مستحضرات تجميل مزيفة وأخرى منتهية الصلاحية تغزو الأسواق المغربية
كوثر كمار
بالعاصمة الاقتصادية للمملكة (الدار البيضاء) تغزو السوق السوداء العديد من مستحضرات التجميل المقلدة ومنتهية الصلاحية، ومن تلك المستحضرات عطور ومزيلات روائح وكريمات خاصة بالبشرة وشامبوهات، وصبغات الشعر وغيرها. وتباع هذه المواد بسعر زهيد مما يجعل النساء يتهافتن على اقتنائها بكثرة.
أين تروج هذه المنتوجات؟ وما هي أسعارها؟ ومن أين تأتي ؟ وما هي عواقبها على الصحة؟ هذه الأسئلة وغيرها سنحاول الإجابة عنها من خلال هذا التحقيق.
الاقتصادية الدار البيضاء، حيث تتعالى أصوات الباعة الجائلين، فمنهم من يبيعون المناديل المبللة و»شامبو الشعر»، فيما آخرون يختصون في بيع مستحضرات التجميل على متن عربات متنقلة.
وتعرف هذه المواد إقبالا كبيرا من طرف العديد من الشابات، فلا أحد يمكن أن يصدق أن جميع أنواع «المكياج» لا يتجاوز سعرها خمسة دراهم.
«الأخبار» عاينت مستحضرات تجميل وعطورا تروج في الأسواق الشعبية تباع على الرصيف والعربات المتنقلة، في غياب أي شروط للحفظ، واكتشفت أن العديد منها مقلد ومنتهي الصلاحية بينما هناك منتوجات صينية تتكون من مواد مجهولة، دخلت إلى المغرب عن طريق التهريب.
السوق السوداء
يتاجر العديد من الباعة الجائلين في «المكياج»، باعتباره تجارة مربحة نظرا لإقبال النساء عليها بغض النظر عن مصدرها.
كريم، بائع متجول صادفناه بقيسارية «الحفاري»، بمدينة الدار البيضاء، حيث كان منهمكا في ترتيب مستحضرات التجميل على عربته المتنقلة.
استفسرناه عن سعر قلم للعيون، فأجاب بأنه يمكننا اقتناؤه مقابل «خمسة درهم فقط»، في حين أن شبيهه الأصلي يصل سعره إلى مائتي درهم، ويباع فقط في محل تجاري واحد بالمغرب يروج لتلك العلامة التجارية العالمية والمعروفة بجودتها وإقبال النجوم عليها.
فلم يكن لنا سوى محاولة استفزاز البائع من أجل الحصول على المزيد من المعلومات. وبعدما أخبرناه بأن القلم منتهي الصلاحية وغير صالح للاستعمال اضطر للكشف عن بعض التفاصيل محاولا الدفاع عن سلعته،
قائلا: «هذه المواد صالحة للاستعمال وغير ضارة، فكل ما في الأمر أنها تدخل إلى الأسواق المغربية عن طريق المناطق الحدودية، قبل أن يتم توزيعها في مختلف أنحاء المغرب عن طريق شبكات تجارية، فمعظم هذه المواد قادمة من إسبانيا ولجت الأسواق المغربية من مدينة مليلية، وتكون مصنعة في إسبانيا أو دول أوربية أخرى، بينما هناك مواد أخرى دخلت عبر الحدود الجزائرية». وأضاف أنه يبيع أيضا «مكياج» قادم من الصين، مؤكدا على أن مواد التجميل حتى لو كانت مقلدة فهي غير ضارة، وأنه دأب على بيعها منذ حوالي سنتين، ولم يسبق له أن تلقى أي شكاية من طرف زبوناته.
وكشف كريم في معرض حديثه أنه يحصل على مستحضرات التجميل من درب عمر، حيث تباع مختلف أنواع المواد بالجملة.
أوهمنا البائع بأننا اقتنعنا بكلامه فاشترينا منه كريم أساس وأحمر شفاه و»ماسكارا» وكل ذلك بخمسة عشرة درهما فقط.
بعد تفحصنا لمستحضرات التجميل اتضح أنها مقلدة ولا تتوفر على تاريخ مدة الصلاحية الذي تمت إزالته بعناية.
فتش عن المهربين
يرجع بالأساس انتشار مواد التجميل المقلدة ومنتهية الصلاحية إلى التهريب، فقد تكررت عمليات اعتقال المهربين الذين ينشطون في المناطق الحدودية.
ففي شهر أبريل من السنة الجارية تم العثور على مستحضرات تجميل منتهية الصلاحية، منذ سنة 2006 مهربة من الحدود الجزائرية في اتجاه المغرب، وذلك بالطريق الرابطة بين الطريق الساحلية وسلوان.
جمارك زايو وبتنسيق مع زمرة ميضار تمكنت من حجز سيارة من الحجم الكبير بلوحات ترقيم مزورة محملة بكمية مهمة تقدر بـ 8800 أنبوب من مواد التجميل المهرب من الحدود الجزائرية.
وفي نفس الشهر أيضا تم اعتقال شبكة متخصصة في ترويج مواد التجميل منتهية الصلاحية وأخرى مهربة بالأسواق الأسبوعية بضواحي مدينة الدار البيضاء، بعد أن أوقفت شخصا بصدد ترويج هذه المواد بالسوق الأسبوعي.
وقد تم توقيف المتهم واقتياده صوب مخفر الدرك الملكي، وحجز السيارة وحمولتها من مواد التجميل، وتم فتح بحث في الموضوع بتعليمات من النيابة العامة لدى ابتدائية برشيد، وحجز كميات مهمة من مواد التجميل منتهية الصلاحية والمهربة التي كانت معدة للبيع في الأسواق الهامشية للدار البيضاء بأحد المستودعات بدرب السلطان بالدار البيضاء.
مواد تجميل تحت أشعة الشمس
وبالرغم من ضبط وحجز كميات مهمة من مستحضرات التجميل المقلدة، إلا أنها مازالت تروج في السوق بشكل علني، ولتفادي هذه المنتجات يعد السعر هو أهم عامل في اكتشاف مستحضرات التجميل المقلدة، فإذا رأى المرء أن سعر المنتج زهيد بالنسبة للماركة التي يحملها، فإن هذا يعد قطعا مؤشرا على أنه ليس منتجا أصليا.
وبالإضافة إلى أن هذه المستحضرات مقلدة ومنتهية الصلاحية فهي عرضة لأشعة الشمس، مما يؤدي إلى حدوث تفاعلات كميائية تلحق أضرارا خطيرة بالجلد وفق ما أكده العديد من الخبراء.
سمية شابة في العشرين من عمرها واحدة من ضحايا مستحضرات التجميل المقلدة، إذ فقدت بريق بشرتها بعدما استخدمت كريم أساس وواقيا من الشمس بعشرين درهما من لدى أحد الباعة المتجولين بقيسارية الحي المحمدي بمدينة الدار البيضاء.
وتحكي سمية في حديثها مع «الجريدة»، أنها تفاجأت بظهور بقع سوداء على وجهها بعد مرور خمسة أيام على استعمالها واقي شمس وكريم أساس يحملان العلامة التجارية لـ «أحد أشهر الماركات العالمية». وتضيف الضحية أنها عندما ذهبت لاستشارة الطبيب اكتشفت أن بشرتها احترقت بسبب مواد التجميل التي تفاعلت مع الشمس، ثم تردف قائلة: «اشتريت مواد التجميل بعشرين درهما فقط واليوم، كلفني الدواء حوالي ألفين درهم من أجل استعادة نظارة بشرتي، فكما يقول المثل الغربي «عند رخصو تخلي نصو»«.wمعظم أقلام الشفاه التي عثرنا عليها بقيسارية «الحفاري»، تنبعث منها رائحة غريبة وبمجرد وضعها على الشفتين يتسرب إلى اللسان مذاق قوي، فضلا عن أن أحمر الشفاه ذائب بسبب تعرضه للشمس.
ومن بين الملاحظات التي يمكن تسجيلها عدم وجود أي ملصق يكشف عن مكونات هذه المواد مجهولة المصدر.
وقد كشفت العديد من التقارير أن أحمر الشفاه خاصة الصيني المقلد يتكون من مواد بيترولية بكثرة في صورة زيوت معدنية، ويجعل أحمر الشفاه أكثر ترطيبا للشفاه، وللأسف تمتصه الشفاه بسرعة وتبتلعه المرأة في أغلب الأحيان.
وقد حذرت دراسات جديدة من منتجات تجميلية كملونات أحمر الشفاه والأقلام منتهية الصلاحية أو المقلدة بسبب تأثيرها السلبي على الفم واللثة وقد يمتد تأثيرها على الأسنان أيضا.
عطور من روث الأبقار
إن كانت العديد من النساء يجهلن أن مستحضرات التجميل التي يشترينها مزورة ومهربة، فأخريات يعلمن بذلك ويقتنينها في سبيل البحث عن الجمال والأناقة بأقل تكلفة.
وتعد العطور من بين أكثر المنتوجات إقبالا خاصة المقلدة. والتي لا يتعدى ثمنها 20 درهما، رغم أنها تحمل أسماء ماركات عالمية.
ولا تباع هذه العطور على الأرصفة فقط، بل حتى داخل المحلات فهناك من يقوم بدمج العطور الأصلية بمواد غريبة أمام الزبائن، بينما آخرون يقدمون عطورا تحمل العلامة التجارية لأشهر الماركات بالعالم وهي مقلدة تباع بـ «مائة وخمسين درهما»، بدل سعرها الحقيقي والذي يتراوح ما بين ألف درهم وألف وخمس مائة درهم. وتزيل هذه العطور المقلدة رائحتها بعد مرور نصف ساعة على استعمالها، ويحرص مقلدو هذه العطور الشهيرة على عدم الكشف عن المكونات التي تم استخدامها، والاكتفاء بوضع تاريخ انتهاء الصلاحية وإتقان رمز العلامة التجارية لتمويه الزبناء.
هذا، وقد كشف أحد المختصين الدكتور «كيفن» عبر إحدى القنوات العربية، خلال الشهر الجاري أن زجاجة العطر «المقلدة» تحتوي على ما نسبته 30% من مواد معروفة الخصائص، فيما النسبة الأكبر من مكوناتها تحوي تركيبة غير واضحة.
وأضاف المختص ذاته، أن هناك ما يعرف بـ»البولة»، وهو محلول يأتي من روث الأبقار، يضاف عادة إلى العطور الرخيصة كي يكسبها اللون الأصفر، ويطيل هذا المحلول عمر المادة لثلاث سنوات تقريبا.
وتابع أن أغلب المواد التي تتكون منها المبيدات الحشرية الضارة تساعد في تركيب تلك النوعية من العطور الرديئة، والتي تتسبب بالعديد من الآثار الجسيمة على جسم الإنسان، كالإصابة بالربو والإجهاض وحالات كثيرة من الغثيان.
كما تحوي العطور على مثبت للرائحة ومادة الكحول ونسبة معينة من المرطبات التي في المقابل قد تتسبب بنتائج ضارة، ويصاب من يستعملها بأعراض تبدأ باستهداف الجهاز التنفسي والهرموني وأحيانا العصبي، وتظهر عنده الحساسية المفرطة ودموع العينين وأيضا وجع الرأس والدوخة.
نادية رضوان دكتورة أخصائية في أمراض الجلد والجهاز التناسلي : «مواد التجميل المقلدة والفاسدة تقتل خلايا البشرة وتشكل خطرا على صحة النساء»
تشكل مستحضرات التجميل المقلدة ومنتهية الصلاحية خطرا على بشرة العديد من النساء، وهذا ما أكدته نادية رضوان أخصائية في الأمراض الجلدية والجنسية خلال حديثها مع «الأخبار». وأوضحت أن هناك بعض مواد التجميل تروج في الأسواق خاصة درب عمر ولدى الباعة الجائلين، وهي غير معروفة ومنتهية الصلاحية، بينما هناك مستحضرات مقلدة وهي تحمل العلامة التجارية العالمية، مضيفة أنها تتكون من مواد مجهولة وغير صحية وتتعرض لأشعة الشمس مما يؤدي إلى حدوث تفاعلات كيميائية تؤثر على البشرة.
وكشفت الأخصائية في الأمراض الجلدية أن مواد التجميل الفاسدة والمقلدة تعرض البشرة لحساسية مفرطة، بالإضافة إلى تغيير لونها، إذ يصبح داكنا كما تظهر بقع سوداء وهالات على البشرة، مع نمو كثيف للشعر على مستوى بشرة الوجه.
وحذرت نادية رضوان من استخدام «شيرلي» وجميع مواد التجميل التي تعتمد على «كورتيكويت» باعتبارها مادة قاتلة لخلايا البشرة، وتحدث التجاعيد المبكرة. فالبرغم من أن هذه المستحضرات قد تعطي لمعانا ونظارة للبشرة، إلا أنها سرعان ما تنعكس نتائجها السلبية على وجه المرأة، إذ يصعب حينها العلاج.
هذا، وقد أكدت الطبيبة المختصة في أمراض الجلد أن مواد التجميل المقلدة والفاسدة خاصة التي تتوفر على نسبة من القطران تعد من العوامل الثانوية التي تسبب في سرطان الجلد، وذلك عندما يصبح الجلد مرهفا وقابلا لتسرب أشعة الشمس إليه.
وترى المتحدثة ذاتها، أنه في الوقت الذي تتعرض بشرة عدد من السيدات لمشاكل صحية، فأخريات يتمتعن ببشرة جيدة بالرغم من استخدامهن لمساحيق تجميل مقلدة وغير معروفة. وذلك راجع بحسبها إلى اختلاف نوع البشرة ودرجة تحملها.
فهناك مواد تجميل طبية إلا أن بعض المكونات غير صالحة للبشرة الحساسة ويجب أن تكون خالية من المواد الحافظة والكحول، لأنها لا تناسب ذوي هذه النوعية من البشرة في حين أخريات تلائمهن تلك المستحضرات.