الذي ظل مجمّدا لسنوات، ذريعة لرفع الدولة يدها على حماية الطبقة المتوسطة التي تتكبد ثقل الضرائب وتنشط الدورة الاقتصادية والسياسية، بحجة تكثيف الاستهداف الاجتماعي للطبقة الفقيرة. فالسجل الوطني ينبغي أن يكون قاعدة بيانات لصياغة الحلول الاجتماعية وليس لصناعة المشاكل وإثارة التوترات التي قد تتسبب فيها قرارات رفع الدعم التي ستلجأ إليها الحكومة بناء على أرقام سجلها. التخوف كل التخوف أن نعيد السباحة في نهر الفشل لمرات كثيرة ونحول حلما آخر لكابوس يقض مضاجعنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى