شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

مسدس في «الديربي»

حسن البصري

 

غدا سيتوقف نبض الدار البيضاء لينصت الجميع إلى نبض مباراة «ديربي» كأس العرش الملغومة. كلما حل موعد هذا اللقاء الكلاسيكي، ردد جمهور الرجاء مقاطع من أغنية «دخلة بوبكر»، حين اقتحم الملعب في مباراة جمعت فريقه الوداد بالرجاء، وأصر على وضع النقاط على الحروف.

تقول مقاطع الأغنية إن «السي بوبكر»، رئيس الوداد، قد هدد الحكم بالسلاح، لكن لا أحد يستطيع تقديم نصف دليل على إشهار بوبكر لمسدس، وحده شاعر المدرجات أصر أن تحمل الضرورة الشعرية عيارات ناريةـ حتى يكتمل مشهد الرعب.

سألت أبو بكر، قيد حياته، عن حكاية إشهار مسدس في وجه حكم «الديربي»، فنفى الواقعة، وحين واجهته بأهازيج الرجاويين قال إن الشاعر ليس مؤرخا.

اعترف لي رئيس الوداد الأسبق، رحمه الله، بإشهار سلاحه الناري في مباراة جمعت الوداد بالرجاء، ليس الرجاء الرياضي، بل رجاء أكادير وفي ملعب الانبعاث، كان حينها واليا للأمن في آسفي، وتنقل إلى سوس لمتابعة فريقه.

تلقى الوداد في اللحظات الأخيرة من المباراة هدفا كان مسجله في حالة تسلل، لكن حكم المباراة أصر على مشروعيته. ومن الصدف الغريبة أن الحكم كان ينتمي بدوره إلى سلك الأمن، حينها اقتحم أبو بكر الملعب وتوجه صوب الحكم، وقال له بالحرف: «اسمع واحد فينا اليوم غادي يخص»، فانتابت الحكم حالة من الرعب، وجاء حكم الشرط الذي أكد وجود لاعب في حالة تسلل. في هذا المشهد الذي لا يختلف كثيرا عن مشاهد الأفلام البوليسية، قرر الحكم إلغاء الهدف وإعلان نهاية المباراة. والطريف في هذه المواجهة أن معلق الإذاعة كان مرتبطا بموعد الحافلة، فغادر المباراة مباشرة بعد تسجيل هدف رجاء أكادير ونقل للمستمعين خسارة الوداد، دون أن يعلم بإلغاء الهدف.

في «ديربي» جمع الرجاء بالوداد سنة 1998، سيعود أبو بكر إلى عادته القديمة وسيقتحم الملعب ليس لإشهار مسدسه في وجه حكم، بل لمنع لاعبي فريقه من مغادرة الملعب احتجاجا على الحكم. كان يعلم علم اليقين أن الانسحاب سيكون له عواقب وخيمة على المدينة، وبحسه الأمني آمن بأن مغادرة لاعبي الوداد لأرضية الميدان، ستمنح للمشاغبين مبررا لممارسة الشغب.

أقسم الرجل بأنه حاول النزول إلى الملعب لمنع الوداد من الانسحاب، فتم تأويل هذا الموقف وقالوا إن اجضاهيم كان يحمل مسدسا يريد أن يصوبه نحو رأس الحكم. كان حينها يعيش أيام التقاعد ولم يكن في حوزته مسدس أو رصاص، فلا أحد من رجال الأمن يحتفظ بالمسدس والذخيرة بعد نهاية الخدمة.

كلما نزل أبو بكر إلى الملعب بحثوا عن مسدسه، تراجعوا إلى الوراء خوفا من تدخل مسلح، لذا أصدرت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في عهد الجنرال حسني بن سليمان قرارا بتوقيف اجضاهيم لمدة سنة، لكن عفوا سيصدر يقضي بإعادته إلى الملاعب، وإعلان المنصة الرسمية منطقة منزوعة السلاح.

في زمن مضى، كان مسيرو الشأن الكروي يتأبطون البنادق والمسدسات الكاتمة للصوت. يحكي الملك الحسن الثاني، في «ذاكرة ملك»، عن رجل اسمه كريم حجاج، شغل منصب رئيس سابق للرجاء، وتوجد اليوم صورته في مدخل إدارة النادي بالوازيس، كان وراء محاولة اغتيال ملك البلاد الحسن الثاني. لكن الرجاويين يعترضون على الاتهام ويصرون على أن محاولة اغتيال الملك من طرف المقاوم الشرس حجاج تمت قبل أن ينال هذا الأخير صفة رئيس نادي الرجاء، بعدما استفاد من عفو وردت تفاصيله في مذكرات الملك الراحل.

وكان لنجم الشباب البيضاوي رئيس يتأبط بندقيته اسمه بنحمو لفاخري، ويصر على أن يزرع الرعب في المباريات، إلى أن تمت تصفيته في مشهد تراجيدي.

في ملاعب الكرة بالأبيض والأسود، مسيرون حملوا السلاح وكلما صوبوه لرؤوس معارضيهم، صدر بيان يؤكد أن الموت كان بسكتة قلبية.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى